الجمعة 22 نوفمبر / November 2024

"أماتها الجفاف".. أمطار استثنائية تحيي بحيرات في صحاري جنوب شرق المغرب

"أماتها الجفاف".. أمطار استثنائية تحيي بحيرات في صحاري جنوب شرق المغرب

شارك القصة

أدخلت الأمطار الغزيرة البهجة على سكان مدينة مرزوكة
أدخلت الأمطار الغزيرة البهجة على سكان مدينة مرزوكة - غيتي
غيّرت الأمطار النادرة المنظر العام لصحاري جنوب المغرب الشرقي حيث صارت البحيرات تتخلل كثبان الرمال كما في ضواحي مدينة مرزوكة.

أحيت أمطار غزيرة هطلت أخيرًا بحيرات وبركًا مائية كانت قد نضبت لسنوات، بسبب الجفاف وارتفاع الحرارة في صحاري جنوب المغرب الشرقي، في ظاهرة استثنائية أعادت الارتياح إلى سكان هذه الواحات السياحية وزوارها.

وغيّرت هذه الهدية النادرة المنظر العام للمنطقة، حيث صارت البحيرات تتخلل كثبان الرمال كما في ضواحي مدينة مرزوكة، الواقعة على بعد 600 كيلومتر جنوب شرق العاصمة الرباط.

وأدخلت البهجة على سكان المدينة، إذ يقول أحدهم ويدعى كريم صدوق: "جاءت هذه الأمطار في وقت حساس بعدما صار الماء نادرًا، ومكّنت من إحياء ثراتنا الطبيعي وتلبية حاجيات السكان من الماء".

"جفاف في المغرب"

ويستطرد المرشد السياحي يوسف آيت شيغا: "نحن جدًا سعداء بعد الأمطار الأخيرة"، بينما يقود مجموعة من السياح الألمان للتنزه في بحيرة ياسمينة الممتدة عند سفح كثبان رملية.

علمًا أن هذه البحيرة ظلت جافة "منذ العام 2016"، وفق شهادات سكان محليين.

فقد عانى المغرب خلال الأعوام الأخيرة من جفاف حاد بلغ أوجه في العام 2023 الذي كان "الأكثر جفافًا على الإطلاق منذ 80 سنة على الأقل بعجز بلغ حوالي 48%" مقارنة مع متوسط الأمطار في سنة عادية، وفق تقرير أخير للمديرية العامة للأرصاد الجوية.

لكن المفاجأة جاءت من الجنوب والجنوب الشرقي في سبتمبر/ أيلول حين هطلت أمطار غزيرة، سببت أيضًا فيضانات أودت بحياة ما لا يقل عن 28 شخصًا.

فقد تأثرت تلك المناطق الصحراوية وشبه القاحلة بظاهرة مناخية نادرة تمثلت في "صعود استثنائي للجبهة المدارية جنوب البلاد، وتلاقت مع كتل أخرى باردة قادمة من الشمال"، وفق مديرة الأرصاد الجوية.

"تغير مناخي"

وفي السياق، تتوقع المديرية أن تصبح مثل هذه الظواهر المناخية القصوى "متواترة أكثر فأكثر"، مرجعة ذلك "جزئيًا إلى تأثيرات التغير المناخي الذي يدفع الكتل الجوية المدارية نحو الشمال".

وتوضح الباحثة في المناخ فاطمة دريوش لوكالة فرانس برس أن "كل المعطيات تشير إلى أن ما حدث علامة على تغير المناخ، لكن من الصعب حسم الموضوع في هذه المرحلة إذ يجب القيام بدراسات، ومن الضروري إعطاء الوقت الكافي للبحث".

وعلى الصعيد المحلي، مكّنت هذه المتساقطات النادرة من رفع مخزون بعض السدود وإنعاش المياه الجوفية ولو جزئيًا، بينما تتطلب العودة إلى الوضع الطبيعي تساقط أمطار بنحو منتظم على مدى طويل، وفق خبراء.

وتُعدّ الأمطار قضية وطنية في المغرب، حيث ما يزال نمو الاقتصاد مرتهنًا بأداء القطاع الزراعي، الذي يوظف نحو ثلث السكان النشيطين، فيما تعتمد المملكة على تحلية مياه البحر لإنقاذ المدن الأكثر تضررا من العطش.

وتبعث عودتها البهجة في نفوس القرويين على الخصوص، تمامًا كما أبهجت السائح الفرنسي جان مارك بيروكويرغوين (68 عامًا) الذي يتردد بانتظام على منتجعات مرزوكة.

ويشبّه سعادته برؤية بحيرة ياسمينة حية من جديد "بفرحة طفل حينما يتسلم هدية.. لأنني استعدت منظرا لم أره منذ 15 عامًا".

وتحظى صحاري مرزوكة بشعبية واسعة لدى عشاق هذا النوع من السياحة، وتُعدّ محطة رئيسية في مسارات الاستجمام بالجنوب الشرقي للمغرب، لكن الأمطار الأخيرة "زادتها جاذبية" و"جذبت مزيدًا من السياح"، بحسب المرشد السياحي خالد سكندولي.

من جهتها، تصف السائحة الفرنسية ليتيسيا شوفالييه الأمطار الأخيرة بأنها "كانت هبة من السماء حتى أننا لم نتعرف على المكان لأول وهلة، فقد أصبحت الصحراء خضراء مرة أخرى وبات للحيوانات ما تقتات عليه، وعادت الحياة للنباتات والنخيل".

إذا كانت الأمطار الأخيرة قد بدلت حاليًا المنظر العام للصحاري الممتدة في أنحاء عدة في جنوب شرق المملكة، فإن "تغيرًا حادًا واحدًا لا يمكن أن يكون له تأثير دائم على المنطقة"، كما تنبه فاطمة دريوش.

وتُعدّ بلدان شمال إفريقيا عمومًا من بين الأكثر تأثرًا بالإجهاد المائي، وفق مركز الأبحاث في قضايا البيئة "وورلد ريسورس إنستيتيوت".

تابع القراءة
المصادر:
أ ف ب
تغطية خاصة
Close