تتحول البنوك العراقية إلى ساحة مواجهة بين الولايات المتحدة وإيران، حيث تنقل تقارير غربية عن مسؤولين أميركيين قولهم: إن البنك الاحتياطي الاتحادي في واشنطن اتخذ إجراءات صارمة عند التعامل مع المعاملات الدولية للدولار من البنوك العراقية، وفقًا لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.
فقد تم حظر أكثر من 80% من التحويلات البرقية اليومية إلى العراق التي كانت تقدّر بنحو 250 مليون دولار. وقد برّر الاحتياطي الاتحادي الأمر بالسعي للحد من تهريب الأموال إلى إيران ومنع تبييضها.
انخفاض قيمة الدينار
وساهمت تلك التحركات الأميركية في انخفاض قيمة العملة العراقية أمام الدولار إلى 1600 دينار. وقد أثّر هذا الأمر مباشرة على المواطنين العراقيين الذين يواجهون تداعيات الأزمة المالية وارتفاع أسعار السلع الغذائية.
وخرجت دعوات إلى التظاهر تنديدًا بالأحوال المعيشية، وهو ما دفع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني للتعليق على الموضوع، نافيًا أن يكون للحكومة علاقة بارتفاع سعر الصرف، وملقيًا باللائمة على العراقيين الذين استغلوا الظروف والاضطراب الحاصل في الأسواق.
ولمواجهة التضخم الحاصل، أعلنت وزارة التخطيط العراقية سلسلة إجراءات تستهدف دعم الصناعة والزراعة المحلية لتقليل فاتورة الواردات.
وقال المتحدث باسم الوزارة عبد الزهرة الهنداوي: "إن الوزارة تأمل في أن تُسهم إجراءاتها في تحقيق حالة من الاستقرار في مؤشرات التضخم".
مشاكل متوارثة
في هذا السياق، يعتبر الخبير الاقتصادي عامر عضاض أن اضطراب أسعار الدولار له أسباب عديدة، مشيرًا إلى ضرورة عدم اختزال التضخم بارتفاع سعر صرف الدولار حيث له أوجه عديدة.
ويرى في حديث إلى "العربي" من بغداد أن رئيس الحكومة قام بواجبه في الشق المتعلق بالجمارك والضريبة، حيث أن المصرف المركزي العراقي يتمتع باستقلالية وهو خارج عن نطاق صلاحية السوداني.
ويعتبر عضاض أن رئيس الحكومة العراقية السابق مصطفى الكاظمي لم يكن لديه برنامج اقتصادي على عكس السوداني.
كما يرى أن المشكلة توارثتها حكومات عديدة، وأن إدارة السلطة النقدية متوارثة أيضًا ومفروضة من قبل الأحزاب السياسية، ولا تقع مسؤوليتها على عاتق الحكومة الجديدة.
ويلفت الخبير الاقتصادي إلى إشكاليات التأخر في تنفيذ تعليمات الامتثال المالي التي تفرضها أميركا على الجميع، والتي تقضي أن المستفيد الأخير من التحويلات المالية يجب أن يكون معروفًا للبنك الذي يحوّل له.
ويقول: "ظهر أن الكثير من المعاملات تعطى لأربع بنوك لها حصة الأسد من نافذة العملة وليس من مزاد العملة وهي تأخذ الدولار المدعوم".
فوضى مزاد العملة
من جهته، يشير الباحث الزائر بالمركز العربي في واشنطن عبد الوهاب قصاب إلى أنه جرى العبث في سوق الدولار في أكثر من مجال.
ويقول في حديثه من واشنطن: "المجال الأول هو الفوضى التي تصاحب مزاد العملة الذي كان يعمل لصالح جهة معينة وهي إيران المحاصرة".
ويضيف: "الواضح جدًا أن الأموال العراقية تُهرب إلى إيران وإلى سوريا وإلى لبنان، وحتى أنه يجري تغذية جماعة الحوثي من الدولار العراقي".
كما يشير قصاب إلى مسؤولية البنك الاحتياطي الفدرالي الذي يبدو أنه تنبه مؤخرًا لما يجري.
ويوضح أن الأموال العراقية بموجب الفصل السابع وقرار مجلس الأمن 687 موجودة تحت حماية الاحتياطي الفدرالي عبر مؤسسة معينة، وقد فُرضت هذه الحماية لكي تُحمى أموال العراق.
الحاجة لاقتصاد دولة
بدوره، يؤكد عضو غرفة تجارة بغداد رشيد السعدي أن السوداني ورث تراكمات منذ عام 2003 تعيق اتخاذ خطوات نحو تحقيق تنمية شاملة ومستدامة للاقتصادي العراقي.
ويعتبر في حديثه إلى "العربي" من بغداد، أن الاقتصاد العراقي الأحادي الجانب له دور في التأثير على سوق الدولار، فهو قائم على تصدير النفط الذي تذهب عوائده للفدرالي الأميركي.
كما يشير السعدي إلى أن الفدرالي يحمي الحكومة العراقية من المطالبين بموجب الوصاية الأميركية.