دخل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير في "سجال إعلامي" بعد قرار الأخير تقليص زيارات الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
وكان بن غفير أوعز بتقليص زيارات عائلات الأسرى الفلسطينيين من الضفة الغربية في السجون من مرة كل شهر إلى مرة كل شهرين، على أن يسري القرار بدءًا من الأحد المقبل، بحسب ما نقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية.
ووفقًا للصحيفة الإسرائيلية، "يفترض أن يتم تطبيق التوجيه ابتداء من الأحد، ويشمل حوالي 1600 أسير، من أصل حوالي 5000 أسير"، فلسطيني في سجون الاحتلال.
نتنياهو يعترض على قرار بن غفير
وعقب ذلك، أصدر مكتب نتنياهو بيانًا نفى فيه أن يكون قد جرى إقرار تقليص الزيارات، مشيرًا إلى أن جلسة ستجري بهذا الخصوص بحضور الجهات الأمنية المختصة الأسبوع المقبل.
وقال مكتب نتنياهو: "لم يتم اتخاذ القرار بهذا الخصوص إلى حين عقد جلسة الأسبوع المقبل باشتراك شتى الأذرع الأمنية".
وعلى الفور، اعتبر رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين، قدورة فارس، أمس الجمعة، أن قرار بن غفير تقليص زيارات عائلات الأسرى سيكون "عنوان الانفجار" بالمرحلة القادمة.
ووصف فارس القرار بـ "السلوك الانتقامي، والعنصري الذي يراد من خلاله إلحاق الأذى بالأسرى، وعائلاتهم والمساس بحقوقهم الأساسية، وبشكل يتعارض حتّى مع القوانين والأنظمة الإسرائيلية، والقانون الدولي".
أكثر من ألف معتقل منذ مطلع العام.. سلطات الاحتلال توسع دائرة الاعتقال الإداري#فلسطين pic.twitter.com/PBSo2Z1gW1
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) May 25, 2023
من جهتها، وصفت حركة "حماس" قرار بن غفير بـ "الجريمة والسلوك الفاشي"، مشددة على أن "هذا القرار لن يفتّ في عضد الأسرى، أو يكسر إرادتهم".
وأضافت الحركة في بيان لها: "لن يجني بن غفير وحكومة الاحتلال بهذه القرارات، إلا مزيدًا من التصعيد والمقاومة الصلبة".
من جانبه، عقّب مكتب بن غفير على بيان مكتب نتنياهو قائلًا: إن "القرار صدر بضرورة العمل على تقليص زيارات الأسرى وفقًا لأنظمة إدارة السجون المتبعة وهي زيارة واحدة كل شهرين".
وأضاف مكتب الوزير الإسرائيلي المتطرف أنه جرى إبلاغ مفوضية إدارة السجون بالأمر في 27 من أغسطس/ آب المنصرم، إذ جرى توضيح أنه لا يوجد أحد فوق القانون وأنه يتوجب عليها تطبيق القرار، وفق البيان.
"توقيت غير مناسب"
أما على صعيد موقف أجهزة أمن الاحتلال فقد نقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن محافل أمنية قولها: إن توقيت قرار كهذا وغداة الأعياد اليهودية والتصعيد الأمني ليس مناسبًا وخاصة في ظل عدم موافقة الأمن على هذه الخطوة.
فيما هاجم بن غفير مفوضة إدارة السجون كاتيا بيري وجهاز "الشاباك" قائلًا: "ترغب إدارة السجون والشاباك بالحفاظ على الهدوء والوزير بن غفير غير مستعد للسماح باستمرار المخيمات الصيفية في السجون".
وتابع أن "الأجهزة الأمنية ترسل برسالة ضعف تجاه الأسرى".
وهاجم بن غفير إدارة السجون في تغريدة له عبر منصة "إكس" (تويتر سابقًا) قائلًا: "لا يمكن لإدارة السجون تجاهل تعليماتي".
إحراج المؤسسة الأمنية
وتعليقًا على السجال بين نتنياهو وبن غفير، يرى إمطانس شحادة الباحث في مركز مدى الكرمل، أن قرار بن غفير نابع من عدم اهتمامه بموقف المخابرات والجيش في أيّ قرار يتخذه بشأن الأسرى والقضية الفلسطينية عمومًا.
ويذكّر شحادة في حديث إلى "العربي" من حيفا، بالوعود الانتخابية لبن غفير بشأن مسألة التعامل مع الأسرى الفلسطينيين، حيث تعهد بزيادة معاناة هؤلاء داخل السجون الإسرائيلية.
ويؤكد أنّ وزير الأمن القومي الإسرائيلي "يعمل من منطلق قناعات يمينية وفاشية يريد فرضها على المؤسسة الإسرائيلية وعلى حكومة نتنياهو"، مشيرًا إلى أنها ليست المرة الأولى التي يحدث فيها الجدل.
ويقول: "في المجمل فإنّ بن غفير يفرض شروطه في النهاية ويمرر سياساته ضد الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية".
وإذ يعتبر أن بن غفير يحاول إحراج المؤسسة الأمنية ولا يهتم بالرأي العام بل فقط بمؤيديه، يؤكد أن بن غفير ينفذ وعود حملته الانتخابية مستغلًا في ذلك الضعف السياسي لنتنياهو في الوقت الراهن.
ويبين شحادة أن نتنياهو "لا يريد إشكاليات إضافية داخل الحكومة ولذلك سيعمد إلى إلغاء أو تأجيل أو إقرار صياغة جديدة لقرار بن غفير ودعمه من المؤسسة الأمنية كي يجنب الشرخ في الحكومة كون نتنياهو هو رهينة للأحزاب المتطرفة ولا توجد إمكانية لإقامة تحالف بديل للتحالف الحالي لأن أي تفكك سيؤدي لانتخابات جديدة".
ويخلص إلى أنّ بن غفير هو "المسؤول عن مصلحة السجون، لكن في حال كان قرار من الحكومة المصغرة فيمكن تغييره، كون بن غفير يهدف إلى التنكيل بالأسرى السياسيين ومعاقبتهم وعائلاتهم".