التقى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الرئيس التونسي قيس سعيّد في واشنطن، على هامش القمة الأميركية الإفريقية.
وأفاد بيان الخارجية الأميركية بأن بلينكن جدد التزام الولايات المتحدة بـ"الديمقراطية التونسية"، كما شدّد على أهمية إجراء انتخابات برلمانية حرة ونزيهة في 17 من الشهر الجاري، فضلًا عن الإصلاحات الشاملة لتعزيز الضوابط والتوازنات الديمقراطية وحماية الحريات الأساسية.
من جهته، قال رئيس جبهة الخلاص الوطني التونسية أحمد الشابي، إن هناك عزوفًا عن المشاركة في الترشح للانتخابات التشريعية ليلة التصويت في تونس.
وأفاد الشابي في مؤتمر صحافي، بأن الانتخابات جاءت ضمن مسار انقلابي، وستواصل الجبهة مقاومته حتى تعود تونس إلى الديمقراطية، وفق قوله.
وفي الشأن الاقتصادي، أضاف الشابي أن تأجيل صندوق النقد الدولي النظر في ملف تونس، يشكل ضربة تهدد التوازنات المالية للحكومة وستكون له تداعيات سياسية واجتماعية. كما أضاف أن الوقت حان لوضع حد للانهيار، وفق وصفه.
تأجيل بحث ملف قرض تونس
وفيما تفصلها أيام قليلة عن نهاية العام الحالي واستقبال آخر، تبدو تونس غير مستعدة لبناء هيكل موازنة السنة الجديدة والتي من المفترض أن تتضمن شكل الإصلاحات المزمع تنفيذها إرضاء لصندوق النقد، الذي يفرض شروطه قبل مده الدول المحتاجة للاقتراض منها.
وتوصلت تونس مؤخرًا لاتفاق مع خبراء الصندوق، يقضي بمدها بـ1,9 مليار دولار لتمويل موازنة العام الجديد، وباعتبار النقد الدولي مؤسسة غير خيرية فقد اشترطت على البلد العربي إدراج سلسلة إصلاحات في حساباته المالية الجديدة، والتي تعني مصاعب جديدة تلقى على كاهل المواطنين الذين سيكونون على موعد مع خفض جديد لدعم المواد الغذائية والطاقة.
وقرر الصندوق إحالة اجتماعه المخصص لبحث الملف التونسي إلى يناير/ كانون الثاني المقبل، عوضًا عن 19 من ديسمبر/ كانون الأول الحالي، عله يكون فسحة من الوقت يتمكن من خلاله راسمو السياسة المالية في البلاد من إدراج الإصلاحات المطلوبة في موازنتها، التي من المتوقع شمولها إجراءات تقشفية، كما تستهدف فرض ضرائب جديدة على المهنيين أي أولئك الذين نظموا إضرابات اعتراضًا على سياسية حكومة بلادهم.
وسعى البلد الذي بلغ عجز ميزانيته للعام الحالي قرابة 3 مليارات دولار، حثيثًا لتحسير الفجوة بين نفقاته وإيراداته، فتارة يلجأ إلى الوكالة الفرنسية للتنمية، وأخرى بزيادة أسعار المحروقات خمس مرات، لكنها خطوات لا تكفي لتغطية عيوب الحسابات المالية الراهنة خصوصًا مع تجاوز المديونية مستوى 35 مليار دولار.
فتونس أمام معضلة مزدوجة فهي لم تفلح في تغطية العجز في ميزانية العام الذي شارف على الانتهاء، ولا هي قادرة على بناء موازنة جديدة دون اللجوء مجددًا إلى جيب المواطن الذي أرهقه التضخم البالغ نحو 10% وسياسة الجباية التي تجهز على ما بقي من مدخراته إن وجدت أساسًا.
في غضون ذلك، يأتي هذا التأجيل تزامنًا مع توقعات لصندوق النقد الدولي الذي أكد تباطؤ نمو الاقتصاد التونسي في المدى القريب، وسيؤدي ارتفاع أسعار السلع الأساسية الدولية إلى الضغط على التضخم والميزان الخارجي والمالي لتونس.
وحسب توقعات اقتصادية دولية، فإن خط الفقر في تونس سيكون بمعدل 5,5 دولارات للفرد في اليوم، أي ما يقارب 17 دينارًا تونسيًا، ومن المتوقع أن يقع في دائرة الفقر أكثر من 20% من إجمالي مواطني تونس البالغ عددهم حولي 11 مليون نسمة.
ما انعكاسات تأجيل البحث بملف تونس؟
وفي هذا الإطار، أوضح الخبير في الاقتصاد والأسواق المالية معز حديدان، أن إرجاء صندوق النقد الدولي لملف تونس، جاء لأن الملف غير مكتمل العناصر، مشيرًا إلى وجود طلبات من الصندوق هي "قانونية"، من بينها ضرورة أن تنشر تونس قانون المالية لعام 2023، وكذلك إعادة النظر في قانون المؤسسات العمومية، وهذا ما لم تفعله تونس إلى حد الآن.
والسبب الثاني، حسب حديدان، هو عدم اتفاق واضح على برنامج الإصلاحات، في ظل وجود معارضة كبيرة من بعض الأطراف، خاصة الاجتماعية التي سترفض الإصلاحات.
وأضاف في حديث لـ"العربي" من العاصمة تونس، أن ما يمنع تونس من تنفيذ الإصلاحات هو وجود معارضة كبيرة لقانون المالية لعام 2023، مشيرًا إلى أن الحكومة قامت بمشاورات مع العديد من الأطراف لا سيما بما يخص العدالة الاجتماعية وإخضاع بعض المهن الحرة للرقابة الأمر الذي لاقى رفضًا.
وواصل حديدان أن هناك حوارات مع اتحاد الشغل الذي رفض أن يتم إصلاح المؤسسات العمومية، مشيرًا إلى أن الرئيس التونسي هو أيضًا ضد الإصلاحات بالرغم من أنها قدمت من طرف حكومته.
ولفت إلى وجود صعوبة كبيرة لدى الحكومات التونسية المتعاقبة منذ 10 سنوات لتمرير هذه الإصلاحات لأن تمريرها موجع ولكنها ستعود بالنفع على الميزانية المالية للدولة.
وأوضح حديدان أنه سيكون هناك انعكاسات سلبية على الدولة نتيجة تأجيل ملف تونس من قبل صندوق النقد، لأن البلاد بحاجة ماسة إلى التمويل من العملة الأجنبية. كما أن احتياطي تونس من العملة الصعبة تراجع بنسبة كبيرة بما لا يقل عن 7 مليارات دولار، ما يؤدي لعدم قدرة تونس على تمويل المواد الأساسية من النفط والمواد الغذائية.
وتابع أن تونس ستواجه أيضًا صعوبات في تسديد بعض الديون الذي سيحل آجالها عام 2023، الأمر الذي سيغذي التضخم الذي سيواصل ارتفاعه عند انخفاض احتياطي تونس من العملة الصعبة، مما سيؤدي بطبيعة الأمر إلى انخفاض قيمة الدينار التونسي.