تحيي تونس الذكرى الـ11 لثورة 2011 التي أطاحت بنظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي إثر انتفاضة شعبية، بعد أن أقرّ الرئيس التونسي الحالي قيس سعيّد تاريخ 17 ديسمبر/ كانون الأول "عيدًا للثورة" بدل تاريخ 14 يناير/ كانون الثاني الذي دأبت البلاد على الاحتفال به منذ 2011.
وتأتي الذكرى وسط حالة من الانقسام الشعبي بين مؤيد ومعارض للإجراءات التي قام بها سعيّد منذ 25 يوليو/تموز الماضي والتي وصفها البعض بأنها "انقلاب"، وتشمل تجميد اختصاصات البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه، وإلغاء هيئة مراقبة دستورية القوانين، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وإقالة رئيس الحكومة، وتعيين أخرى جديدة.
والاثنين، كشف سعيّد عن جملة من القرارات في شكل روزنامة مواعيد سياسية تمتد طيلة عام 2022، منها استمرار تجميد اختصاصات البرلمان إلى حين تنظيم انتخابات مبكرة في 17 ديسمبر/ كانون الأول 2022،
لكنّ رئاسة البرلمان التونسي أعلنت الخميس "رفضها المطلق لتعطيل أشغاله سنة أخرى"، معتبرة إياه "إجراء غير دستوري وغير قانوني".
"اعتصام مفتوح"
وفي ذكرى الثورة، دخل 50 معارضًا بتونس، الجمعة، في اعتصام مفتوح وسط العاصمة، للمطالبة بإنهاء "الانقلاب على الدستور".
كما شهدت العاصمة تونس، الجمعة، مظاهرتين حاشدتين لإحياء الذكرى الـ11 للثورة التي أطاحت بنظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي (1987 ـ 2011).
وهتف المناهضون لسعيد "الشعب يريد ما لا تريد" و"حريات حريات دولة القانون انتهت" و"الشعب يريد إسقاط الانقلاب" و"وحدة وحدة وطنية لا مجال للشعبوية".
كما منعت قوات الأمن أنصار 3 أحزاب معارضة للرئيس (أحزاب التيار الديمقراطي، والتكتل والجمهورية) من تنظيم تظاهرة ضد الإجراءات التي اتخذها وسط شارع الحبيب بورقيبة.
وحملت الأحزاب الثلاثة الرئيس مسؤولية المنع واتهموه بتوظيف الأمن الجمهوري للتضييق عليهم.
اللجوء إلى الشارع "خيار خطير"
وقال رابح الخريفي، الباحث التونسي في القانون، إن اللجوء إلى الشارع "خيار خطير".
وأضاف الخريفي، في حديث إلى "العربي" من تونس، أن التظاهرات تأتي في إطار ممارسة الحريات العامّة، لكن إذا تواصلت للمطالبة بعودة المجلس التشريعي والحكومات السابقة فهي "أوهام أو أحلام"، لأن الحكومات السابقة والبرلمان لم تؤد دورها بفعالية عندما كانت في الحكم.
وأوضح أنّ الأجدى بالمعارضة "تقديم مقترحات قابلة للتنفيذ"، مضيفًا أن كل المبادرات السابقة للمعارضة قُدّمت على أساس استرجاع الصيغة النيابية والحكومية السابقة.
الشارع التونسي "سيستعيد الديمقراطية"
من جهته، قال زهير إسماعيل، عضو حملة "مواطنون ضد الانقلاب": إن الشارع التونسي منقسم إلى شارعين: الأول: ديمقراطي يطرح استعادة المؤسسات المختطفة، يحمل خارطة طريق عُرضت على جميع الأحزاب، والثاني هو المُساند للإنقلاب.
وأضاف إسماعيل، في حديث إلى "العربي" من الدوحة، أن الرئيس قيس سعيد يرفض تقبّل الاختلاف في الشارع التونسي الذي يضمّ أحزابًا مختلفة ومنظمات عديدة.
وأشار إلى أن تونس أمام "مرحلة متطوّرة" من مواجهة الانقلاب، حيث دخلت المعارضة التونسية مرحلة تنفيذ خارطة الطريق التي رسمتها، ودخلت معركة البرلمان.
وأكد أن الاعتصام الذي بدأته حملة "مواطنون ضد الانقلاب" لن ينتهي ما لم يُحرّر مجلس البرلمان، لأن البلاد "مختطفة ومغلقة وتعاني من أزمة خانقة".
وقال: إن البلاد أمام "مأزق حقيقي بلا أفق، وهو عزل تونس عن محيطها، وعزل قيس سعيّد عن الداخل"، مضيفًا أنه لا يُمكن التفاوض مع رئيس "انقلب" على الدولة، بل يُدعى إلى الرحيل وإعادة المؤسسات المنتخبة من الشعب.
واعتبر أن انقلاب سعيّد "دمّر البلاد" ويهدّد السلم الأهلي، لكن الشارع التونسي "سيستعيد الديمقراطية، واستئناف بناء تأسيس الحرية والمواطنة الكريمة".