يواجه سكان وفرق إغاثة في مدينة درنة الليبية صعوبة كبيرة في التعامل مع آلاف الجثث التي أعادتها الأمواج لليابسة أو تتحلل تحت الأنقاض، بعد أن دمّرت الفيضانات المباني وألقت بالكثيرين في البحر.
ودعت منظمة الصحة العالمية ومنظمات إغاثة أخرى السلطات في ليبيا، إلى التوقف عن دفن ضحايا الفيضانات في مقابر جماعية، قائلة إن هذا الأمر قد يتسبّب في مشكلات نفسية طويلة الأمد للعائلات أو قد يحدث مخاطر صحية إذا كانت الجثث مدفونة بالقرب من المياه.
وجاء في تقرير للأمم المتحدة أن أكثر من ألف شخص دفنوا بهذه الطريقة حتى الآن، منذ أن تعرّضت ليبيا لأمطار غزيرة يوم الأحد أدت إلى انهيار سدين.
ولقي الآلاف حتفهم وما زال آلاف آخرون في عداد المفقودين بسبب الكارثة.
ونقلت وكالة "رويترز" عن طبيب في درنة هذا الأسبوع، قوله "إن جثثًا مجهولة الهوية التُقطت لها صور قبل دفنها على احتمال بأن يتمكن الأقارب من التعرّف عليها لاحقًا".
مخاوف من انتشار الأمراض
وكان بلال سبلوح، مدير الطب الشرعي لمنطقة إفريقيا باللجنة الدولية للصليب الأحمر، قال في إفادة صحفية في جنيف: إن "الجثث متناثرة في الشوارع، أو تعيدها الأمواج إلى الشاطئ، أو مدفونة تحت المباني المنهارة والأنقاض".
وأضاف: "في غضون ساعتين فقط أحصى أحد زملائي أكثر من 200 جثة على الشاطئ بالقرب من درنة".
إلى ذلك، نقلت وكالة "رويترز" عن إبراهيم العربي، وزير الصحة في حكومة الوحدة الوطنية الليبية، أنه متأكد من أن المياه الجوفية لوثتها المياه الممزوجة بجثث البشر والحيوانات النافقة والقمامة والمواد الكيماوية. وحثّ السكان على عدم الاقتراب من مياه الآبار في درنة.
وتحدث محمد القبيسي رئيس مستشفى الوحدة في درنة، عن مخاوف من انتشار الأمراض المنقولة بالمياه، لكن لم يتم تسجيل أي حالات إصابة بالكوليرا حتى الآن.
دعوات دولية لوقف دفن ضحايا إعصار دانيال في #ليبيا بمقابر جماعية، ما الخطر الذي قد يحدث؟ pic.twitter.com/ppbc1KTtR1
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) September 15, 2023
ودمرت السيول والفيضانات مساحات واسعة من مدينة درنة في شرق ليبيا عندما اجتاحت مجرى نهر يخلو عادة من الماء، وأدّت لانهيار سدين وأسقطت مباني بأكملها بينما كانت العائلات نائمة.
وقالت بعثة المنظمة الدولية للهجرة في ليبيا أمس الجمعة، إنّ أكثر من خمسة آلاف في عداد القتلى، مع تسجيل 3922 حالة وفاة في المستشفيات. كما نزح أكثر من 38640 في المنطقة الشمالية الشرقية التي ضربتها الفيضانات.
وأشار مسؤولون إلى أن عدد القتلى قد يكون أعلى من ذلك بكثير.
"لمنح المساحة الكافية للسلطات"
وفي مداخلة عبر "العربي" من بيروت، توقفت المتحدثة الإقليمية باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في الشرق الأوسط والأدنى إيمان الطرابلسي، عند حالة الهلع التي أصابت السكان في درنة من مشاكل إضافية يمكن أن تنتج عن وجود الجثث المتحللة أو تلك التي تم انتشالها.
وتقول إن هذا الأمر يدفع العديد منهم إلى المسارعة في دفن الجثث بشكل عشوائي نوعًا ما، منبهة إلى أن الأمراض التي يمكن أن تنتشر جراء ذلك حقيقة واقعة.
وتؤكد ضرورة منح المساحة الكافية للسلطات المحلية لكي تباشر عملها في ما يخص عمليات الانتشال وحفظ الجثث والدفن.
وتشدد على أهمية أن تتم تلك العمليات بطريقة تناسب المعايير، وهو ما تحاول السلطات المحلية القيام به بالشراكة مع الهلال الأحمر الليبي.
وتشرح أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر تساعد هذه الجهود، مشيرة إلى تقديمها آلاف أكياس الموتى بالإضافة إلى موارد بشرية وفرق مختصة في مجال الطب الشرعي.