أعلنت مجموعة العمل المالي "فاتف" اليوم الجمعة، أن لبنان أدرج على "القائمة الرمادية" للدول الخاضعة لتدقيق الخاص، وذلك رغم مطالبات من مسؤولين لبنانيين بالتساهل مع موقف بيروت.
ويمر لبنان بأزمة مالية ممتدة منذ 2019، كما يواجه حاليًا التداعيات المدمرة للعدوان الإسرائيلي المتواصل منذ 23 سبتمبر/ أيلول الماضي.
وأوضحت "فاتف" المتخصصة في مكافحة غسل الأموال، أن لبنان أحرز تقدمًا في العديد من الإجراءات الموصى بها، وسيستمر في تنفيذ الإصلاحات.
ومن المرجح أن يؤدي إدراجه على القائمة الرمادية إلى عرقلة الاستثمار بصورة أكبر ويؤثر على ربط بعض البنوك اللبنانية بالنظام المالي العالمي.
وقال مصدر لوكالة "رويترز": إن "الحرب دفعت مجموعة العمل المالي إلى منح لبنان مهلة حتى عام 2026 بدلاً من 2025 لمعالجة القضايا التي أدت إلى إدراجه على القائمة الرمادية، بما في ذلك المخاوف المتعلقة بتمويل الإرهاب وغياب استقلال القضاء".
وكان الأمين العام لاتحاد المصارف العربية وسام فتوح أعلن الخميس، أن "لبنان سوف يدرج على اللائحة الرمادية لا محالة، والقرار سوف يصدر خلال الأسبوع المقبل أو بعده".
"فرصة للإصلاحات"
جاء ذلك بعد، المؤتمر الذي عقده الاتحاد في البنك الاحتياطي الفدرالي الأميركي في نيويورك، بمشاركة وزارة الخزانة الأميركية ومجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (مينافاتف)،
وأضاف فتوح: "إن ذلك قد يكون فرصة جيدة للضغط وبدء العمل الفعلي والجدي للحكومة اللبنانية للقيام بالإصلاحات المصرفية والاقتصادية المطلوبة، بالرغم من التحديات الكبيرة التي تواجه الحكومة اللبنانية حاليًا جراء العدوان الغاشم على لبنان.
وتابع: "بجهود كبيرة قام بها مصرف لبنان، فإن معظم المصارف الأميركية المراسلة ستبقي على التعامل مع المصارف اللبنانية، لكن هناك تحد حقيقي باستمرار وإبقاء التعامل مع المصارف الأوروبية".
الحرب في لبنان قد تخفض إجمالي الناتج المحلي
وعلى صعيد العدوان الإسرائيلي، حذرت الأمم المتحدة الأربعاء من أن النزاع في لبنان قد يفاقم من تردي اقتصاد البلاد الذي أنهكته أزمة مستمرة منذ سنوات، وتوقعت انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 9,2% عام 2024 في حال استمرار القتال.
وقال برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في تقييم أولي للتأثير الاقتصادي على لبنان: إن "حجم رقعة الاشتباك العسكري والسياق الجيوسياسي والتأثير الإنساني والتداعيات الاقتصادية في عام 2024 من المتوقع أن تكون أكبر بكثير مما كان الحال عليه عام 2006"، عندما اندلعت آخر حرب إسرائيلية على لبنان.
وأضاف أن "تصاعد الأعمال العدائية في لبنان عام 2024 يأتي في وقت يعاني فيه هذا البلد من الضعف نتيجة سنوات من الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية".
وأورد التقرير أن الناتج المحلي الإجمالي اللبناني انكمش بنسبة 28% بين عامي 2018 و2021، وخسرت الليرة اللبنانية أكثر من 98% من قيمتها، ما أدى إلى تضخم مفرط وخسارة كبيرة في القدرة الشرائية.
ورغم كل هذا، بدا وكأن الوضع قد استقر في عامي 2022 و2023، وتوقعت الوكالة الأممية نموا بنسبة 3,6% عام 2024، وفق ما قالت الخبيرة الاقتصادية في مكتب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في لبنان كوثر دارا لوكالة فرانس برس.
وأضافت أنه إذا استمر القتال حتى نهاية العام، "فمن المتوقع أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 9,2%"، مشيرة إلى سببين رئيسيين، أولهما عدم قدرة الشركات على ممارسة الأعمال بسبب الغارات الجوية الإسرائيلية إضافة إلى الدمار الشامل في المصانع والطرق.
وتابعت أن النزاع "يهدد بمزيد من زعزعة استقرار الاقتصاد اللبناني الهش بالفعل"، ويؤدي إلى "تباطؤ اقتصادي طويل الأمد".
وأشار تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى أنه "حتى لو انتهت الحرب عام 2024، فمن المتوقع أن تستمر عواقب تصاعد الأعمال العدائية في لبنان لسنوات".
وحذر من أنه بدون دعم دولي "كبير"، فإن التوقعات الاقتصادية للبنان "قاتمة"، حيث من المتوقع أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2,28% عام 2025، و2,43% أخرى عام 2026.
وأضافت دارا أنه بينما استؤنف النشاط الاقتصادي بسرعة عام 2006 إلى جانب إعادة الإعمار، إلا أن "الديناميكية مختلفة تمامًا هذه المرة"، معربة عن قلقها بشأن استعداد المانحين الدوليين لمساعدة لبنان مرة أخرى.
وأكدت وكالة الأمم المتحدة في تقريرها أنه مع تدهور الظروف المعيشية بشدة، "من الضروري للمجتمع الدولي حشد الدعم الإنساني الفوري"، إلى جانب المساعدات الإنمائية للتعافي على المدى الطويل.