تشهد المنطقة ترقبًا لجولة جديدة من مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، وذلك بعد بيان قطري- مصري- أميركي حدّد الخميس المقبل موعدًا لاستئنافها.
فإسرائيل التي أعلنت إيفاد مفاوضين في الموعد المحدد، تتجه الأنظار إلى مدى جديتها، وإلى أي مدى قد تتخلى عن سياسة المماطلة، التي دأب عليها رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو خلال الأشهر الماضية.
أما حماس، فموقفها المعلن من قبل، أن التوصل إلى صفقة مرهون بموافقة إسرائيل على آخر صيغة طرحها الوسطاء، ومن دون إدخال شروط جديدة.
مع ذلك، نقلت وكالة "رويترز" عن مسؤول في الإدارة الأميركية قوله: إن "واشنطن لا تتوقع أن يتم توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في الأيام المقبلة"، معتبرًا أن هذا الأمر يرتب على كل من إسرائيل وحماس القيام بتنازلات تسهّل التوقيع على الصفقة المنشودة.
لكن البيان جاء بلَهجة تصرّ على خوض جولة مفاوضات بهدف واضح، وهو الوصول إلى صفقة، وهو أمر ولّد تساؤلات بشأن دلالات صدور البيان بهذه اللَهجة، وإمكانية البناء عليها، ومدى تأثيرها على جولة المفاوضات المرتقبة.
واللافت أيضًا أن البيان لاقى ترحيبًا أوروبيًا ودوليًا، وهو ما يشكل إجماعًا عالميًا لوقف الحرب على غزة، ووضع حد لتداعياتها الإقليمية والعالمية.
وجاء البيان الثلاثي في وقت تعيش فيه المنطقة توترًا متصاعدًا في حدّته، بموازاة تحذير من تطور الأوضاع إلى حرب إقليمية واسعة تقود إلى نتائج كارثية.
في حين، ينظر خبراء إلى البيان بأنه مهم في مضمونه وسياقه وتوقيته، باعتبار أنه ينطلق من مقاربة أن وقف حرب غزة، قد يؤدي بالضرورة إلى التخفيف من وطأة رد إيران وحزب الله وحلفائهما المحتمل ضد إسرائيل.
"إرادة سياسية أقوى"
وفي هذا الإطار، رأى مدير المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات خليل جهشان، أن لهجة الوسطاء المعنيين بالمفاوضات تختلف هذه المرة عمّا سبقها، وتعكس إرادة سياسية أقوى وأشد.
وفي حديث للتلفزيون العربي من واشنطن، قال إن هذا المسعى الدبلوماسي ليس بجديد.
وأردف أنه محاولة لإحياء المشروع الدبلوماسي نفسه الذي أوقف بسبب التعنت الإسرائيلي، وتعنت نتنياهو شخصيًا.
وبالنسبة للموقف الأميركي، قال مدير المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات خليل جهشان: لست متفائلًا في هذا الخصوص.
وأشار إلى أن التفاؤل أو الإرادة السياسية الجدية تأتي من الأطراف العربية الموقعة على هذا البيان.
ما الجديد في البيان الثلاثي؟
من جهته، اعتبر الخبير في الشأن الإسرائيلي أنطوان شلحت أن نتنياهو مستمر في المسار نفسه وهو "التأجيل والمماطلة والمراوغة"، موضحًا أن الجديد في البيان الثلاثي هو أنه يضع حدًا للجمود في مفاوضات الصفقة.
كما اعتبر أن الجديد "هو إعلان الوسطاء الثلاثة أنه في حال عدم التوصل إلى صيغة متفق عليها بين الجانبين، فإنهم سيطرحون صيغة وسط تعرض على الجانبين".
وفي حديثه للتلفزيون العربي من عكا، لفت شلحت إلى أن هناك إشارة معينة من وراء هذا البيان، ولكن يظل الأمر معولًا على مدى جدية رئيس الحكومة الإسرائيلية في التوصل إلى صفقة تبادل.
وتابع أن نتنياهو عندما يعلن أنه سيرسل الوفد لاستئناف المفاوضات فإنه يفعل ذلك من باب رفع العتب، ولأن واشنطن طالبته بذلك، ولأنه يدرك أن مجرد ذهاب هذا الوفد إلى جولة مفاوضات لا يعني أن الصفقة ستكون قاب قوسين أو أدنى.
"تأخير رد حماس أمر إجرائي"
من ناحيته، أعرب الكاتب السياسي مأمون أبو عامر عن اعتقاده بأن تأخير رد حماس على البيان الثلاثي أمر إجرائي أو إداري لا أكثر ولا أقل، مرتبط بإدارة الموقف العام وليس موقفًا مبدئيًا.
وأضاف في حديث للتلفزيون العربي من اسطنبول، أن حركة حماس ترحب بكل جهد ممكن أن يؤدي إلى وقف إطلاق النار وانسحاب إسرائيلي وتوفير الإغاثة للسكان في قطاع غزة.
ورأى أبو عامر أن البيان الثلاثي لم يأتِ بدون اتفاق مسبق بين الإدارة الأميركية ونتنياهو شخصيًا، وبالتالي لم يكن هناك مبادرة معزولة عن الأطراف.
وأشار إلى أن البدء بمفاوضات سريعة ناتج عن إدراك أميركا للحاجة إلى وقف إطلاق النار فورًا، ولمنع التصعيد. وأضاف: "لكن واشنطن تدرك في الوقت نفسه أن حزب الله وإيران مضطران للرد، ولذلك سيكون هناك معيار لسير الأحداث، بحيث يكون الرد الإيراني ورد حزب الله محدودًا.