يلقي الرئيس الأميركي جو بايدن الخميس، تحت قبة مبنى الكابيتول خطاب حالة الاتحاد السنوي، حيث يحاول أكبر رئيس للبلاد، تهدئة مخاوف الناخبين بشأن عمره وأدائه الوظيفي مع زيادة التناقض مع منافسه المؤكد في الانتخابات الرئاسية المقرّرة في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.
ويكتسب خطاب بايدن أهمية كبيرة، خاصّة أنه يأتي بعد يومين من "الثلاثاء الكبير"، والذي تُشير مؤشراته إلى مواجهة مرجّحة بينه وبين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب.
الحرب على غزة
وهذا العام، يُواجه بايدن احتجاجات متصاعدة خاصة بين قاعدته الداعمة، بسبب موقفه الداعم لإسرائيل في حربها على غزة.
وكان البيت الأبيض يأمل في التوصّل إلى وقف لإطلاق النار على المدى القصير بحلول الخطاب، وألقى اللوم على "حماس" لعدم قبولها بالاتفاق الذي توسّطت فيه الولايات المتحدة وقطر ومصر.
وفي هذا الإطار، قال مسؤولون كبار في الإدارة الأميركية إنّ بايدن سيُعلن في خطاب حالة الاتحاد، أنّ الجيش الأميركي سيُنشئ ميناء على ساحل غزة على البحر المتوسط لاستقبال المساعدات الإنسانية عن طريق البحر.
وأضاف المسؤولون أنّ الميناء الذي سيكون مؤقتًا سيزيد حجم المساعدات الإنسانية للفلسطينيين في قطاع غزة "بمئات الشحنات الإضافية" يوميًا، وأنّ الولايات المتحدة ستنسّق الأمن مع إسرائيل.
كما ستعمل الولايات المتحدة مع الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الإنسانية التي "تفهم طبيعة توزيع المساعدات داخل غزة"، على أن تأتي الإمدادات الأولية من قبرص.
ومن المرجّح أن يتناول بايدن قضايا دولية ومحلية: الحرب الروسية على أوكرانيا، والصين، والتجارة، ويأمل بايدن في عرض إنجازاته في مجال البنية التحتية والتصنيع، والهجرة والإجهاض، وانخفاض أسعار الأدوية، من بين قضايا أخرى.
فيما لم يُعرف ما إذا كان سيذكر المنافس الأبرز له حتى الآن ترمب.
معالجة مخاوف الناخبين
وبينما يقدّم خطابه، ينتظر مراقبون الرئيس البالغ من العمر 81 عامًا، لمعرفة ما إذا كان قادرًا على إيصال رسالته بقوة وقيادة.
وقال مساعدون في البيت الأبيض إنّ بايدن يهدف إلى إثبات خطأ المشككين فيه من خلال إظهار جانبه القتالي ومحاولة إزعاج الجمهوريين بشأن مواقف يعتقد أنّها لا تتماشى مع البلاد، لا سيما فيما يتعلّق بالإجهاض والسياسة الضريبية والرعاية الصحية.
وأمضى بايدن نهاية الأسبوع الماضي في العمل على الخطاب في منتجع كامب ديفيد الرئاسي مع أقرب مساعديه والمؤرخ الرئاسي جون ميتشام.
ويلقي بايدن خطابه وهو يأمل بتعزيز مكانته، حيث أظهر استطلاع للرأي أجرته وكالة اسوشييتد برس ومركز "NOCR" لأبحاث الشؤون العامة، أنّ 38% من البالغين في الولايات المتحدة فقط يوافقون على الطريقة التي يتعامل بها مع وظيفته كرئيس، مقابل 61% لا يوافقون على ذلك.
ووجد الاستطلاع أنّ 63% ليسوا واثقين جدًا أو غير واثقين على الإطلاق في قدرة بايدن العقلية على العمل بفعالية كرئيس، بينما قال 57% إنّ ترمب يفتقر إلى الذاكرة والحدة اللازمة لهذا المنصب.
وقال جيم ميسينا، مدير حملة الرئيس السابق باراك أوباما لعام 2012، إنّ خطاب الخميس يوفر لبايدن فرصة مهمة لمعالجة مخاوف الناخبين.
ومن المتوقع أن يرسم بايدن مستقبلًا متفائلًا للبلاد مع تنفيذ التشريعات الضخمة التي وقّع عليها لتصبح قانونًا خلال أول عامين له في منصبه. لكنّه مستعد أيضًا للتحذير من أن التقدّم الذي يراه في الداخل والخارج، هش ومعرّض للخطر بشكل خاص إذا عاد ترمب إلى البيت الأبيض.
في المقابل، يصف الجمهوريون الوضع الحالي للاتحاد بمصطلحات قاتمة وخطيرة على غرار "أزمة" و"كارثة"، تعكس النبرة الكئيبة التي أطلقها ترمب خلال حملته الانتخابية.
الحرب على أوكرانيا والهجرة
وسيُصدر الرئيس أيضًا دعوة قوية للمشرّعين لتمرير المساعدة الدفاعية التي تشتد الحاجة إليها لأوكرانيا. وسمح النقص الحاد في الذخيرة لروسيا باستعادة الهجوم في الحرب المستمرة منذ عامين.
ورفض مجلس النواب الذي يسيطر عليه الحزب الجمهوري العمل على نسخة أقرها مجلس الشيوخ لتشريع المساعدات، وأصر على اتخاذ إجراءات جديدة أكثر صرامة للحد من الهجرة على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك، بعد أن استخدم ترمب نفوذه للمساعدة في إفشال تسوية بين الحزبين.
وتوقّع السيناتور الديمقراطي كريس مورفي، أن ينتقد بايدن الجمهوريين بشدة لرفضهم اتفاق أمن الحدود.
وقال مورفي لوكالة اسوشييتد برس: "الناخبون يريدون مرشحًا يهتم بالحدود، لكنهم يريدون مرشحًا سيفعل شيئًا حيال ذلك، لا مجرد الشكوى منها".
كما دعا البيت الأبيض لحضور خطاب الاتحاد قادة النقابات، والمدافعين عن السيطرة على الأسلحة، ورئيس وزراء السويد أولف كريسترسون، للاحتفال بانضمام بلاده إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو" في أعقاب الحرب الروسية في أوكرانيا.
في حديثه عن حالة الاتحاد، سيُثير بايدن مشاكل "الانكماش التضخمي" وما يُسمّى "الرسوم غير المرغوب فيها" على الخدمات. ولا يعتبر أي منهما محركًا رئيسيًا للتضخم، لكن البيت الأبيض يأمل أن يُظهر للمستهلكين أن بايدن يقاتل من أجلهم.
ومن المقرر أن يكشف بايدن أيضًا عن خطة موسعة لزيادة الضرائب على الشركات واستخدام العائدات لتقليص عجز الميزانية وخفض الضرائب على الطبقة المتوسطة.
وبعد الخطاب، يستعدّ بايدن لقضاء عطلة نهاية الأسبوع في إطار حملته الانتخابية، حيث يعقد فعاليات في بنسلفانيا غد الجمعة وفي جورجيا السبت. ومن المقرر أن يقوم ترمب أيضا بحملته الانتخابية في جورجيا في ذلك اليوم.