أكد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان بعد انتخابه أنه "سيمد يد الصداقة للجميع"، داعيًا إلى التعاون بين جميع الأطراف من أجل تقدم إيران.
وكانت وزارة الداخلية الإيرانية أعلنت السبت فوز بزشكيان المرشح الإصلاحي في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، متفوقًا على منافسه المحافظ سعيد جليلي.
وأسفرت الانتخابات في جولتها الثانية عن فوز بزشكيان بنسبة 53% من أصوات الناخبين، في حين بلغت نسبة المشاركة ما يقارب 50%.
من جهته، أقر المرشح جليلي بخسارته أمام منافسه بزشكيان في الانتخابات، ودعا في تصريح تلفزيوني إلى مساعدة الرئيس المنتخب الجديد بكل الوسائل.
خامنئي يهنئ مسعود بزشكيان
وهنأ المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي بزشكيان، وتمنى له النجاح في مهامه.
كما أعرب خلال استقباله الرئيس المنتخب مساء السبت عن ارتياحه لارتفاع نسبة المشاركة الشعبية في الجولة الثانية من الانتخابات.
ووجه قادة دول خليجية، السبت، التهاني، إلى مسعود بزشكيان، عقب فوزه بالانتخابات الرئاسية، وفق بيانات رسمية.
ويقدّم بزشكيان الذي تولى تربية أطفاله الثلاثة بمفرده بعدما قضت زوجته وطفلهما الرابع في حادث سيارة عام 1993، نفسه على أنه "صوت الذين لا صوت لهم".
وتعهد بالتفاوض مع واشنطن لإحياء المفاوضات بخصوص النووي الإيراني، بعد الانسحاب الأحادي للولايات المتحدة عام 2018 بقرار اتّخذه دونالد ترمب.
سياسة مسعود بزشكيان
وفي هذا الإطار، أوضح المتحدث السابق باسم الخارجية الإيرانية حميد رضا آصفي، أنها ليست المرة الأولى التي تتعارض فيها توجهات الحكومة والبرلمان (الإصلاحي والمحافظ) في إيران، معربًا عن اعتقاده بأن هذين الجسمين يمكنهما أن يعملا معًا، وليس ثمة مشكلة.
وبشأن ما إذا كان مجلس الشورى سيوافق على تزكية محمد جواد ظريف كوزير للخارجية، قال آصفي: إن "ظريف كان قد صرح سابقًا بأنه لن يترشح لمنصب وزارة الخارجية، لكن إذا ما قدم رئيس البلاد الجديد ظريف إلى البرلمان فإن هذا الأمر سيخضع للمفاوضات بين البرلمان والرئيس".
وفي حديث للتلفزيون العربي من العاصمة الإيرانية، أشار إلى أن طهران تلقت رسائل واعدة ومشجعة من الإمارات العربية المتحدة والسعودية والبحرين والكويت وغيرها بعد فوز بزشكيان، مؤكدًا أن هذا الأمر يشجع إيران على الدخول في علاقات عربية قوية.
وفيما أعرب عن اعتقاده بأن العلاقات مع الدولة العربية هي أصلًا جيدة، وسوف تتحسن في عهد بزشكيان، قال آصفي إن "المستقبل لنا وللعرب واعد جدًا".
وأضاف: "ليس عملنا أو من واجبنا أن نخفف التوترات في المنطقة، بل هو عمل الأميركيين الذين يجب عليهم يوقفوا إسرائيل عن قتل الفلسطينيين بشكل عشوائي".
وخلص إلى أن إيران ترى أن "مصدر التوترات في المنطقة هو النظام الصهيوني وبدعم من الأميركيين، الذين يدعمون الإسرائيليين بشكل أعمى".
سياسية مسعود بزشكيان والمنطقة العربية
وبشأن موقف العرب من وصول بزشكيان إلى سدة الرئاسة، أشار أستاذ العلاقات الدولية حسن البراري إلى أن العديد من المراقبين يرون بأن التغيير في إيران يجب أن يقود إلى تغيير في سلوك السياسة الخارجية في الإقليم، موضحًا أن هذا الأمر لا يحدث؛ لأن هناك مصالح إيرانية في هذه المنطقة، منها التموضع في سوريا، وإيجاد موطئ قدم لها في أكثر من منطقة عربية.
وفي حديث للتلفزيون العربي من العاصمة الأردنية عمّان، أضاف البراري أن إيران ما زالت مستمرة في نفس هذا النهج، لافتًا إلى أن رئيس الجمهورية نفسه يطرح تساؤلًا عما إذا كان هو الذي يصنع السياسة الخارجية بالفعل أم أنها عابرة للحكومات.
وأردف أن سير السياسة الخارجية الإيرانية في الإقليم قائم على الصدام في المنطقة العربية وعلى التنافر، وأن هناك محاولة إيرانية لإعادة رسم هذه الخريطة بما يضمن لها مجالًا حيويًا يمكن لها أن تتمدد فيه، حسب قوله.
البراري رأى أن التغيير الذي حصل في إيران بعد الانتخابات سيؤدي فقط إلى تغيير الطراز والنبرة التي تصدر من العاصمة طهران، لكن العواصم العربية الوازنة والمعنية تنظر إلى الأفعال على أرض الواقع، وما إذا كانت طهران ستغير سلوكها في سوريا والعراق واليمن أم لا.
وأعرب عن اعتقاده بأن الملف النووي هو الأهم لدى لإيران بالنسبة الدول العربية؛ لأنه مرتبط بتوازنات دولية ومواقف الولايات المتحدة الأميركية التي يطمح بزشكيان كما يقول إلى إعادة النظر في هذه العلاقات، بما يضمن نوعًا من التناغم، خدمة لمصالح الدولة العميقة في إيران.
وأوضح البراري أن بزشكيان لا يقصد التبعية للغرب، وإنما أن تكون هناك مرونة في التعامل بما يحفظ المصالح الإيرانية، وخاصة وأن الإقليم كله على صفيح ساخن.
وأردف البراري أن الرسائل الإيجابية التي تأتي من إيران مرحب بها، "لكن علينا أيضًا أن نرى فيما إذا سيتبع ذلك أفعال على الأرض".
الملف النووي الإيراني
من جهته، قال مساعد وزير الخارجية الأميركي الأسبق توماس واريك: إن "رئيس إيران لا يتمتع بالسيطرة على الملفات الأمنية، ولا يتحكم ببرنامج إيران النووي، ولا بأفعال وكلاء إيران في سوريا والعراق واليمن".
ورأى في حديث للتلفزيون العربي من واشنطن، أن أولويات الرئيس الإيراني ستكون محلية، وتركز على الاقتصاد.
وتابع واريك أن هناك أملًا على الأقل في صناعة قنوات أفضل قد تفضي إلى تقدم دبلوماسي، لكن الجميع في واشنطن يقر أن ثمة قيودًا لما يستطيع أن يقوم به بزشكيان، وأنه سيضطر للعمل وفق مقتضيات النظام الذي يحكمه المرشد الأعلى.
وذكر أن الرئيس السابق دونالد ترمب ومن ينصحونه كانت لديهم نظرة تجاه إيران تنظر إلى ما يقوم به القائد الأعلى فقط، بصرف النظر عن الرئيس الإيراني، لا سيما في المسائل الأمنية، وبسبب ذلك اعتمدوا أسلوبًا متشددًا لأنهم لم يروا إشارات لأي تغيير في السياسات الإيرانية.
وأضاف واريك أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن كانت تأمل في ألا تزيد إيران مخاطر الحرب بين إسرائيل وحزب الله، مشيرًا إلى أن واشنطن وسياستها تحاول الحؤول دون الحرب، حسب قوله.
وخلص إلى أن "وقف إطلاق النار وعودة الرهائن والحؤول دون حرب مع حزب الله هي أولى أولويات واشنطن، فيما يتعلق بما قد تقوم به الحكومة الإيرانية لتهدئة التوترات في المنطقة".