وصف الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، ردّ حزب الله على اغتيال إسرائيل للقيادي في الحزب فؤاد شكر قبل أسابيع بأنه "مدروس جدًا".
وأشار في حديث خاص للتلفزيون العربي، إلى أن الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله أكد في خطابه الأخير أن الحزب استهدف منشآت عسكرية، واستطاع أن يخرق الدفاعات الإسرائيلية لإصابة مركز مهمّ للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية في ضاحية تل أبيب.
وأشاد جنبلاط بأهمية خرق الدفاعات الإسرائيلية، مشيرًا إلى وجود توازن معيّن بين إسرائيل وحزب الله. وقال: "كلّ يملك سلاحًا معيّنًا ويستطيع أن يخرق الآخر"، لافتًا إلى فعالية صواريخ الكاتيوشا وسلاح المسيّرات.
وشكّك جنبلاط في رواية الاحتلال بشأن تدمير 6 آلاف صاروخ في نصف ساعة من الزمن، مشيرًا إلى "مبالغة" إسرائيلية في مثل هذا الكلام.
نظرية تحييد لبنان "خاطئة"
إلى ذلك، أكد جنبلاط أنه لا يمكن تحييد لبنان، معتبرًا أن نظرية التحييد التي يروّج لها بعض اللبنانيين هي "نظرية خاطئة ومستحيلة".
ودعا إلى الاستفادة من قوة الردع لحزب الله، متمنيًا أن يستطيع رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري أن يصل إلى ترسيم الحدود بالتوازي مع وقف إطلاق النار في غزة.
كما أكّد جنبلاط أن "حق الدفاع عن النفس من الدولة أو من فصيل مسلّح كحزب الله هو حق مشروع"، لافتًا إلى أن الاعتداءات الإسرائيلية تحدث على لبنان منذ زمن طويل. وقال: "هناك استباحة كاملة للبنان من قبل إسرائيل ووُجد أخيرًا حزب الله لكي يدافع عنه".
كذلك رفض جنبلاط الخطاب الذي يقول إنّ حزب الله قد أعطى ذرائع لإسرائيل لبدء تصعيدها على لبنان، مشددًا على وجوب أن تسحب إسرائيل دفاعاتها بشكل متواز مع سحب حزب الله لقواته، وإقامة منطقة متوازنة معزولة السلاح من الجهتين على الحدود اللبنانية الجنوبية.
هوكشتاين يحرّض ويتبنّى الرواية الإسرائيلية
وردًا على سؤال، اتهم وليد جنبلاط الوسيط الأميركي لترسيم الحدود البحرية الجنوبية للبنان مع إسرائيل عاموس هوكشتاين بالتحريض، مشيرًا إلى أنه يتبنى الرواية الإسرائيلية بأنّ حزب الله هو الذي قصف مجدل شمس في الجولان المحتل. وقال: "هوكشتاين ليس محايدًا بالأساس".
ورجح جنبلاط أن تستمر الحرب على غزة إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية لأن إسرائيل تستبيح كل العالم، متسائلًا: "أين هو العالم المتحضر الذي يستطيع أن يردع إسرائيل بعد هذه المحرقة في غزة؟". ولفت إلى أن السلاح الأميركي لا يزال يتدفق إلى إسرائيل.
وقال: "لو كانت الولايات المتحدة جدية لأوقفت الحرب على غزة"، مشيرًا إلى أنه لم يسمع تصريحات تدين الحرب أو تطالب بوقف العدوان، فيما يرسل الرئيس الأميركي جو بايدن مسؤولين أميركيين إلى إسرائيل لكسب الوقت.
كما رأى أن الولايات المتحدة تقوم "بالتفاوض من أجل التفاوض".
حادثة مجدل شمس وتوريط الدروز
وفي حديثه إلى التلفزيون العربي، علّق جنبلاط على حادثة مجدل شمس حيث لفت إلى أنّ موقفه منها "استند إلى بيان صدر من أهالي مجدل شمس يرفض إدانة أحد ويرفض توريط الدروز في أي تحرك يلاقي التحرك الإسرائيلي". وشدّد على أن موقفه أيضًا ينطلق من ضرورة منع التوتر في لبنان.
وأشار إلى أن دروز فلسطين يُستخدمون في الجيش الإسرائيلي للقتال في غزة وفي السجون مع غيرهم من العرب، كما يُمنعون من التوسع العمراني في أي مكان.
ولفت إلى أن "الإدارة الصهيونية اخترعت مناهج دراسية خاصة لكي تقول للدروز إنهم ليسوا عربًا وليسوا من أصل إسلامي".
التحشيد العسكري الأميركي "لم يمنع الحرب"
وحول تقييمه لدور القوات الدولية الموجودة في جنوب لبنان "اليونيفل"، قال الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي: "ليكن دورها بالتنسيق مع الجيش اللبناني".
ودعا إلى عدم "التذاكي في فرنسا أو أميركا بإخراج اليونيفل عن دورها كقوة فصل إذا صحّ التعبير"، معتبرًا أن "هذا الدور يكتمل بالعودة إلى اتفاق الهدنة الذي حدّد التوازي في السلاح والوجود العسكري من جهة إسرائيل ومن جهة لبنان".
وردًا على سؤال بشأن التحشيد العسكري الأميركي ودوره في "منع الحرب في المنطقة"، اعتبر جنبلاط أن "الوجود الأميركي هو بالتواطؤ مع إسرائيل، وبالتالي فهو لم يمنع الحرب، لأنه وُجد لمساعدة إسرائيل عند الضرورة".
وقال: "إذا وجدت إسرائيل نفسها في موقف ضعف فالأساطيل الأميركية موجودة". وتساءل: "أين أوقفوا الحرب والمجازر؟"، مشيرًا إلى أن الوجود الأميركي قائم في المنطقة منذ زمن بدليل وجود قواعد أميركية في قبرص لا تخضع للسيادة القبرصية".
الوجود الفلسطيني في خطر
إلى ذلك، اعتبر جنبلاط أنه لم يتبق شيء من المبادرة العربية، أو مبادرة الأرض مقابل السلام، حيث لم يتبق شيء في الأرض، لافتًا إلى أن إسرائيل تحاول محو كل أثر حيّ في غزة، كما تحاول أيضًا خنق الوجود الفلسطيني في الضفة الغربية شيئًا فشيئًا.
وذكّر بأن وعد بلفور أعطى اليهود حق الوجود والملجأ في فلسطين فيما بات الوجود الفلسطيني مهدّدًا اليوم إذا ما استمر الصمت العربي، متسائلا: "أين مسلمو العالم للدفاع عن مقدساتهم؟".
كما أشار جنبلاط إلى تصريح الوزير الإسرائيلي إيتمار بن غفير حول بناء كنيس في ساحة المسجد الأقصى، معتبرًا أن ما من رادع لنتنياهو ووزيره إيتمار بن غفير.
الحرب "لن تنتهي"
ورأى جنبلاط أن "الحرب لن تنتهي حتى بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، لأن هدفها محاولة إزالة وتهجير أهل غزة ثم أهل الضفة".
وقال: "إذا نسينا هذين الهدفين، فنحن نخطئ في كل الحسابات"، لافتًا إلى أنه يؤيد تسليح أهل الضفة.
وسأل: "من قال إن أهل الضفة لن يجبروا على الرحيل في المدى البعيد؟"، داعيًا إلى تغيير موقف السلطة الفلسطينية التي وصفها بـ"الغائبة"، مضيفًا: "آن لهذه السلطة أن تتخذ موقفًا واضحًا".
وأردف: "أنا أصطف مع الذين يدافعون عن لبنان في مواجهة العدوان الإسرائيلي". وأضاف: "هذه قناعتي بالدفاع عن فلسطين ومواجهة إسرائيل بالقدر الذي أستطيع".
وتابع: "عدنا في خطابنا السياسي إلى الأساسيات وخرجنا من المصالح اللبنانية الضيقة".
الانتخابات الرئاسية والتسوية الضرورية
ورفض جنبلاط الانتقادات التي تطال الحكومة اللبنانية، معتبرًا أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يقوم بدوره.
ودعا الفرقاء اللبنانيين إلى إنجاز تسوية لانتخاب رئيس جمهورية في البلاد ولحل مشاكل لبنان كأزمة الكهرباء وغيرها.
ورأى جنبلاط أن ميقاتي استطاع من خلال اتصالاته "توفير حماية معينة للبنان بشكل نسبي"، رغم أنه يدير "حكومة مشلولة".
وتساءل عن جدوى تأجيل انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان بانتظار حرب "لن تنتهي"، حسب قوله. واعتبر أن هناك حاجة لتسوية لإنجاز هذا الملف، ولانتظام الأمور في الداخل. وأوضح أنّ التسوية التي يدعو إليها، تنطلق من الذهاب إلى الحوار الذي نادى به رئيس البرلمان نبيه بري لمعالجة الملفات العالقة.
تحريض عنصري ضد اللاجئين السوريين
وبشأن ملف اللاجئين السوريين في لبنان، رأى جنبلاط أنه لا بد من الحوار مع النظام السوري لتحقيق اتفاق وتوفير ضمانات بأن الذين سيعودون إلى سوريا من لبنان سيتجنبون السجون السورية، رافضًا تحركات البلديات التي تطرد اللاجئين من منطقة إلى أخرى في لبنان، واصفًا الأمر بـ"الخطة العشوائية".
وأكد أنّ النازحين السوريين تعرّضوا لتحريض عنصري في الفترة الأخيرة، كما لفت إلى الحاجة للتعاون مع منظمات الأمم المتحدة لتحصين الوجود السوري الحالي العشوائي عبر إنشاء مخيمات، لكنه أشار إلى أن على لبنان فرض شروطه على الدول المانحة لمساعدة اللاجئين مرورًا بالدولة اللبنانية.