يُعد البعوض الناقل الرئيسي للعديد من الأمراض الخطيرة والمميتة، أبرزها حمى الضنك وفيروس غرب النيل، والتهاب الدماغ الخيلي الشرقي الذي يعتبر أخطرها.
وفي هذا الصدد، أوضح الأستاذ المساعد للصحة العامة وعلوم الصحة في جامعة نورث إيسترن في بوسطن لاري هان لشبكة "إيه بي سي نيوز" الأميركية، أنّ "أكثر الحيوانات فتكًا بالجنس البشري هو البعوض الذي أدى إلى تدمير البشر عدة مرات عبر التاريخ".
وأشار إلى أنّه تمّ رصد "زيادة سريعة في بعض الفيروسات التي لم تكن في دائرة الضوء خلال السنوات الأخيرة، إذ شهد فيروس غرب النيل والتهاب الدماغ الخيلي الشرقي وحمى الضنك ارتفاعًا، وبالتالي، فإن هذه التهديدات الثلاثية، أدت إلى انتشار مزيد من القلق بين عامة الناس".
كيف نفرّق بين الأمراض الثلاث؟
يُعدّ فيروس غرب النيل السبب الرئيسي للأمراض التي ينقلها البعوض في الولايات المتحدة. ووفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، تمّ التعرف عل المرض لأول مرة في نصف الكرة الغربي في أغسطس/ آب 1999، بعد تشخيص إصابات في مدينة نيويورك.
أما فيروسات حمى الضنك فتنتشر من خلال لدغات بعوض "Aedes"، التي توجد في الغالب في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية من العالم، علمًا أنّ هذه الفصيلة من البعوض مسؤولة أيضًا عن نشر فيروسي زيكا وشيكونغونيا.
وقال هان: "من النادر جدًا رؤية حالات حمى الضنك ما لم تكن تعيش في مناخات أكثر استوائية، لذلك قد ترصد هذا المرض في فلوريدا، وبعض الولايات الجنوبية على طول الساحل الشرقي، لكن لن ترصده في ولاية ماساتشوستس أو في الغرب الأوسط أو الغرب على الأغلب".
أما بالنسبة لمرض التهاب الدماغ الخيلي الشرقي، فهو نادر جدًا، حيث يتم الإبلاغ عن عدد قليل فقط من الحالات في الولايات المتحدة سنويًا. وتحدث معظم الإصابات في الولايات الشرقية أو ساحل الخليج (الساحل الجنوبي)، وفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها.
ما هي أعراض الأمراض الثلاث؟
لا تظهر الأعراض على غالبية المُصابين بفيروس غرب النيل، لكن يُعاني حوالي واحد من كل 5 مصابين من الحمى والصداع، وآلام الجسم، وآلام المفاصل، والإسهال والقيء، أو الطفح الجلدي.
وعادة ما تختفي الأعراض خلال أسبوع أو أقلّ بالنسبة لمعظم المصابين، لكن الشعور بالإرهاق والتعب قد يستمرّ لأسابيع أو أشهر.
ومع ذلك، يمكن أن يتطوّر المرض عند بعض الأشخاص إلى حالة خطيرة.
وقال توماس دوزينسكي مدير تعليم علم الأوبئة في كلية "ريتشارد إم فيربانكس" للصحة العامة في جامعة إنديانا: "يُمكن لواحد من كل 150 شخصًا تظهر عليهم الأعراض، أن يصاب بمرض أكثر خطورة، مثل التهاب الدماغ الناجم عن فيروس غرب النيل، حيث يُعاني من تورم في الدماغ قد يكون مميتًا".
أما بالنسبة لحمى الضنك، يُصاب حوالي واحد من كل 4 أشخاص بأعراض تستمر من يومين إلى 7 أيام، لكنّ الأعراض عادة ما تكون خفيفة، وقد تشمل الحمى والطفح الجلدي والغثيان والقيء وآلام العضلات وآلام المفاصل وآلام العظام.
وأوضح دوزينسكي أنّ معظم حالات حمى الضنك في الولايات المتحدة تُسجّل بين الأشخاص الذين يُصابون بها أثناء السفر إلى الخارج، حيث يكون الفيروس متوطنًا أو حيث تكون الحالات أكثر شيوعًا، ثم يعودون بالفيروس إلى الولايات المتحدة.
وغالبًا ما يتم الخلط بين أعراض حمى الضنك وبين أمراض أخرى.
أما الأشخاص المصابين بالتهاب الدماغ الخيلي فيعانون أعراضًا خفيفة أو لا تظهر عليهم أي أعراض على الإطلاق. ومع ذلك، فإنّ الأعراض الشديدة تظهر عادةً مع الحمى والصداع والقشعريرة والقيء.
وعلى غرار فيروس غرب النيل، يمكن أن يتطوّر التهاب الدماغ الخيلي إلى حالات أكثر شدة، مثل التهاب السحايا، الذي يؤدي إلى تورّم الأغشية المحيطة بالمخ والحبل الشوكي.
يمكن أن يعاني العديد من الناجين من مشاكل عصبية مستمرة، بما في ذلك التشنجات والشلل والإعاقة الذهنية. كما تؤدي حوالي 30% من حالات التهاب الدماغ الناجمة عن التهاب الدماغ الخيلي، إلى الوفاة.
وقال هان إنّ خطر الوفاة من حمى الضنك أو فيروس غرب النيل، منخفض جدًا مقارنة بمرض التهاب الدماغ الخيلي الشرقي.
العلاجات والوقاية
لا توجد علاجات محدّدة لأي من هذه الأمراض. ولذلك، تُوصي مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها بالراحة وشرب السوائل، وتناول بعض الأدوية المتاحة دون وصفة طبية لتخفيف الأعراض.
وغالبًا ما يحتاج المرضى الذين يعانون من أعراض شديدة إلى دخول المستشفى والحصول على علاجات داعمة إضافية، مثل السوائل الوريدية.
ولا توجد لقاحات متاحة لفيروس غرب النيل أو التهاب الدماغ الخيلي الشرقي، بينما يتوفّر لقاح حمى الضنك في الولايات المتحدة، والذي وافقت عليه إدارة الغذاء والدواء للأطفال للذين تتراوح أعمارهم بين 9 و16 عامًا، أو الذين لديهم عدوى سابقة بفيروس حمى الضنك مؤكدة مختبريًا، بالإضافة إلى الذين يعيشون في مناطق تتوطن فيها حمى الضنك.
كما يتوفر اللقاح في بورتوريكو، وهو جزء من جدول التحصين الروتيني للأطفال في الإقليم.
وقال دوزينسكي لشبكة "إيه بي سي نيوز"، إنّ حمى الضنك يمكن أن تنتج عن سلالات فيروس حمى الضنك 1 أو 2 أو 3 أو 4، حيث يصاب الشخص عدة مرات على مدار حياته، لذلك قد يكون اللقاح قادرًا على المساعدة في منع العدوى من سلالة مختلفة.
لا تختلف طرق الوقاية من الأمراض الثلاث، وتشمل استخدام بخاخات ومراهم طاردة للبعوض، وارتداء ملابس بأكمام طويلة، وسراويل طويلة عندما تكون بالخارج، والبقاء في أماكن تتوفر فيها مكيفات الهواء، وإفراغ أماكن المياه الراكدة في الحدائق والأسطح والحاويات للقضاء على الأماكن التي يمكن أن يتكاثر فيها البعوض.