الخميس 21 نوفمبر / November 2024

أزمة العراق.. هل ما زال دستور 2005 صالحًا لإدارة البلاد؟

أزمة العراق.. هل ما زال دستور 2005 صالحًا لإدارة البلاد؟

شارك القصة

تسلط فقرة من برنامج "قضايا" الضوء على الأزمة في العراق وتناقش ما إذا كان دستور 2005 لا يزال صالحًا لإدارة البلاد (الصورة: الأناضول)
يعتبر أستاذ العلوم السياسية طالب عبد الكريم أن أصل المشكلة تكمن في دستور 2005، وأنه عائق أمام التغيير في البلاد، مشيرًا إلى أن التغيير صعب لكنه ليس مستحيلًا.

بعد اقتحام أنصار التيار الصدري مبنى البرلمان داخل المنطقة الخضراء في العاصمة بغداد للمرة الثانية خلال أقل من أسبوع، في تصاعد لافت للأزمة السياسية في البلاد، أعلن رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي تعليق الجلسات حتى إشعار آخر.

ويعيش العراق أزمة منذ أكثر من 8 أشهر، نتيجة خلافات حادة حول تشكيل حكومة جديدة بين الكتلة الصدرية التي فازت بالمرتبة الأولى بـ73 نائبًا، وأحزاب سياسية ممثلة في ما يعرف باسم "الإطار التنسيقي" المنافس لها.

ويمثل قيام الجمهورية العراقية في 14 يوليو/ تموز 1958 انعطافة مفصلية في التاريخ الحديث للعراق، إذ قام وقتها ضباط من الجيش بانقلاب عسكري نجح في تغيير نظام الحكم من الملكية الدستورية إلى الجمهورية.

وبموجب العرف السياسي غير الدستوري المتبع منذ التدخل العسكرية الأميركي وإسقاط النظام السابق عام 2003، تتولى الأغلبية الشيعية رئاسة الوزراء وهو المنصب التنفيذي الأقوى في البلاد، فيما يشغل الأكراد رئاسة الجمهورية والسنة رئاسة البرلمان.

وعادة يجري التوافق بين الكتل الفائزة في الانتخابات لتوزيع الوزارات والمناصب الرفيعة الأخرى فيما بينهم بموجب النظام المسمى بـ"المحاصصة".

انتفاضة أكتوبر ونظام المحاصصة

وفي انتفاضة أكتوبر/ تشرين الأول عام 2019، طالب المتظاهرون بإزالة نظام المحاصصة، إذ أخذ هذا النظام عدة أشكال بين الطائفية والحزبي وغيرها، إلا أن الكتل الشيعية الكبرى شهدت تنافسًا محمومًا فيما بينها مؤخرًا.

وتسعى قوى الإطار التنسيقي إلى تشكيل حكومة توافقية وفق مبدأ المحاصصة، بينما يسعى مقتدى الصدر إلى تشكيل حكومة أغلبية وطنية تحت حلف يسمى "إنقاذ وطن" مع الحزب الديمقراطي الكردستاني والعرب السنة ممثلين في تحالف السيادة.

ومنذ 30 يوليو/ تموز الماضي، يواصل أنصار التيار الصدري اعتصامهم داخل المنطقة الخضراء رفضًا لترشيح الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني لمنصب رئاسة الوزراء.

وفي 3 أغسطس/ آب الجاري، دعا رئيس التيار الصدري مقتدى الصدر، في خطاب متلفز، إلى حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة، "على أن لا يكون للوجوه القديمة وجود بعد الآن، من خلال عملية ديمقراطية ثورية سلمية، وعملية ديمقراطية مبكرة بعد حل البرلمان الحالي".

والأربعاء، دعا الصدر مجلس القضاء الأعلى إلى حل البرلمان خلال مدة لا تتجاوز نهاية الأسبوع الجاري، وتكليف رئيس الجمهورية بتحديد موعد لإجراء انتخابات مبكرة مشروطة بشروط سيتم إعلانها لاحقًا.

هل مازال دستور 2005 صالحًا لإدارة البلاد؟

وفي هذا الإطار، يرى أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية طالب محمد عبد الكريم، أن ما يجري حاليًا في العراق هو أزمة حكومة ومناصب ومحاصصات وأزمة حكم تطال النظام السياسي القائم في البلاد منذ 2003.

ويوضح في حديث إلى "العربي" من بغداد، أنه بعد عام 2003، بدأ دستور 2005 الذي صوت عليه الشعب العراقي يُترجم ويتفاعل مع محيطه ومع الداخل في سبيل أن يكون هناك شعب يعي مفهوم الديمقراطية من خلال مؤسسات الدولة التي يفترض أن تقدم ما يحتاجه العراقيون في سبيل أن يرتقي المواطن ويشعر أنه في نظام سياسي جديد.

ويلفت إلى أن التحديات التي واجهت الدولة العراقية، كالإرهاب وغيره ربما أعاقت نمو العملية الديمقراطية، بالإضافة إلى تفشي الفساد بشكل كبير دون متابعة أو مكافحة من قبل المعنيين، مما أدى إلى تحول المفهوم السياسي إلى محاصصة حزبية، وأعطى رسالة إلى الرأي العام الداخلي مفادها أنه لا يمكن للمواطن العراقي أن يحصل على حقوقه أو مكتسباته إلا من خلال الانتماء الإيديولوجي أو الحزبي.

ويعتبر عبد الكريم أن أصل المشكلة في البلاد تكمن في الدستور، لأنه يفترض أن يتفاعل مع عقلية المواطن العراقي ومع المتغيرات الحاصلة في البلاد، وحتى يكون مرنًا يجب عليه أن يتقبل اقتراحات التعديل، مشددًا على أن الدستور العراقي هو الذي يقف عائقًا أمام التغيير في البلاد، مشيرًا إلى أن التغيير صعب لكنه ليس مستحيلًا.

ويشدد أيضًا على ضرورة أن يكون هناك وعي شعبي ومسؤولية مضاعفة من قبل أصحاب القرار بهدف إيجاد مخرج بغية الاحتكام إلى الدستور وتعديله لتغيير النظام من مجلس نواب يعتمد على المحاصصة إلى أغلبية سياسية.

تابع القراءة
المصادر:
العربي
تغطية خاصة
Close