انطلقت مباحثات السلام بين أذربيجان وانفصاليي ناغورني كاراباخ الأرمن الخميس في مدينة يفلاخ غداة تأكيد باكو استعادتها السيطرة على الإقليم المتنازع عليه، وفق ما ذكرت وكالة أنباء "أذرتاغ" الرسمية.
وأظهرت مشاهد بثتها الوكالة الأذربيجانية ستة رجال ببزات رسمية جالسين حول طاولة للتفاوض بشأن إعادة دمج هذا الإقليم تحت سيادة أذربيجان. وبدا بين الحضور ممثلان عن ناغورني كاراباخ هما أريغ أفاكيان ودافيد ملكونيان.
في غضون ذلك، سُمعت أصوات إطلاق رصاص في ستيباناكرت عاصمة الإقليم، وسط اتهامات وجهها الانفصاليون الأرمن في كاراباخ لباكو بانتهاك وقف اطلاق النار.
كما اتهمت أرمينيا أذربيجان أمام مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة، بارتكاب "تطهير عرقي" و"جرائم ضد الإنسانية" في الإقليم.
في المقابل، نفت أذربيجان أن تكون هاجمت عاصمة ناغورني كاراباخ.
وتأتي هذه التطورات في يوم من المقرر أن يعقد مجلس الأمن الدولي فيه جلسة طارئة دعت إليها فرنسا للبحث في أزمة الإقليم.
وكانت وكالة الأنباء الاذربيجانية قد أفادت بوصول وفد الانفصاليين صباح الخميس إلى يفلاخ. وأظهرت لقطات أوردتها الوكالة قافلة من السيارات رباعية الدفع سوداء تصل إلى مكان المفاوضات تلتها آلية رفعت العلم الروسي وحملت لوحات تسجيل للجيش الروسي.
باكو تستعيد السيطرة على كاراباخ
وفي أعقاب عملية عسكرية استمرت 24 ساعة وقال الانفصاليون إنها أدت الى مقتل العشرات، أعلن الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف الأربعاء أن بلاده "استعادت السيادة" على الإقليم بموجب اتفاق لوقف إطلاق النار شملت بنوده موافقة الانفصاليين على إلقاء أسلحتهم وإجراء محادثات مع باكو.
وأكد الانفصاليون أن الاتفاق يشمل انسحاب الوحدات العسكرية المتبقية وحلّ التشكيلات المسلحة ونزع سلاحها، وأن مباحثات اليوم الخميس "ستناقش القضايا التي أثارها الجانب الأذربيجاني بشأن إعادة الدمج وضمان حقوق وأمن أرمن ناغورني كاراباخ".
فيوم الثلاثاء، أطلقت باكو عملية عسكرية بعد مقتل أربعة شرطيين ومدنيَّين بانفجار لغمَين في كاراباخ متهمة الانفصاليين بالمسؤولية عن ما حصل.
آمال روسية وأميركية بوقف التصعيد
وأكّد الكرملين ليل الأربعاء أن قوات حفظ السلام الروسية المنتشرة في كاراباخ منذ عام 2020، ستتولى دور الوساطة في مباحثات السلام الخميس.
وأعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن أمله في أن تتيح المباحثات "التوصل الى خفض التصعيد... ونقل هذه المشكلة الى مسار سلمي"، وذلك خلال استقباله وزير الخارجية الصيني وانغ يي في وقت مبكر الخميس.
من جانبه، أعرب البيت الأبيض عن أمله في أن يؤدي التوصل إلى وقف إطلاق للنار في إقليم كاراباخ إلى "تجنب المزيد من العنف وعدم تدهور الوضع الإنساني".
وقال متحدث البيت الأبيض جون كيربي في تصريحات صحفية مساء الأربعاء: "تلقينا تقارير أولية عن احتمال التوصل إلى وقف لإطلاق النار في المستقبل القريب. ونأمل أن يؤتي ذلك ثماره ويتوقف العنف وألا يتدهور الوضع الإنساني".
وأضاف: "أكدنا مرارًا أن استخدام القوة غير مقبول على الإطلاق ويتعارض مع الجهود الرامية إلى تهيئة الظروف للسلام في المنطقة".
ناغورني كاراباخ محور نزاع
وشكّل إقليم ناغورني كاراباخ، الذي تبلغ مساحته 4400 كلم مربع وتقطنه غالبية من الأرمن، محور نزاع امتد لعقود. وخاضت الجمهوريتان السوفيتيتان السابقتان أذربيجان وأرمينيا حربين بشأنه، إحداهما بين 1988 و1994 راح ضحيتها 30 ألف قتيل، والثانية في 2020 انتهت بهزيمة يريفان.
وأجرت باكو ويريفان مباحثات سلام بوساطة غربية حققت بعض التقدم نحو إعداد نص سلام من دون التوصل لاتفاق ناجز. ووافقت يريفان على الاعتراف بكاراباخ كجزء من أذربيجان، لكنها طالبت بآليات دولية لحماية حقوق السكان.
مخاوف من تفاقم الأزمة الإنسانية
وأثار تجدد المعارك خشية من تفاقم الأزمة الإنسانية في الإقليم، والتي تتهم يريفان باكو بالتسبب بها منذ فترة نتيجة إغلاق ممر لاتشين، المعبر البري الوحيد بين أرمينيا وكاراباخ.
وأعلن أمين المظالم لشؤون حقوق الإنسان في المنطقة غيغام ستيبانيان أنه "تم إجلاء أكثر من 10 آلاف شخص من مناطق إقامتهم الأصلية" نحو أنحاء أخرى فيه، مشيرًا إلى افتقادهم "التغذية الملائمة والأدوية ومواد النظافة الأساسية".
وأكد ستيبانيان أن العملية العسكرية أدت إلى مقتل 200 شخص على الأقل وإصابة أكثر من 400 آخرين، مشيرًا الى وجود عشرة مدنيين على الأقل بين القتلى، خمسة منهم من الأطفال.