دخلت ألمانيا في أزمة سياسية كبيرة مع انهيار الائتلاف الحكومي الهشّ، إثر إقالة المستشار أولاف شولتس وزير المالية وانسحاب بقية وزراء الحزب الليبرالي من الحكومة، لتجد البلاد بذلك نفسها أمام انتخابات مبكرة محتملة في مطلع العالم المقبل.
ومساء الأربعاء، قال المستشار شولتس إنّه أقال وزير المالية كريستيان ليندنر زعيم الحزب الليبرالي الشريك في الائتلاف الحكومي.
"حكومة قادرة على العمل"
وأرجع شولتس سبب الإقالة بقوله: لقد "خان ثقتي مرارًا"، وأردف: "العمل الحكومي الجدي غير ممكن في ظل ظروف كهذه".
وما هي إلا ساعات حتى أعلن بقية الوزراء الليبراليين انسحابهم من الحكومة، التي فقدت بذلك أغلبيتها في مجلس النواب.
وأتى هذا الزلزال السياسي في أسوأ وقت ممكن لألمانيا، إذ إنّ القوة الاقتصادية الأكبر في أوروبا تعاني حاليًا من أزمة صناعية خطيرة، وتشعر بالقلق بسبب فوز الجمهوري دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية في الولايات المتّحدة وما لهذا الفوز من تداعيات على تجارتها وأمنها.
وفي معرض تبريره لقراره إقالة وزير المالية، قال شولتس: "نحن بحاجة إلى حكومة قادرة على العمل ولديها القوة لاتخاذ القرارات اللازمة لبلدنا".
ويتولى شولتس المستشارية عبر ائتلاف من ثلاثة أحزاب هي الحزب الاشتراكي الديمقراطي بزعامته، وحزب الديمقراطيين الأحرار بزعامة ليندنر، وحزب الخضر.
وأشار المستشار الى أنه يعتزم طرح الثقة بحكومته أمام البرلمان مطلع العام المقبل، وأن التصويت قد يحصل في 15 يناير/ كانون الثاني المقبل "وعندها يمكن لأعضاء البرلمان التقرير ما إذا يريدون تمهيد الطريق لإجراء انتخابات مبكرة" قد تقام في نهاية مارس/ آذار القادم.
وأتت إقالة ليندنر خلال اجتماع حاسم في مقر المستشارية ضمّ شخصيات أساسية من الأحزاب الثلاثة، التي يتألف منها الائتلاف الحكومي، بحسب المتحدث.
"ميزانية متشددة"
كما جاءت الإقالة في وقت يشتد فيه الخلاف بشأن سبل إنعاش الاقتصاد الألماني المتعثر والميزانية المتشددة في الإنفاق منذ أسابيع بين الاشتراكيين الديمقراطيين بزعامة شولتس وشركائه.
وطرح ليندنر تبنّي إصلاحات اقتصادية شاملة عارضها الحزبان الآخران، وطرح صراحة فكرة الخروج من الائتلاف.
وقد تؤدي الأزمة إلى تنظيم انتخابات مبكرة، أو ترك شولتس والخضر يحاولون البقاء في حكومة أقلية حتى الانتخابات المقررة في سبتمبر/ أيلول المقبل.
وقبل محادثات الأربعاء، حذّر ليندنر من أن "عدم القيام بأي شيء ليس خيارًا".
وفي خضم الفوضى، حضّ شولتس شريكيه في الائتلاف على مقاربة براغماتية للتوصل إلى اتفاق.
وقال: "قد تكون لدينا وجهات نظر سياسية واجتماعية مختلفة، لكننا نعيش في بلد واحد. هناك ما يوحدنا أكثر مما يفرقنا".
وقد عجلت قضية سد الفجوة في الميزانية الكبيرة في ميزانية العام القادم في بروز الخلاف للعلن وإقالة وزير المالية.
من جانبها، تدعو المعارضة إلى تفكيك الائتلاف الحاكم وإجراء انتخابات مبكرة، في وقت يتهم فيه شولتس خصومه في استثمار الأزمة الاقتصادية.
ويقول الوزير المقال إن شولتس حاول إرغامه على التخلي عن سياسة كبح الديون، معتبرًا أن المستشار بهذه الخطوة "يقود ألمانيا إلى مرحلة من عدم اليقين".
"أسوأ وقت لفشل الحكومة"
بدوره، حذر نائب المستشار روبرت هابيك من حزب الخضر من أن الانتخابات الرئاسية الأميركية والمشاكل الاقتصادية في ألمانيا والحرب في أوكرانيا والشرق الأوسط تجعل من الوقت الحالي "أسوأ وقت للحكومة للفشل".
وبعد إعلان فوز ترمب، حثّ هابيك الأحزاب المتناحرة في برلين على تحكيم المنطق، وراح يقول إن "الحكومة يجب أن تكون قادرة تمامًا على العمل الآن".
كما رأى زعيم الحزب الاشتراكي الديموقراطي لارس كلينغبيل أن نتيجة الانتخابات الأميركية "ستغير العالم". ودعا إلى إيجاد تسوية "لأننا لا نستطيع تحمل أسابيع من المفاوضات داخل الحكومة".