لم تسلك أوكرانيا طريق الدول الساعية للطاقة النووية، فهي تكاد تكون الدولة الوحيدة في العالم التي وُلِدت مالكة للتقنية النووية، فقد ورثت من أنقاض الاتحاد السوفيتي ما يقارب 1900 رأس نووي حربي، وأكثر من 2500 سلاح نووي تكتيكي.
هذه الثروة الكبيرة في المدن الأوكرانية، كانت علاقة كييف معها مكانية بحكم الجغرافيا، وليست علاقة تشغيلية.
لكنّ هذا لم يكن عائقًا أمام طموح الأوكران الجدد الذين استفادوا بعد خروجهم من عباءة السوفيت، من كميات اليورانيوم الهائلة في البلاد.
تعهد بالحماية مقابل التخلي عن النووي
فالقدرة النووية التي انتشرت في الفضاء السوفيتي كانت شاغلًا أساسيًا للإدارة الأميركية في عهد الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون الذي توصل إلى اتفاق مع الرئيس الروسي بوريس يلتسين على إعادة القدرة التشغيلية للطاقة النووية من كييف إلى موسكو.
وهذا ما نصّت عليه مذكرة بودابست للضمانات الأمنية، التي تعهّدت فيها واشنطن ولندن بحماية سيادة أوكرانيا في حال قامت بتفكيك منظومتها من السلاح النووي.
الخارطة النووية الأوكرانية
أما المواقع النووية الأوكرانية فتضمّ 15 مفاعلًا نوويًا، وتوفّر قرابة نصف احتياجات المدن الأوكرانية من الكهرباء، وأكبر هذه المواقع هو موقع زابوروجيا في جنوب وسط أوكرانيا، والذي يُعتبَر الأكبر بين مفاعلات القارة الأوروبية حيث يضمّ 6 مفاعلات أساسية أولها أنشئ عام 1984 وآخرها أنشئ عام 1985.
وتُستخدَم جميعها في إنتاج الطاقة، وهذا الموقع سيطرت عليه القوات الروسية.
في الجنوب أيضًا، يوجد موقع آخر يضمّ 3 مفاعلات أساسية أولها أنشئ عام 1982 وآخرها أنشئ عام 1989.
كما في الغرب، هناك موقع روفنو النووي الذي يضمّ 4 مفاعلات أساسية أنشئت بين عامي 1989 و2004، وليس بعيدًا عنه أيضًا يقوم موقع كميلنيتسكايي الذي يضمّ مفاعلين آخرهما تمّ إنشاؤه عام 2004.
أما الموقع الرابع والأخير فهو موقع تشرنوبل الذي يبعد شمالًا عن كييف ما يقارب 108 كيلومترات إلى القرب من الأراضي البيلاروسية.
وقد أغلق نهائيًا عام 2000 وكان يضمّ 4 مفاعلات أساسية، وقد تسبّب انفجار المفاعل الرابع فيه عام 1986 بانطلاق إشعاع نووي تسبّب بتلوث أكثر من مليون هكتار في المناطق القريب والأراضي الزراعية، وتسبّب أيضًا بتغيير حياة أكثر من نصف مليون إنسان.
تخوّف أممي من استهداف المنشآت
إلى جانب هذه المواقع النووية، هناك منشآت رديفة أيضًا تتوزع على الخارطة الأوكرانية تتضمن عمليات معالجة النفايات النووية أبرزها في خاركيف والعاصمة كييف وإقليم الدونباس الغني بالمعامل الكيماوية.
ومنذ بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا، تمّ قرع ناقوس الخطر أكثر من مرة لضبط المشهد العسكري في محيط المواقع والمنشآت النووية، خصوصًا مع سيطرة القوات الروسية على موقعي تشرنوبل وزابوروجيا.
وينصّ القانون الدولي على أنّ أيّ هجوم مسلَّح أو تهديد ضدّ المنشآت النووية المخصصة للأغراض السلمية يشكل انتهاكًا لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي والنظام الأساسي للوكالة الدولية للطاقة الذرية.