احتل اللاجئون السوريون العام الماضي المركز الأول من حيث أعداد المهجرين في العالم بحسب تقرير للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وذكرت المفوضية في تقريرها أن عدد هؤلاء اللاجئين بلغ أكثر من 6 ملايين و600 ألف شخص، من بينهم أكثر من 5 ملايين تستضيفهم دول جوار سوريا ويعانون أوضاعًا اقتصادية واجتماعية وإنسانية بالغة الصعوبة.
يأتي ذلك وسط احتدام الجدل في الدول المستضيفة للاجئين السوريين بشأن ضرورة عودتهم إلى بلادهم، ونقاش حول ما إذا كانت العودة يجب أن تكون طوعية أو قسرية أو وفق خطط ممنهجة.
وزير الخارجية وشؤون المغتربين الأردني أيمن الصفدي قال إن المملكة لن تكون قادرة على استقبال مزيد من اللاجئين، أما حكومة تصريف الأعمال اللبنانية فمشغولة وفق رئيسها نجيب ميقاتي بموجات نزوح سوري جديدة عبر ممرات وصفها بـ"غير الشرعية".
بدورها، تؤكد تركيا على لسان وزير خارجيتها على ضرورة تسهيل ما تقول إنها "عودة طوعية" للاجئين.
وتزامن الجدل حول اللجوء السوري في دول الجوار مع تطورات داخل سوريا تشي بمزيد من موجات النزوح والتهجير. فمنطقة جبل الزاوية في ريف إدلب الجنوبي تشهد حركة نزوح لعشرات العائلات من بعض البلدات والقرى إلى المناطق الآمنة نسبيًا تحت وطأة استمرار تصعيد قوات النظام السوري وبعض حلفائه.
يضاف إلى ذلك حملات النظام السوري الأمنية في المناطق الجنوبية التي تشهد حركًا متصاعدًا، وكذلك المعارك المندلعة منذ مدة شرقي البلاد بين قوات سوريا الديمقراطية ومقاتلي العشائر.
ما أسباب استمرار تدفق اللاجئين السوريين لدول الجوار؟
وفي هذا الإطار، أكد مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني أن عودة هؤلاء اللاجئين إلى سوريا لن تكون آمنة في ظل الانتهاكات "الجسيمة" التي ترتكب بشكل كبير جدًا، واصفًا إياها بـ"الأسوأ في العالم".
وفند عبد الغني في حديث إلى "العربي" من اسطنبول هذه الانتهاكات، لافتًا إلى أنها تتنوع بين القتل الذي يصل إلى الجرائم ضد الإنسانية، والاعتقال التعسفي خارج نطاق القضاء، والاختفاء القسري، إضافة إلى التعذيب.
ورأى أن دول الجوار تضغط لإعادة الاجئين بسبب غياب الحل السياسي في سوريا، ونظرًا إلى تراجع التبرعات في ظل استمرار النزاع السوري منذ عام 2011 مع تدفق موجات لجوء جديدة.
ولفت إلى هذا التدفق للاجئين إلى دول الجوار يستمر بسبب الانتهاكات وعدم معالجة أصل النزاع والذي يجب أن يتم حله من خلال انتقال سياسي للسلطة.
وأوضح أن حتى المناطق الخارجة عن النظام كمناطق المعارضة تشهد اعتقالات تعسفية وبالتالي هي ليست آمنة على حد تعبير عبد الغني.
"الأسد لا يغرب بعودة اللاجئين"
من جهتها، تشدد المحامية المتخصصة بالقانون الدولي والباحثة في شؤون الهجرة ديالا شحادة على أن حكومات الدول المجاورة لسوريا لا تلام على طلبها إيجاد حل لأزمة تتعلق بشعب مجاور، مؤكدة أن تداعيات الأزمة السورية لم تؤثر فقط على مستوى تدفق اللاجئين، وإنما على مستويات أمنية واقتصادية أخرى وخصوصًا في دولة مثل لبنان.
وتقول في حديث إلى "العربي" من بيروت: إن المشكلة لا تتمثل بمطالبة تلك الحكومات بإيجاد حل لهذه الأزمة وإنما في توجيه اللوم والمسؤولية للضحايا وهم اللاجئون.
ودعت إلى توجيه البحث عن الحل "في الأماكن التي تحمل مفتاح الحل وخصوصًا نظام الأسد الذي يعبّر في سياساته عن عدم رغبته بعودة اللاجئين الذين هُجروا قسرًا بسبب سياساته".
شحادة اعتبرت أن "طلب العودة العاجلة لهؤلاء اللاجئين ليس واقعيًا لأنهم فارون من جرائم حصلت ولا تزال من دون تقديم ضمانات من قبل نظام الأسد لعدم تكرارها".
صندوق للمساهمة بعودة اللاجئين
وزير الداخلية الأردني الأسبق سمير حباشنة أشار إلى أن الأزمة السورية وأزمة اللاجئين ينطبق عليها القول: "من أشعل النيران يطفؤها"، معتبرًا أن العديد من الدول أسهمت بوصول الوضع في سوريا إلى ما هو عليه اليوم.
ولفت لـ"العربي" من عمّان إلى أن "الحل يحتاج إلى حزمة تتشارك فيها جميع الأطراف"، على غرار إصدار النظام السوري والحكومة السورية عفوًا حقيقيًا عن مواطنيها.
حباشنة قال: إن "عودة اللاجئين يجب أن تكون طوعية وآمنة وكريمة من خلال صندوق (تمويل) تساهم به جميع الدول التي أسهمت بالمشكلة بما فيها الحكومة السورية، ما يساعد بعودة اللاجئ بصورة كريمة".