مع تواصل الحرب الروسية على أوكرانيا والتي دخلت يومها الـ50، تتواصل تداعياتها "الوخيمة" على اقتصاد منطقة اليورو، بحسب رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد، في حين تزداد الآفاق قتامة مع ارتفاع أسعار الطاقة وزعزعة سلاسل الإمداد وتراجع الثقة.
وأوضحت لاغارد خلال مؤتمر صحافي عبر الإنترنت أن "الحرب في أوكرانيا تؤثّر بشدّة على اقتصاد منطقة اليورو وفاقمت حالة عدم اليقين بدرجة كبيرة"، موضحة أن "آثار الحرب على الاقتصاد هي رهن تطوّر النزاع وتداعيات العقوبات الحالية وغيرها من التدابير المحتملة في المستقبل".
ويدفع هذا الارتياب البنك المركزي الأوروبي إلى التحوّط، وخلافًا لحال مصارف مركزية أخرى، لم ترفع المؤسسة الأوروبية من سعر الفائدة الرئيسي، أو لم تكشف حتّى عن مهل زمنية لرفعه في مسعى إلى احتواء ارتفاع الأسعار.
وقبل أسبوع حذر رئيس البنك الدولي ديفيد مالباس من أنّ الحرب الروسية على أوكرانيا انعكست بالفعل على الاقتصاد العالمي، إذ أدت إلى ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء وتفاقم الفقر والجوع.
وقالت لاغارد: إنّ "استمرار أسعار الطاقة المرتفعة على هذا المنوال مقرونًا بتراجع الثقة قد يؤدّي إلى خفض الطلب وتقويض الاستهلاك".
وعرضت الرئيسة الفرنسية للمركزي الأوروبي الوضع على نحو لا يبعث على التفاؤل، قائلة إن "الحرب تلقي بظلالها على ثقة الشركات والمستهلكين نظرا لحالة الارتياب التي تتسبب فيها".
وأضافت أن أسعار الطاقة والمنتجات الأساسية ترتفع ارتفاعًا شديدًا، وتواجه الأسر ارتفاعًا في تكلفة العيش، في حين ينبغي على "الشركات التعامل مع ازدياد كلفة الإنتاج وفي وقت تتسبّب الحرب باختناقات جديدة" في السلاسل اللوجستية.
ولكن على الرغم من أن روسيا تعد ثاني أكبر منتج للنفط الخام في العالم بعد الولايات المتحدة، بمتوسط إنتاج يومي يبلغ 10.3 ملايين برميل يوميًا؛ إلا أن وزير المالية الروسي السابق، أليكسي كودرين، أكد أن اقتصاد بلاده في طريقه نحو الانكماش أكثر من 10% هذا العام، فيما شهدت موسكو أكبر انخفاض في الناتج المحلي الإجمالي منذ عام 1994.
وكانت الولايات المتحدة وبريطانيا قد حظرتا النفط الروسي على أمل قطع مصدر كبير للعائدات عن موسكو. لكن هذا القرار له أثر أكبر على الاقتصاد الأوروبي نظرًا لمدى اعتماد القارة على الخام الروسي، وربما يؤدي إلى ارتفاع أسعار الطاقة التي زادت بالفعل.
الحفاظ على سعر الفائدة
وأبقى البنك المركزي الأوروبي، اليوم الخميس، أسعار الفائدة في أدنى مستوياتها.
وفي ختام مجلس الحكّام، اكتفى البنك المركزي الأوروبي بإعادة التشديد على النداء الذي أطلقه في مارس/ آذار الماضي، حول ضرورة تثبيت الأسعار، مع الإشارة إلى أن عمليات شراء الأصول الصافية المنفّذة في سياق برنامج شراء الأصول ستنتهي "في الربع الثالث".
وسيأتي رفع أسعار الفائدة "بعد فترة قصيرة" من إنجاز هذه الصفقات، أي "ما بين أسبوع وعدّة أشهر"، على حدّ قول لاغارد.
ومنذ بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا فجر 24 فبراير/ شباط الماضي، تصاعدت المخاوف من تباطؤ في الاقتصاد العالمي؛ إذ تسبّب بزيادة مضطردة وسريعة في أسعار المواد الأولية ولا سيما موارد الطاقة، وكذلك انبعاث القلق من اضطراب سلاسل التوريد، في وقت كان العالم يخرج بشكل تدريجي من تأثير عامين من جائحة كوفيد-19.
ونظرًا لتأثرها المباشر بتبعات الهجوم الروسي لأوكرانيا، يمكن لمنطقة اليورو أن تفقد ما نسبته 1,4 نقطة مئوية من نموّها الاقتصادي خلال عام، وفق تقديرات أعلنتها الخميس منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي.
وكان المصرف المركزي الأوروبي خفض الشهر الماضي، توقعاته للنمو في منطقة اليورو خلال العام الحالي إلى 3,7%.