وسط جهود واتصالات دولية، قدّمت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن قبل رحيلها مسودة اقتراح للتهدئة ووقف إطلاق النار إلى الساسة اللبنانيين، تهدف للحصول على ملاحظات من قبلهم، في وقت أكدت مصادر للتلفزيون العربي تسليم المسودة من دون إحراز أي تقدم يذكر.
كما أكدت المصادر أن السلطات اللبنانية تدرس المقترح الأميركي قبل الرد عليه، مع تأكيدها على ثوابتها المتعلقة بالسيادة ووقف العدوان الإسرائيلي، علاوة على تطبيق القرار 1701 من دون إدخال أي تعديلات عليه، وهو أمر أعاد تأكيده رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي.
ماذا يتضمن المقترح الأميركي؟
ويطالب المقترح الأميركي، بحسب التسريبات المتداولة، بانسحاب حزب الله إلى شمال نهر الليطاني، مع تسليم المناطق الحدودية للجيش اللبناني تحت إشراف أميركي بريطاني لفترة شهرين، علاوة على منع الحزب من إعادة تسليح نفسه.
ويشترط المقترح كذلك حق الجيش الإسرائيلي في التدخل حال وقوع أي انتهاكات لم تحدد طبيعتها، وهو ما رفضه رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، وعدّه مسًا بالسيادة اللبنانية، وسط مزاج سياسي لبناني عام يرى أن إسرائيل تحاول من خلال المفاوضات المدعومة أميركيًا تحقيق ما لم تستطع إنجازه بالحرب.
وحتى اللحظة، يسير الموقف الإسرائيلي بموازاة اتجاهين، تصعيد عسكري مكثّف بتوسيع العملية البرية ووتيرة القصف، والآخر يدور حول الجهود الدبلوماسية مع إعلان تل أبيب عن عقد مشاورات بشأن التهدئة.
في المقابل، يبدو أن حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تستثمر في كل هذا الحراك، من خلال تهيئة الأجواء للوصول إلى اقتراح لوقف إطلاق النار في لبنان، وتقديمه هدية للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.
ويعني ذلك تأجيل الأمر أسابيع حتى يجلس ترمب على كرسي البيت الأبيض، وحرمان بايدن من هذا المنجز، بحسب مصادر إسرائيلية وأميركية.
"تجيير الاتفاق لصالح الحزب الديمقراطي"
تعليقًا على التطورات، يشير الصحافي والباحث السياسي صهيب جوهر إلى أن الإدارة الأميركية الحالية تعمل بكل ما أوتيت من قوة لتحصيل مكتسبات متعلقة بوقف إطلاق النار في لبنان، لتجيير هكذا اتفاق لصالح الحزب الديمقراطي في نهاية عهد الرئيس جو بايدن.
وفي حديث للتلفزيون العربي من بيروت، يضيف جوهر أن هناك دفعًا حقيقيًا من قبل المبعوث الأميركي لطرح مسودة اتفاق، موضحًا أن هذه الورقة التي شهدت خلال الأيام الماضية مفاوضات بين أميركا وإسرائيل تحمل العديد من الشروط التي لا يمكن للبنان الموافقة عليها.
وفيما يلفت إلى وجود أكثر من طرح متعلق بالقرار 1701، يشير جوهر إلى أن "إسرائيل تطالب بسحب سلاح حزب الله، فيما يتمسك لبنان بالسيادة، وببعض العبارات التي تتعلق بالقرار الأممي وتعني في نهاية المطاف السماح للحزب بإعادة تكوين قوته العسكرية".
وجوهر الذي يذكر بأن حزب الله موافق على القرار 1701 الذي أُقر في العام 2006، يلفت إلى أن "الطروحات الجديدة والحديث الإسرائيلي عن سحب سلاح الحزب هو ما يعرقل جهود الوساطة".
"تريد الوصول إلى خط النهاية بشروطها"
من جهته، يرى المختص بالشأن الإسرائيلي جاكي خوري أن "مسألة اليوم التالي في غزة تختلف عن لبنان، الذي لديه حكومة تستطيع التفاوض باسم البلاد، في ظل الحديث عن إمكانية التوصل إلى حل، وانتشار الجيش اللبناني في جنوب لبنان".
ويشير في حديث للتلفزيون العربي من الناصرة، إلى أن "تل أبيب تطالب بتطبيق القرار 1701، بمنظومة مراقبة تعطيها الحق في إمكانية التوغل والمتابعة الاستخباراتية من خلال طائرات، وحتى أن يكون لها الحق في استهداف مواقع أو منشآت أو حتى قوافل تشك في أنها تنقل أسلحة لحزب الله".
وبشأن سعي إسرائيل الحثيث إلى اتفاق وقف إطلاق النار، يذكر خوري بأنها كانت قد وعدت "سكان الشمال ورؤساء السلطات المحلية بأن خط النهاية للحرب على لبنان قد يكون في نهاية العام".
ويعرب خوري عن اعتقاده بأن "هناك مطالب أميركية واضحة حتى من قبل إدارة ترمب بأن تنتهي الحرب في لبنان، لذلك تريد إسرائيل أن تصل إلى خط النهاية في هذه الحرب، لكن بشروطها".
"نتنياهو يريد إعطاء الانتصار لترمب"
يقول المخطط الإستراتيجي في الحزب الديمقراطي كريس ليبيتينا، إن إدارة بايدن تدعم القرار 1701 وتعتبر أنه الطريقة لإنهاء الحرب.
ويشير في حديثه للتلفزيون العربي من واشنطن، إلى أن "نتنياهو يتصرف الآن بحسب مهلته الزمنية المحددة، والهدف إعطاء صديقه ترمب هذا الانتصار في السياسة الخارجية".
ويلفت إلى أن "نتنياهو لا يريد في هذه المرحلة الوصول إلى اتفاق يساعد ترمب في الحصول على إنجاز في السياسة الخارجية فحسب، بل يريد الاستمرار بإحراج بايدن أيضًا".
ويعرب عن اعتقاده بأن "بايدن لا يملك أي خيارات بعد الآن، إلا محاولة المطالبة وإيجاد أمور قد تكون منطقية لنتنياهو في محاولة منه للوصول إلى اتفاق قبل وصول ترمب".