الخميس 19 Sep / September 2024

انخفاض قيمة الروبل.. ما تأثير ذلك على اقتصاد روسيا في زمن الحرب؟

انخفاض قيمة الروبل.. ما تأثير ذلك على اقتصاد روسيا في زمن الحرب؟

شارك القصة

ناقش مراسل "العربي" في موسكو أسباب تراجع سعر الروبل الروسي مقابل الدولار (الصورة: أسوشييتد برس)
يؤثر التضخم الناجم عن انخفاض قيمة الروبل على ذوي الدخل المنخفض، لأنّهم ينفقون أكثر على الضروريات مثل الطعام.

خلال الأشهر الأخيرة، سجّل الروبل الروسي مستويات منخفضة أمام الدولار، ما دفع البنك المركزي الروسي إلى رفع أسعار الفائدة في محاولة لوقف التدهور في قيمة العملة المحلية.

والإثنين الماضي، تراجع سعر صرف الروبل إلى أدنى مستوى في 16 شهرًا مقابل الدولار، حيث خسر 30% من قيمته.

ما سبب انخفاض قيمة الروبل؟

انخفضت نسب تصدير البضائع الروسية إلى الخارج، وينعكس ذلك بشكل أساسي في انخفاض الإيرادات من النفط والغاز الطبيعي، مقابل ارتفاع الاستيراد.

وهو ما يدفع الشركات المستوردة إلى شراء العملات الأجنبية مثل الدولار أو اليورو، ما يؤدي إلى انخفاض سعر صرف الروبل.

يُضاف إلى ذلك، تقلّص الفائض التجاري لروسيا، بمعنى أنها تبيع سلعًا أكثر مما تشتري. في السابق، شهدت روسيا فائضًا تجاريًا كبيرًا والذي يدعم العملة المحلية، بسبب ارتفاع أسعار النفط وتراجع الواردات بعد الحرب على أوكرانيا.

لكن أسعار النفط تراجعت هذا العام، وبات من الصعب على روسيا بيع نفطها بسبب العقوبات الغربية، بما في ذلك تحديد سقف لأسعار النفط الخام والمنتجات النفطية مثل الديزل.

في غضون ذلك، بدأت الواردات بالانتعاش بعد حوالي عام ونصف العام من الحرب على أوكرانيا، حيث وجد الروس طرقًا للالتفاف على العقوبات. وتمّ إعادة توجيه بعض التجارة إلى الدول الآسيوية التي لم تلتزم بالعقوبات. ووجد المستوردون طرقًا لشحن البضائع عبر الدول المجاورة مثل أرمينيا، وجورجيا، وكازاخستان.

وفي الوقت نفسه، عزّزت روسيا الإنفاق الدفاعي، وضخّت الأموال في الشركات المصنّعة للأسلحة على سبيل المثال.

وبينما يجب على الشركات استيراد قطع الغيار والمواد الخام، يحصل العمال الذي يستوردون البضائع على أموال الدولة.

ويساعد الإنفاق الحكومي، إلى جانب رغبة الهند والصين في شراء نفط روسيا، الاقتصاد على أداء أفضل مما توقّعه الكثيرون. والشهر الماضي، توقّع صندوق النقد الدولي نمو الاقتصاد الروسي بنسبة 1.5% هذا العام.

لماذا رفع البنك المركزي أسعار الفائدة؟

مع انخفاض قيمة الروبل، ولمحاربة التضخّم، رفع البنك المركزي أسعار الفائدة من 8.5% إلى 12% في اجتماع طارئ الثلاثاء بعد أن انتقد مستشار الكرملين الاقتصادي انخفاض الروبل.

ويؤدي ضعف الروبل إلى تفاقم التضخّم عن طريق زيادة تكلفة الواردات بالعملة الروسية. كما يؤثر ضعف الروبل على الأسعار. وبلغ معدل التضخم 7.6% خلال الأشهر الثلاثة الماضية.

ويؤدي رفع أسعار الفائدة إلى زيادة تكلفة الحصول على القروض، وهو من شأنه أن يحد من الطلب المحلي على السلع، بما في ذلك الواردات. لذلك يُحاول البنك المركزي تهدئة الاقتصاد المحلي لخفض التضخم.

ما تأثير العقوبات الغربية؟

تؤثر العقوبات الغربية على الاقتصاد الروسي، حتى لو لم تؤدِ إلى انهياره.

وانخفضت الصادرات وبالتالي قيمة الروبل، لأن الحلفاء الغربيين قاطعوا النفط الروسي وفرضوا سقفاً لأسعار صادرات النفط إلى الدول غير الغربية. كما تمنع العقوبات شركات التأمين أو الشحن في الغرب، من التعامل مع النفط الروسي الذي يبلغ قيمته فوق 60 دولارًا للبرميل.

وأجبر الحد الأقصى والمقاطعة الغربية روسيا على بيع نفطها بأسعار مخفّضة، واتخاذ خطوات باهظة الثمن مثل الحصول على أسطول من الناقلات التي لا تخضع للعقوبات.

ومع ذلك، قالت وكالة الطاقة الدولية في تقرير في أغسطس/ آب الحالي: إنّ ارتفاع أسعار النفط في الآونة الأخيرة أدى إلى ارتفاع تكلفة إمدادات موسكو التي تتخطّى السعر المحدد.

وتراجعت عائدات النفط بنسبة 23% في النصف الأول من هذا العام، لكن روسيا لا تزال تكسب 425 مليون دولار يوميًا من مبيعات النفط، وفقًا لكلية كييف للاقتصاد.

ويُظهر الانتعاش في الواردات أنّ روسيا تجد طرقًا للالتفاف على العقوبات والمقاطعة الغربية.

هل تواجه روسيا أزمة اقتصادية؟

أوضح كريس ويفر، الرئيس التنفيذي لشركة "Macro Advisory Partners"، لوكالة أسوشييتد برس، أنّ انخفاض الروبل هو "انعكاس جزئي لتأثير العقوبات، لكنه لا يشير إلى أزمة اقتصادية كامنة".

ساعد انخفاض قيمة الروبل ميزانية الدولة، وهذا يعني المزيد من الروبلات مقابل كل دولار من أرباح النفط والمنتجات الأخرى التي تبيعها روسيا. ويُعزّز ذلك الإنفاق على الجيش وعلى البرامج الاجتماعية الهادفة إلى الحد من تأثير العقوبات على الشعب الروسي.

وأضاف ويفر أنّه في ظل العقوبات والقيود المفروضة على نقل الأموال إلى خارج البلاد، فإن البنك المركزي يتحكّم بسعر صرف الروبل إلى حد كبير، ويمكنه إخبار المصدرين الرئيسيين بموعد تحويل أرباحهم بالدولار إلى العملة الروسية".

من جهته، أوضح جانيس كلوج، خبير الاقتصاد الروسي في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، لوكالة أسوشييتد برس، أنّ تراجع سعر الروبل "ليس موضع ترحيب كبير" في الكرملين.

وقال: "على الرغم من أنها ليست أزمة كاملة، إلا أنّها أقرب إلى مشكلة اقتصادية حقيقية منذ بداية الحرب"، مضيفًا أنّ الفوضى عند بداية فرض العقوبات كانت أسوأ بكثير.

وشرح أنّ أي زيادة للميزانية يقابلها ارتفاع الإنفاق على الأجور الحكومية والمعاشات التقاعدية، والتي ترتبط بالتضخّم الناجم عن انخفاض الروبل.

وقال: "لا ترحّب الحكومة الروسية بأي أمر قد يعطي انطباعًا عن ضعف أو عدم استقرار الاقتصاد، خاصّة أن موسكو تنظر إلى سعر الصرف على أنه أهم مؤشر على صحة الاقتصاد".

يؤثر التضخم الناجم عن انخفاض قيمة الروبل على ذوي الدخل المنخفض، لأنّهم ينفقون أكثر على الضروريات مثل الطعام. كما يؤدي انخفاض سعر الروبل إلى ارتفاع تكلفة السفر إلى الخارج.

وفي حين أنّ ارتفاع أسعار الفائدة سيضعف النمو الاقتصادي ويخفف بعض الضغط على الأسعار، فمن غير المرجح أن تتراجع الحكومة عن الإنفاق العسكري.

تابع القراءة
المصادر:
ترجمات
Close