فضحت سقطات إخراجيّة جيش الاحتلال حيث كشفت التلاعب في المشاهد التي يخرج بها إلى العالم لتبرير جرائمه في قطاع غزة، وتحديدًا في مستشفى الشفاء.
فبعدما نشر من داخل المستشفى مقاطع مصوّرة لما قال إنّها مشاهد تؤكد وجود أسلحة للمقاومة داخل المستشفى، لم تدم الكذبة طويلًا.
فقد حذف حساب جيش الاحتلال الفيديو واستبدله بآخر فيه مقاطع معدّلة، لتصبح مدّته 6 دقائق و59 ثانية، بعدما كانت مدّته 7 دقائق و17 ثانية.
حاسوب محمول وأسلحة مزعومة في مستشفى الشفاء
تتبّعت وحدة التحقّق عبر المصادر المفتوحة في التلفزيون العربي خطوات الاحتلال وكشفت إخفاق ادّعاءاته.
ووجدت أنّ الجزء الأخير من الفيديو المحذوف احتوى على لقطة لحاسوب محمول ادّعى المتحدث باسم الجيش أنه يعود للمقاومة.
وبينما تظهر في الحاسوب صورة أوري مغيديش - الجندية الإسرائيلية التي زعم جيش الاحتلال أنّه حرّرها - تمّ إخفاء صورتها بالفيديو المعدّل بالإضافة إلى حذف توضيح للمتحدّث وهو يعرّف بها.
إلى ذلك، دقّق فريق العربي في تفاصيل الحاسوب المحمول؛ من قبيل الأزرار والعلامة والزرّ في منتصف لوحة المفاتيح، ليؤكّد أنّه من نوع Lenovo thinkpad T480.
ويُعرف هذا النوع من الجهاز بأنه لا يتضمّن أيّ قارئٍ للأقراص المدمجة، سواء كان من نوع CD أوDVD، وهو ما لا يفسّر ادعاء الاحتلال في الفيديو بعثوره على أقراص مدمجة إلى جانب الجهاز المحمول.
ولدعم مزاعمه، قام الاحتلال بنشر صور عبر موقعه على الإنترنت تظهر عددًا من قطع السلاح، والمتعلّقات التي عثر عليها، بحسب ما يدّعي. لكنّها لم تظهر في الفيديو المنشور.
ولدى قيام فريق "العربي" بتحديد زمان وتوقيت تصويرها، ظهر بحسب النتائج أنّها التقطت يوم 15 نوفمبر/ تشرين الثاني بين الخامسة واثنتين وأربعين دقيقة والخامسة وثلاث وخمسين دقيقة ظهرًا، وهو توقيتٌ لا يتطابق مع توقيت تصوير الفيديو.
فمن خلال التدقيق في ساعة اليد التي يرتديها جوناثان كونريكوس، المتحدّث الرسمي باسم الجيش الإسرائيلي، يظهر التوقيت على أنه عند الواحدة وثماني عشرة دقيقة، ما يعني أنّ الصور التُقطت بعد أربع ساعات على تصوير الفيديو، وهي مدّة كافية للتلاعب، وإضافة أسلحة تدعم رواية الاحتلال.
الأنفاق المزعومة في مستشفى الشفاء
وادّعت إسرائيل مرارًا وجود أنفاقٍ داخل مستشفيات غزة، وهو ما لم يظهر في لقطات الفيديو، وما أكّده أيضًا مراسل قناة فوكس نيوز الأميركية الذي قال في تغريدة له على حسابه، إنّ الأسلحة عُرضت عليهم داخل مستشفى الشفاء، لكن لم تظهر لهم أيّ أنفاقٍ في المستشفى.
الادّعاء نفسه سقط مرةً أخرى في فيديو آخر نشره أفيخاي أدرعي في 16 نوفمبر الجاري.
ففي هذه التغريدة، زعم أدرعي أنّ تلك المشاهد تعود إلى اكتشاف الاحتلال لفتحة أنفاقٍ تستخدمها المقاومة بالقرب من مستشفى الشفاء.
لكن تحقيق "العربي" تمكّن من تفنيد هذا الادّعاء أيضًا، حيث عمد بدايةً إلى تحديد الموقع الجغرافي لمكان الحفرة، من خلال مقارنة المعالم الجغرافيّة مع خرائط غوغل.
وبعد التدقيق بمعالم الفتحة والبحث عبر مواقع هندسيّة متخصّصة، تمكن فريقنا من التأكيد أنها عبارة عن مجرى خرساني للكابلات التي تنقل الطاقة الكهربائية إلى مبنى المستشفى، وتُستخدم لاحتواء الأسلاك الكهربائية وحمايتها، ويكون عمقها مترًا واحدًا تقريبًا تحت الأرض.
ويختلف هذا الارتفاع قليلًا حسب الطاقة الممرَّرة من خلال الكابلات، وهو ما يقارب ارتفاع الحفرة الظاهرة في المقطع.
ويؤيّد دليل ظاهر في المقاطع التي نشرها الاحتلال هذا الاستنتاج، حيث تظهر الأسلاك الكهربائية المتراكمة حول الحفرة، والتي تمرّ بالمجرى الخرساني الذي حاول تصويره جيش الاحتلال على أنه باب لأنفاق المقاومة.
هكذا، وكما هو الحال في سرديّات الاحتلال منذ بداية العدوان الذي يشنّه على قطاع غزة، يقود التدقيق في الرواية الإسرائيلية بشأن مستشفى الشفاء إلى نتيجة مؤكّدة أنها بروباغندا مضلّلة، لم يبذل الاحتلال جهدًا كافيًا لإخفاء زيفها.