اتخذت الرئاسة الفرنسية قرارًا وُصِف بالتاريخي، يسمح برفع السرية عن الأرشيف المختوم بـ "سري"، الذي يزيد عمره عن 50 عامًا، ولا سيما ذلك المتعلق بحرب الجزائر، استجابة لطلبات رفعها باحثون جامعيون للرئاسة الفرنسية.
ويجيز قرار الرئيس إمانويل ماكرون لدوائر المحفوظات نفض الغبار عن الأرشيف الممتد منذ عام 1920 حتى العام 1970، وأثار ردود فعل متباينة في الجزائر خاصة في صفوف عائلات المفقودين والشهداء الذين قضوا في ظروف غامضة في تلك الفترة.
فآلاف العائلات تطالب بمعرفة أماكن دفن ذويهم الذين قضوا في الثورة في ظروف غامضة. وتلقت منظمة "أبناء الشهداء" الجزائرية طلبات كثيرة مع انتشار خبر فتح الأرشيف أمام الباحثين.
من جهة أخرى يتساءل مؤرخون عن توقيت هذه الخطوة ودلالتها في ظل استمرار فرنسا في عدم الاعتراف بمجازرها في الجزائر إبّان حقبة الاستعمار.
قانونيًا
يرى محامون أن رفع السرية جزء من ملف الذاكرة وأن الجهة الحقيقية التي تملك الحقيقة الكاملة عن مكان دفن المفقودين هي فرنسا.
وحول هذا الموضوع يتحدث المحامي عامر رخيلة عن إشكالية في الشق المادي من القضية، ويضيف "من كان مفقودًا عام 1954 و1962 وكان له صلة بالثورة اعتُبر من طرف المؤسسات الجزائرية مجاهدًا ويمكن لأهله تحصيل الحقوق المترتبة عنها".
وكان الإعلان عن فتح الأرشيف قد أتى مباشرة عقب اعتراف الإليزيه بمسؤولية فرنسا عن تعذيب وقتل المحامي الجزائري علي بومنجل.
توقيت فتح الملف
من باريس يكشف مصعب حمودي الأكاديمي في المدرسة العليا للعلوم الاجتماعية، عن الخطوات التي تلي هذا الإعلان، مشيرا إلى أن ملف الذاكرة مشترك بين فرنسا والجزائر وكل جانب لديه فيه جزء شعبي وسياسي.
ويضيف أنه سيتم الإفراج جزئيًا عن هذه الملفات التاريخية، كونها تحتوي على "فظائع فرنسية" مشبّهًا إياها بالإبادة النازية.
ويشير حمودي لـ"العربي" إلى أن كشف الأرشيف يزعج فرنسا سياسيًا، لأنها كانت مجبرة على فتحه قانونيًا، ويحذّر من تلاعب في الإجراءات والمناورة الفرنسية التي قد لا تخرج دلائل إدانة لأفراد ما زالوا على قيد الحياة.
وعن شروط الاطلاع على المذكرات، يؤكد حمودي أن من سيطّلع عليها هم جنرلات وجنود فرنسييون ضليعون في مثل هذه الجرائم، بالإضافة إلى تحقيقات للمخابرات الفرنسية، ويتوقع أن تكشف أسرارا خطيرة.