يغرق القطاع الصحي في قطاع غزة في ظلام دامس مع استمرار الحرب الإسرائيلية منذ أكثر من 10 أشهر، بينما لا تزال الكوادر الطبية والمستشفيات في مرمى نيران الاحتلال.
وأخرجت الحرب 85% من منشآت القطاع الصحي في غزة عن الخدمة، أما تلك التي بقيت قيد الخدمة، فتقدّم خدمات محدودة في ظل النقص الحاد في مختلف حاجياتها.
وأكدت وزارة الصحة في غزة توقّف 33 منشأة صحية بالكامل منذ بدء الحرب، وهو ما دفع إلى تحويل الخيم إلى مراكز طبية صغيرة تفتقر لأبسط المقومات.
وتُثير هذه المخاوف قلقًا إضافيًا على سكان القطاع البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة، والذين يُعانون أصلًا من أزمة إنسانية حادة وتبعات النزوح المتكرر والأمراض.
ووفقًا لأرقام الأمم المتحدة، يُعاني سكان القطاع من نقص حاد في الخدمات الطبية، اذ إنّ 16 مستشفى فقط لا تزال قادرة على العمل وبشكل جزئي حصرًا.
وتحتاج المستشفيات المتبقية إلى ما لا يقلّ عن 4 آلاف لتر من الوقود يوميًا لمواصلة العمل، لكن ذلك غير متوفّر أيضًا.
توقّف مستشفى كمال عدوان
وأعلن أطباء في مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا شمالي قطاع غزة، خروج المستشفى من الخدمة كليًا، بسبب نقص الوقود وتوقّف الجهات الدولية عن تزويده بالإمدادات اللازمة للتشغيل، والانقطاع المستمر في التيار الكهربائي.
أكثر من 10 أشهر من العدوان، كانت كفيلة بإحالة المستشفى إلى واقع شديد القتامة، إذ يُهيمن الظلام على أروقته، ولا تخرقه سوى أضواء خافتة من هواتف نقّالة أو أجهزة تعمل على ما تبقى من بطاريتها، في ظل نقص حاد في الوقود.
وقال الطبيب محمود أبو عمشة في مستشفى كمال عدوان لوكالة فرانس برس: "لا نستطيع تشغيل الطاقة الشمسية إلا عند وقوع الإصابات والمجازر الحرجة جراء الاستهداف الصهيوني، فالطاقة الشمسية لا تكفي المرضى 24 ساعة في ظل هذا الانقطاع في الكهرباء".
وأضاف الطبيب أنّ الأجهزة توقّفت والبطاريات فرغت من الشحن، ولدينا أطفال خدّج ورضّع، ما ينذر بوقوع كارثة.
وأشار إلى أنّ "الأطفال الموجودين داخل الحضانات مُهدّدون بتوقّف القلب ومفارقة الحياة. كما أنّ غرف العناية المركزة الخاصة تضمّ 7 أطفال، قد يموتون نتيجة توقّف ونقص الوقود".
لا خيارات أو بدائل
وفي دير البلح وسط قطاع غزة، أعلن أطباء "مستشفى شهداء الأقصى" قبل يومين، وجود نقص حاد في الوقود والإمدادات الطبية.
وناشدت وزارة الصحة في غزة المؤسسات الدولية والأممية ذات العلاقة اتخاذ ما يلزم لحماية مستشفى شهداء الأقصى والطواقم الطبية والمرضى الموجودين في داخله، في الوقت الذي لا يوجد أمام الوزارة أي خيارات أو بدائل أخرى.
بدوره، ينتظر مستشفى العودة في شمال مدينة غزة، تسلّم شحنات من الوقود.
وقال القائم بأعمال مدير المستشفى محمد صالحة إنّ "الأمور صعبة جدًا. أعلنا قبل يومين أنّنا سنتوقّف عن تقديم بعض الخدمات وخاصة تأجيل العمليات المجدولة، نظرًا لعدم وجود الوقود اللازم لتشغيل المستشفى"، محذرًا من "خطر على المرضى والجرحى".
وإضافة إلى نقص الموارد، تُواجه المستشفيات ومرضاها والجرحى الذين يسقطون يوميًا، مخاطر أخرى تتعلق خصوصًا بالقصف الإسرائيلي والمعارك.
ومنذ اندلاع الحرب، أعلنت إسرائيل تشديد حصارها المفروض منذ أعوام على قطاع غزة، وقطعت إمدادات الكهرباء، كما توقّفت محطة إنتاج الطاقة الكهربائية الوحيدة في غزة عن العمل.
وعلى أبواب معبر رفح الحدودي مع مصر، تقف القوافل المحمّلة بالوقود والأدوية والمستلزمات الطبية الضرورية. ولم تستطع الجهات الدولية العالمية المعنية بالصحة العالمية إدخال أي منها، إذ تمنع قوات الاحتلال والمستوطنون الإسرائيليون دخولها.
ورغم أنّ القانون الدولي يوفّر حماية خاصة للقطاع الصحي ويعتبر استهدافه جريمة حرب بينة لا تحتمل التأويل، تُمعن القوات الإسرائيلية في استهدافه، في إستراتيجية ممنهجة لاستكمال فصل الإبادة الجماعية القائمة في القطاع.