عاد مادس جيلبرت، الطبيب النرويجي الذي قضى عمره متنقلًا بين ميادين الموت، إلى النبطية في لبنان ليشهد تكرار ذات السيناريو الذي عاينه عام 1982 إبان الاجتياح الإسرائيلي.
والطبيب جيلبرت الذي أيضًا كان في غزة وشهد جرائم الاحتلال هناك خرج في تسجيل مصور من لبنان قائلًا: "أنا الآن في النبطية جنوب لبنان على بعد كيلومتر ونصف من نهر الليطاني".
مادس جيلبرت.. طبيب لا يُنسى
وقال الطبيب (77 عامًا) قائلًا: "الإسرائيليون يقصفون جنوب لبنان ويقتلون ويفجرون المنازل.. وأنا في مشفى لبناني محلي حيث الناس منظمون جدًا وينتظرون رعاية الجرحى".
وأضاف: "إذًا القصة نفسها إسرائيل تقصف وتقتل وتدمّر حياة الناس".
وأردف: "لقد مر 42 عامًا منذ آخر مرة كنت هنا في بيروت عام 1982.. لماذا يحدث هذا مرة أخرى؟ لأن لا أحد أوقف إسرائيل ولا أحد طلب أن يكون هناك حظر أسلحة على هذا المستعمر القمعي الوحشي المهاجم على الدول الأخرى.. هذه هي نتيجة 75 عامًا من بالتمتع بالحماية الكاملة لمشروع الاستعمار الصهيوني الإسرائيلي".
ومنذ الاجتياح الإسرائيلي في عام 1982، وجيلبرت لم يتوقف عن التنقل بين مناطق الصراع، من لبنان إلى غزة، من أفغانستان إلى كمبوديا، وقد كان حاضرًا في كل مشهد من مشاهد الموت.
"لا شيء تغيّر.. فقط الوجوه"
وبعد كل هذه العقود، عاد الطبيب النرويجي مؤكدًا أن القصف يستهدف كل شيء، الأطفال في مدارسهم، والأطباء في مستشفياتهم، وقال "لا شيء تغير، فقط الوجوه".
ولطالما كان جيلبرت شاهدًا على هذا النوع من الوحشية في قطاع غزة الذي يتعرض لعدوان إسرائيلي منذ عام، حيث كانت المستشفيات دائمًا أهدافًا، تمامًا كما يحدث الآن في لبنان.
وفي عام 2023، خرج جيلبرت في بث مباشر من غزة، موجّهًا رسالته للرئيس الأميركي جو بايدن، واليوم، عاد ليطرح السؤال نفسه، ولكن هذه المرة من النبطية جنوب لبنان: "هل تسمعون صرخات المستشفيات؟".
ولكنه يعرف أن الجواب لن يأتي، حيث إن "الصمت أصبح جزءًا من المعركة. العالم يرى ما يحدث، لكنه يختار تجاهله".
"هؤلاء هم الأبطال الحقيقيون"
وعندما يتحدث جيلبرت عن الأطباء والعاملين في مجال الصحة، يقول: "هؤلاء هم الأبطال الحقيقيون. يعملون بلا موارد، تحت القصف، ومن دون أدوية، لكنهم لا يتوقفون" ويصفهم جيلبرت بـ"البوصلة الأخلاقية" لهذا العالم الذي يبدو أنه فقد اتجاهه.
ومع كل خطوة يتخذها في شوارع النبطية، يرى جيلبرت وجوهًا تذكّره بما رأى في غزة، وصرخات مألوفة، ووجوه يغمرها الألم، والجاني هو نفسه.
وشهدت منصات التواصل الاجتماعي تفاعلًا كبيرًا مع عودة الطبيب مادس جيلبرت للبنان بعد أربعة عقود.
وقال تيو داسكا لاكيس: "جائزة نوبل لن تكون كافية لهذا الرجل. إنه نعمة للعالم ورجل حقيقي ومقاتل شجاع".
أما دورين موريس، فقالت: "مادس يعيش القصة مرة أخرى بعد اثنين وعشرين عامًا، ولكن هذه المرة مع إفلات أسوأ من العقاب ودمار أكبر من أي وقت مضى. يجب وقف المشروع الاستيطاني- الاستعماري. أسأل الله أن يحميك".
بدوره، قال الطبيب وسيم زاهد: "زميلي وصديقي العزيز! شكرًا لك على جهودك الدؤوبة ودعمك المستمر. أنت حقًا مصدر إلهام. حافظ على سلامتك".
وكتبت هارا أندريا: "أنا ممتنة جدًا لك يا دكتور مادس، ليس فقط من أجل صمودك الهائل وطاقتك المستمرة لصالح الناس، بل أيضًا لأنك تتحدث بصوت عال من أجل الفلسطينيين وشعب لبنان. بالفعل، لماذا لم يتم إيقاف إسرائيل؟ أعتقد أننا جميعًا نعرف الإجابة ونسعى لتغيير ذلك".