السبت 19 أكتوبر / October 2024

لهجة حازمة لكن محدودة.. هل تنجح دبلوماسية ماكرون في الشرق الأوسط؟

لهجة حازمة لكن محدودة.. هل تنجح دبلوماسية ماكرون في الشرق الأوسط؟

شارك القصة

شدّد ماكرون على أنّ "فرنسا تؤدي دورًا نشطًا في الشرق الأوسط"
شدّد ماكرون على أنّ "فرنسا تؤدي دورًا نشطًا في الشرق الأوسط"- رويترز
أثارت مواقف أعلنها ماكرون أو نُقلت عنه، جدلًا حادًا مع نتنياهو، وقلقًا في صفوف الجالية اليهودية وجزء من الطبقة السياسية في فرنسا.

بينما تُبدي باريس رغبة في الدفع لتحقيق السلام في الشرق الأوسط، يُخفي حزم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المتزايد تجاه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حالة من العجز.

وهذا الشهر، أثارت مواقف نُقلت عن ماكرون وأخرى علنية له، جدلًا حادًا مع نتنياهو، وقلقًا في صفوف الجالية اليهودية وجزء من الطبقة السياسية في فرنسا.

فقبيل ذكرى عملية "طوفان الأقصى" التي أطلقتها كتائب القسّام ضد مستوطنات غلاف غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، دعا ماكرون إلى "وقف تصدير الأسلحة" المستخدمة في الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان.

وبينما ندّد نتنياهو بدعوة ماكرون واصفًا إياها بأنّها "عار"، أكد الرئيس الفرنسي أنّ "وقف تصدير الأسلحة" لا يعني تجريد إسرائيل من السلاح، لكنّه "الرافعة الوحيدة" لوضع حد للنزاعات.

وهذا الأسبوع أيضًا، نقل مشاركون في جلسة للحكومة الفرنسية عن ماكرون قوله لوزرائه، إنّه ينبغي لنتنياهو "ألا يتجاهل قرارات الأمم المتحدة" و"ألا ينسى أنّ بلاده أنشِئت بقرار من الأمم المتحدة"، في إشارة إلى تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة على "خطة لتقسيم فلسطين دولتين يهودية وعربية".

وأثارت هذه التصريحات أيضًا جدلًا كبيرًا وغضبًا في أوساط المؤسسات اليهودية في فرنسا ولدى بعض الطبقة السياسية.

وسارع نتنياهو إلى الردّ على ماكرون، قائلًا إنّ إسرائيل نشأت نتيجة "الانتصار في حرب عام 1948 الذي تحقّق بدماء مقاتلين بينهم الكثير من الناجين من المحرقة، خصوصًا من نظام فيشي في فرنسا، لا نتيجة قرار أممي"، وفق قوله.

وبعد صمت استمرّ 48 ساعة، ندّد ماكرون مساء الخميس بـ"قلة مهنية... وزراء" اتهمهم بأنّهم نقلوا عنه "تصريحات محرّفة"، و"صحافيين" كرّروا هذه التصريحات، و"معلقين" لم يتحقّقوا من صحتها.

تشاؤم وعجز

ولا تُخفي بعض الجهات الفاعلة في الدبلوماسية الفرنسية تشاؤمها إزاء قدرة المجتمع الدولي على وقف التصعيد في المنطقة.

وقال مسؤول فرنسي: "إنّ أدوات الإكراه المتاحة لنا محدودة طبعًا، ويجب أن نكون واقعيين".

بدوره، قال السفير السابق جيرار آرو: "نحن عاجزون من ناحيتين: أولًا لأنّ إسرائيل تفعل ما تريد وليس لدينا أي تأثير، ولكن هذا هو حال جميع الأوروبيين؛ وثانيًا، بسبب التوترات المجتمعية لدينا في مواجهة هذا النزاع الذي يُثير كثيرًا من العواطف".

ورأى أنّ ماكرون "فقد ثقة مؤيدي إسرائيل" وعليه "أن يلتزم الصمت"، أو أن يرفع صوته بالتنسيق "مع أوروبيين آخرين" حتى يكون لمبادراته تأثير أكبر.

وتخشى باريس أسابيع "صعبة" تفصل عن الانتخابات الرئاسية الأميركية، قد تُشل خلالها الدبلوماسية الأميركية الوحيدة القادرة على الضغط على إسرائيل، لكنّها في الوقت نفسه، لا تستبعد أن يتمكّن الرئيس الأميركي جو بايدن بعد الانتخابات من تحقيق انفراجات في الشرق الأوسط خلال الفترة الانتقالية السابقة لتنصيب مَن سيخلفه في يناير/ كانون الثاني المقبل.

وأعرب ماكرون وقادة غربيون آخرون عن أمله في أن يُمثّل استشهاد زعيم حركة "حماس" يحيى السنوار فرصة يجب اغتنامها من أجل "وقف الحرب".

غير أنّ أحد الدبلوماسيين رأى أنّ استشهاد السنوار أدى إلى خسارة مفاوض على وقف النار وإطلاق سراح المحتجزين في غزة، وهو ما قد يؤدي إلى تعزيز موقف القادة الإسرائيليين الأكثر تشددًا، في خططهم الرامية إلى إعادة تحديد التوازن في الشرق الأوسط بالقوة.

كما حذّر دبلوماسيون في فرنسا من أن نموذج الحرب التي قادتها واشنطن في العراق بعد هجمات 11 سبتمبر/ أيلول2001، يُظهر أنّ الأمور قد تنتهي بشكل سيئ.

هل لدى الدبلوماسية الفرنسية قدر كاف من النفوذ لمنع ذلك؟

وأعرب وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو الجمعة في حديث لقناة "فرانس إنتر" عن "اعتقاده" بأن فرنسا تملك قدرًا كافيًا من النفوذ.

واعتبر أنّ حرص نتنياهو على الردّ مرتين خلال عشرة أيام على ماكرون، يؤكد أنّ "صوت فرنسا مسموع".

كما شدّد ماكرون على أنّ "فرنسا تؤدي دورًا نشطًا في الشرق الأوسط".

ويواصل الرئيس الفرنسي إعلان مواقف وطرح مبادرات في هذا السياق، على غرار المؤتمر الهادف إلى دعم لبنان والمقرّر عقده الخميس المقبل في باريس.

وأكدت فرنسا أنّها إحدى القوى القليلة التي تتحدّث مع كل الأطراف وبينهم نتنياهو، على الرغم من "الاختلافات"، وقادة لبنان الذي يربطها به تقارب تاريخي، ومع إيران و"حزب الله" ايضًا.

وقال الموفد الفرنسي إلى لبنان جان إيف لودريان في حديث لصحيفة "لا تريبون" الأحد: "علينا أن نتحدث مع حزب الله، وأنا أتحدث معه بنفسي، لأنه ممثل في البرلمان اللبناني".

ومع ذلك، فإن عدم تحقيق تحرّك ماكرون ومهمة لودريان الأخيرة في لبنان نتائج ملموسة، يُظهر أنّ لهذه الجهود حدودًا.

تابع القراءة
المصادر:
ا ف ب
Close