أعلنت إيران روايتها الرسمية بشأن اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية على أراضيها.
وجاء في بيان الحرس الثوري، أنه اغتيل بواسطة مقذوف قصير المدى بزنة 7 كيلوغرامات، أُطلق من خارج مقر إقامته في طهران، وتسبّب بانفجار قوي.
وتوعّد البيان بـ"انتقام شديد" وبالطريقة الملائمة، مشيرًا إلى أن الاغتيال خططت له إسرائيل ونفذته بدعم أميركي.
وجاءت الرواية الإيرانية بعد سلسلة تقارير غربية تحدثت عن اغتيال هنية بواسطة قنبلة وُضعت في مقر إقامته بطهران، وليس مقذوفًا أو صاروخًا أُطلق عن بعد.
وأمام ذلك، بات خطر الحرب الشاملة يلوح في الأفق، إذ تقول وسائل إعلام أميركية، إن الهجوم الإيراني القادم أكبر من الهجوم السابق على إسرائيل، وربما يكون مشتركًا مع حزب الله والحوثيين.
اللافت أن جميع الأطراف باتت ترى أن المنطقة انتقلت إلى مرحلة جديدة، وأن مخاطر المواجهة الشاملة تتصاعد.
وكان ذلك واضحًا من خلال التحرك العسكري والسياسي للولايات المتحدة في الأيام الأخيرة، والتي أرسلت سفنًا تابعة للبحرية ومدمرات مقاتلة إضافية، مع رفع درجة الاستعداد لنشر مزيد من الدفاعات الصاروخية الأرضية.
أما إسرائيل فقد رفعت حالة التأهب في كل تشكيلاتها العسكرية، واتخذت إجراءات أمنية في الخارج خشية استهداف إسرائيليين.
"تحليل مركز الجريمة"
وضمن هذا السياق، تحدث العميد إلياس حنا، الخبير العسكري والإستراتيجي، عن سيناريوهات تنفيذ جريمة اغتيال هنية، لكنه يشير إلى أن "الحدث وقع، والأخطر اليوم هو مرحلة ما بعده"، وفق تعبيره.
وأضاف حنا في حديث للتلفزيون العربي من بيروت، بشأن تحليل مركز الجريمة، أننا لا نعرف الواقع الميداني لتحديد ما حصل.
وشرح في ما يخص الواقع الميداني أن اتجاه الشظايا يختلف إذا ما كان الانفجار داخل الغرفة، أو أن المقذوف أتى من الخارج حيث يحصل الاصطدام.
وقال إن عمليات مماثلة يسعى فيها المنفذ إلى أمرين مهمين: القدرة على الإنكار، وعدم ترك أثر معين وإستراتيجية الخروج، وبالتالي خلق شيء من الغموض.
وأضاف: "من هنا عدم اعتراف إسرائيل مباشرة، حتى ولو تم اتهامها".
"الحديث عن اختراق أمني كلام أميركي فارغ"
من جهته، قال مختار حداد، مدير تحرير جريدة الوفاق الإيرانية، إن مكان استهداف هنية في طهران لم يكن سريًا، مشيرًا إلى أنه التقى بوصفه إعلاميًا الكثير من الشخصيات في ذلك المكان.
وأضاف في حديث للتلفزيون العربي من طهران، أن "هنية بدوره جاء إلى طهران بجواز دبلوماسي، وكان يتردد بشكل علني إلى البلاد".
إلى ذلك، قال حداد إن من يدخل إلى المبنى الذي تم استهدافه يخضع للتفتيش، من جانب مجموعات يجري تغييرها بشكل دوري.
وبشأن طبيعة المقذوف، تحدث عن "إمكانية استهداف مكان هنية من خارج إيران، إذ تستطيع طائرة إف 35 أن تدخل المجال الجوي لدول الجوار وتأتي إلى منطقة بحر قزوين، وتستخدم صاروخًا قادرًا على الوصول إلى المبنى"، وفق قوله.
واعتبر أن "الحديث عن اختراق أمني كلام أميركي فارغ تمامًا، بالنظر إلى ما شهدناه من داخل المبنى على مستوى التفتيش والحراسة الأمنية المشددة".
وأشار إلى أن "الكيان الصهيوني أوجد أجواءً خطيرة مزعزعة للاستقرار، والولايات المتحدة شريكة في ذلك".
"السيناريو الأكثر إحراجًا لطهران"
بدوره، أشار ديفيد ديروش، أستاذ الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الوطنية الأميركية للدفاع، إلى "ما يتم عادة من حيث تفتيش المبنى، حيث كان يقيم هنية.
وقال إن "الأشخاص الذين زرعوا ربما تلك القنبلة هم أشخاص رفيعو المستوى يمكنهم أن يصلوا إلى تسجيلات الفيديوهات".
وأردف في حديث للتلفزيون العربي من واشنطن، أن "من غير المصادفة أن يتم استبعاد السيناريو الأكثر إحراجًا للحرس الثوري بالفعل، فإذا ما كان الاستهداف بمقذوف أو صاروخ فهنالك بقايا ولم نرها حتى الآن".
وعليه، رأى أن "رواية نيويورك تايمز، وهي غير مرتبطة بالإدارة الأميركية، فيها عنصر مقبولية لأننا لم نر أي بقايا للصاروخ الذي أطلق، إذا ما كان قد أطلق"، وفق تعبيره.