تفاقمت الأزمة المائية في الأردن بعد جفاف بحيرة سد الوالة في مدينة مأدبا التي كانت تروي مساحات واسعة من الأراضي الزراعية، فضلًا عن خسارة هائلة في الثروة السمكية في البلاد.
وتحوّل مكان بحيرة سد الوالة إلى "أرض قاحلة" تلفظ أنفاسها الأخيرة، بعد أن كان السد يمتلئ بحوالي 10 ملايين متر مكعب من المياه سنويًا.
الجفاف الأسوأ
وتقول السلطات المحلية في الأردن إنّ جفاف البحيرة يعود إلى انخفاض نسبة الأمطار والاستخدام الجائر للمياه، إلا أنّ مزارعين من المنطقة يرون أن اتخاذ قرار تفريغ كميات كبيرة من مياه البحيرة كان سببًا رئيسًا لجفافها.
وهدد خطر جفاف بحيرة السد، الأسوأ في تاريخه، الثروة السمكية، حيث تسبب في نفوق نحو 200 ألف سمكة وفقًا لجمعية مربي الأسماك.
وفي حديث إلى "العربي"، يقول مربي الأسماك وليد الحواجرة، الذي تكبد خسائر فادحة نتيجة للجفاف في السد؛ إنّ انقطاع المياه عن سد الوالة تسبب في أضرار كبيرة بعمله لتربية الأسماك.
وتوجه أكثر من 400 مزارع يعملون في محيط منطقة السد إلى السلطات المحلية للمطالبة بتعويض عن الأضرار الناجمة عن نفاد مياه السد، حيث بلغ العطش ذروته في تلك المنطقة.
مخاطر بيئية وأضرار مادية
من جهته، يروي المزارع حذيفة قبيلات من منطقة سد الوالة، أن الجفاف في تلك المنطقة تسبب في وقف نمو محاصيله الزراعية وأدى إلى "موت مفاجئ" لتلك المحاصيل النباتية.
ويشير إلى وجود أضرار مادية ومعنوية ونفسية جراء الجفاف في منطقة بحيرة السد.
وبحسب الخبراء، فإن جفاف سد الوالة سيتسبب في ضرر بيئي "لا يمكن إصلاحه قبل خمس سنوات على الأقل"، عدا عن الخسائر التي ستلحق بالمزارعين.
وتشير السلطات المحلية إلى وجود سدود مائية أخرى في الأردن معرضة لنفس ما جرى في سد الوالة، مما يفاقم المخاوف بشأن الأزمة المائية في البلاد التي تفتقر إلى حلول إستراتيجية مستدامة.
"اجتهادات شخصية وراء الجفاف"
من جانبه، يرى الخبير المائي في كلية الزراعة بالجامعة الأردنية إلياس سلامة أن السبب الرئيس وراء جفاف بحيرة سد الوالة يكمن في التفريغ المبكر لمياه البحيرة، بالإضافة إلى انخفاض كميات الأمطار السنوية في الأردن.
ويشير سلامة في حديث إلى "العربي" من عمّان إلى وجود اجتهادات شخصية في وزارة الري والمياه الأردنية كانت من ضمن الأسباب الرئيسة وراء التسبب في الجفاف بوقت قصير، وإلحاق الضرر بالمزارعين وعمليات تزويد مياه الشرب في بعض المناطق.
مصادر ضعيفة للمياه
كما يؤكد سلامة أن الأردن يتمتع بوضع "ضعيف جدًا" بشأن مصادر المياه وزيادة الكميات المتاحة لأغراض الشرب والزراعة والصناعة.
ويعتبر أن الأسباب متعددة وراء الوضع المائي في الأردن من ضمنها "وقوع البلاد في مناطق شبه جافة، بالإضافة إلى سنوات الجفاف المتوقعة".
خطط بديلة
ويرى أن "التخطيط الشامل لقطاع المياه الذي يضمن للأردن كميات مياه كافية جاء ضعيفًا خلال السنوات القليلة الماضية"، معتبرًا أن هذا هو السبب الرئيس الذي ساهم بعدم وجود بدائل كثيرة للمياه.
ويوضح أن من بين الأسباب الأخرى لنقص كميات المياه؛ "اعتداءات الدول المشاركة للأردن في مصادره المائية على تلك المصادر"، مشيرًا إلى المياه المشتركة في حوض نهر اليرموك، حيث لا تتدفق منه الآن سوى كمية ضعيفة جدًا من المياه.