لم يشارك اللاعب المغربي نصير مزراوي أمس السبت بمباراة فريقه بايرن ميونخ أمام مضيفه ماينز، نظرًا لإصابة تعرض لها مع منتخب بلاده، وفقًا لما أعلنه النادي عقب اجتماع أعضاء من إدارته مع اللاعب قبل يومين.
وكانت إدارة النادي قد ناقشت موقف مزراوي من منشور أعلن فيه تضامنه مع فلسطين خلال العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، والذي خلف أكثر من 4600 شهيد.
وأمس السبت، فاز بايرن ميونخ على ماينز ضمن المرحلة الثامنة من الدوري المحلي بنتيجة 3-1، وأعلن النادي في بيان عقب الاجتماع مع مزراوي أن هذا الأخير "أكد بمصداقية أنه شخص محب للسلام ويرفض الإرهاب والحرب بشكل حازم ولم يقصد أبدًا التسبب في أيّ إزعاج بمنشوراته حول الهجوم على إسرائيل"، وفقًا لبيان النادي، الذي جدد التزامه دعم إسرائيل بعد عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري.
ومع قرار النادي عدم معاقبة اللاعب، وسط مطالبات برلمانية بطرده من بايرن أطلقها النائب في البوندستاغ يوهانس شتاينيغر، شنت صحيفة "بيلد" هجومًا عنيفًا على إدارة النادي، متهمة إياها بـ"دعم الإرهاب"، واصفة مزراوي "بداعم الإرهاب" فوق أرض الملعب، حسب زعمها.
ولم يكن ما نشره مزراوي على حسابه على منصة إنستغرام سوى مقطعًا صغيرًا يحتوي على صورة للقدس وآية قرآنية تُعبّر عن تعاطفه مع الفلسطينيين ودعمه لهم، لكن ذلك اعتبرته "بيلد" بعنوان لها فوق صورة النجم المغربي: "أنصارُ الإرهاب فوق الملعب؟ إنه أمرٌ لا يطاق"، ثم طلبت من اللاعب شرح ترحيبه بشعار الكراهية، وحذّرته من اللعب في ألمانيا إذا رفض التخلّي عن هذا الخطاب.
"بيلد" ودماء مجزرة مستشفى المعمداني
وبالعودة إلى صحيفة "بيلد" نفسها، وهي الصحيفة الأكثر شعبية في ألمانيا، فلم تكتف بهذا الضغط عمليًا على النادي وجماهيره، إذ لعبت الصحيفة التي تأسست عام 1953، دورًا في غاية الأهمية منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة، تولت خلاله الترويج لكل رواية تطلقها تل أبيب بشكل رسمي.
وتبنت "بليد" الرواية الإسرائيلية في استهداف مستشفى العربي الأهلي المعمداني، مساء الثلاثاء، الذي أوقع مئات الشهداء المدنيين، وبينهم أطفال، بل ولم تكتف بذلك، بل شنت هجومًا على صحيفة "الدستور" Tagesschau التي تساءلت فقط عن طبيعة "الانفجار" الذي وقع هناك، حيث قالت هذه الأخيرة إنه "من غير الواضح من المسؤول عن ذلك". ووصفت "بيلد" الرواية الإسرائيلية بأنها "أكثر معقولية"، حسب زعمها.
وأضافت الصحيفة في روايتها عن مستشفى المعمداني: "العالم وقع في فخ حملة حماس الدعائية"، متهمة هذه الأخيرة بالمبالغة في عدد الضحايا.
وأفردت "بيلد" العديد من المقالات والتحليلات لدعم الرواية الإسرائيلية بشكل منحاز لإسرائيل، ولم تتوان خلالها عن استعمال كلمات "العرب"، و"الإرهاب"، و"الأكاذيب"، وفقًا لوصفها.
"بيلد" والمدنيين داخل وخارج غزة
مسار الصحيفة خلال العدوان الإسرائيلي الحالي، والذي أسفر عن 4651 شهيدًا منهم 1873 طفلًا، إضافة إلى إصابة 14245 مواطنًا بجراح مختلفة في قطاع غزة، بحسب آخر إحصائية لوزارة الصحة الفلسطينية، لم يحد طوال فترة العدوان عن دعم إسرائيل بالكامل.
وقدمت "بيلد" تبريرًا صريحًا في قتل المدنيين بفلسطين، إذ استندت لروايات إسرائيلية تقول إن المدنيين من نساء وشيوخ وأطفال في غزة، شاركوا في عملية حماس على غلاف القطاع، يوم السابع من أكتوبر، حسب مزاعمها.
ومع خروج مظاهرات داعمة لفلسطين في ألمانيا، رغم تعرضها لقمع من الشرطة، وصفت الصحيفة المسيرات بـ"مظاهرة الكراهية ضد إسرائيل"، والمتظاهرين بـ"كارهي اليهود"، متجاوزة مسيرة نيويورك الضخمة التي شارك بها آلاف اليهود المناهضين لإسرائيل، والتي لا تختلف عن أي مسيرة منددة بالإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال في قطاع غزة.
ولم تكتف "بيلد" بذلك، بل تجاوزته إلى قيامها باستطلاع رأي، نفذه مركز INSA لصالحها، أعلنت فيه أن 71% من الألمان يرون أن "هجرة الأشخاص من الدول ذات الأغلبية المسلمة تمثل خطرًا أمنيًا كبيرًا على البلاد"، وهو استطلاع نشرته يوم الثلاثاء الماضي.
"بيلد" وأطفال غزة
"بيلد" الضالعة تمامًا في الترويج للدعاية الإسرائيلية، صوبت على الأمم المتحدة وتحديدًا مسؤولي "اليونيسف" بعد المطالبة بوقف استهداف الأطفال.
وقال المتحدث باسم اليونيسف، جيمس إدلر، قبل أيام: "قُتل وأصيب مئات الأطفال. في كل ساعة في غزة يرتفع عدد الأطفال الذين قتلوا".
هذا القول وصفته الصحيفة الألمانية، بأنها "عبارات قوية، لا تأتي إلا من ناشطين فلسطينيين" لا من مسؤولين في الأمم المتحدة.
وفي قتل الأطفال الفلسطينيين، أفردت الصحيفة صورة للمصور الفلسطيني مؤمن الحلبي، لرجل يحمل جثة لطفل ذكر من عائلة البنّا التي تسكن في حي الزيتون شمالي غزة، وقالت إنها صورة دمية بلاستيكية، وهو ما دحضه موقع "مسبار" سابقًا.
لكن صحيفة "بيلد"، التي نشرت تلك الصورة على أنها دمية وليست طفل قتله القصف الإسرائيلي، يوم 16 أكتوبر الجاري، لم تذكر أنها تبنت الرواية نفسها التي روج لها الصحافي الإسرائيلي إيدي كوهين عبر منصة "إكس" يوم 13 أكتوبر.
وتؤكد بيانات موقع "غيتي" للصور، أن الصورة التُقطت في 12 أكتوبر/ تشرين الأول الحالي، أي تزامنًا مع القصف الذي تعرض له حي الزيتون.
يذكر أن المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان قال: إن هجمات إسرائيل العسكرية على غزة تكشف سياسة دموية قائمة على القتل الممنهج والتدمير المروع، لافتًا إلى أن معدل قتل الأطفال والرضع الفلسطينيين غير مسبوق في تاريخ الحروب.
وقدر المرصد في بيان له، أمس السبت بأن معدل عدد الشهداء الأطفال والرضع بلغ 200 يوميًا بفعل هجمات إسرائيل المتواصلة على المدنيين في القطاع.