يترقب المغرب والعالم في كل عام ما بين شهري مايو/ أيار ويونيو/ حزيران مهرجان "موازين" المغربي، الذي يشهد دورته التاسعة عشرة هذا العام بعد غياب دام ثلاث سنوات بسبب جائحة كورونا.
ويُعد مهرجان موازين الأشهر في المغرب، وهو واحد من أكبر المهرجانات الموسيقية على مستوى العالم، نظرًا لعدد حضوره الضخم، ومشاركة كبار فناني العالم به.
وهذا المهرجان تقف أمامه في كل عام دعوات مقاطعة، تعود أسبابها إلى الكم الهائل من الأموال المصروفة على هذا الاحتفال بدلًا من استثمارها في مشاريع تخفف عبء البطالة في البلاد، وسط موجة غلاء غير مسبوقة، وانهيار مستوى التعليم، وما إلى ذلك من ظروف اجتماعية صعبة.
لكن هذا العام، زادت دعوات المقاطعة حدة، وأسبابها لم تقتصر على نواحي اجتماعية وتعليمية وغيرها. السبب هذا العام هو الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة التي اعتلت سلم تلك الدوافع في مسعى تضامني مع أهالي قطاع غزة. ومراعاة للمأساة التي يمرون بها من استمرار سقوط الشهداء والجرحى ومشاهد الموت اليومية، ليكون شعار المقاطعة هذا العام "لا ترقصوا على جراحهم"، وهو وسم اجتاح منصات التواصل الاجتماعي.
"عيب وعار"
وعلّق رشيد عثماني، في انتقاد للمهرجان: "مطرب واحد سيأخذ ما تأخذه رواتب ثلاثة آلاف منصب شغل". وتابع متسائلًا: "أين الضمير الإنساني تجاه من هم تحت الأنقاض؟ لا نريد الغناء على الشهداء، اجعلوا هذه الأموال دورًا للعجزة والمشردين والمتسولين. والشمس لا يحجبها الغربال".
وأيدت ندى لكويربي أيضًا المقاطعة، وقالت: "ثمانية أشهر وإخواننا في غزة يبادون وأهلنا في المغرب مازالوا يعانون من تداعيات الزلزال، فهل هذا موعد مناسب في ظل هذه الظروف لإقامة مهرجان إيقاعات العالم؟… لا خير فينا إن أقيم مهرجان موازين".
وكان حمزة أيضًا من المؤيدين للحملة، إلا أنه يرى أنها لن تجني ثمارًا، وبرأيه، كل من يدعو إلى مقاطعة موازين أصلًا فهو مقاطع له أو لا يبدي نحوه اهتمامًا في الأصل، بمعنى أن دعوات المقاطعة تدور في دائرة محددة ولن تلمس من لم يحمل هم الأمة من قبل.
ولم تقتصر حملة المقاطعة الشرسة لمهرجان موازين على الواقع الافتراضي، إذ دخلت على الخط شخصيات سياسية، على أرض الواقع، منهم الأمين العام لحزب العدالة والتنمية ورئيس الحكومة المغربية السابق، عبد الإله بن كيران، الذي أطلق النيران على المهرجان، بوصف إقامته عيبًا وعارًا، معتبرًا أن الوقت غير مناسب للاحتفالات مثل موازين بالتزامن مع العدوان الإسرائيلي على غزة.
إشكاليات اقتصادية
وفي مقابل حملات المقاطعة وسيل الانتقادات الموجه للمهرجان، كانت هناك آراء معاكسة. آراء اعتبرت أن منع الفن لن يكون الحل الأنسب للتخفيف من عبء البطالة وغيرها من المشكلات الاجتماعية في البلاد.
ومن هؤلاء عضو المجلس الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة أثري بوحدوز، الذي علّق بالقول: "منتقدو هذه الفعاليات، الذين قد يعتبرون الإنفاق عليها تبذيرًا في الموارد، غالبًا ما يفتقدون الرؤية الاقتصادية بعيدة المدى. الاستثمار في المهرجانات والأحداث الكبرى يمكن أن يكون تسويقًا غير مباشر للدولة، مما يعود بالنفع الاقتصادي الكبير من خلال تعزيز السياحة والثقافة والاستثمار".
وبطبيعة الحال، ردت الجهة المنظمة للمهرجان وهي جمعية المغرب للثقافات على فرضية الصرف على المهرجان من أموال الشعب التي تداولها عديد من المغردين على وسائل التواصل الاجتماعي، وقالت إن التمويل العام للمهرجان انتهى عام 2012، وأصبح يعتمد بنسبة 32% على تمويل خاص، وبنسبة 68% من عائدات أخرى مثل التذاكر والبطاقات والإعلانات.
لكن ووسط كل هذه الأصوات، ما تزال الاستعدادات لإطلاق النسخة التاسعة عشرة من مهرجان موازين إيقاعات العالم، تجري بشكل طبيعي حتى اللحظة.
حتى إن إدارة مهرجان موازين لهذا العام أعلنت عن نفاد التذاكر من المواقع الرسمية، خاصة التي تتعلق بحفلات النجوم الذين سيعتلون منصة مسرح محمد الخامس بالرباط والتي يكون عددها محدودًا مقارنة ببقية المنصات.