الجمعة 20 Sep / September 2024

أميركيون يتطوعون رغم تحذير البنتاغون.. هل تتكرر تجربة فيتنام في أوكرانيا؟

أميركيون يتطوعون رغم تحذير البنتاغون.. هل تتكرر تجربة فيتنام في أوكرانيا؟

شارك القصة

تقرير (مارس الماضي) يرصد دخول فيلق من المتطوعين الأميركيين والبريطانيين إلى أوكرانيا للقتال ضد روسيا (الصورة: نيويورك تايمز)
أكدت وزارة الدفاع الأميركية أن "لا علاقة لها بأي من هذه الجماعات"، وأنها توصي "بألا يسافر المواطنون الأميركيون إلى أوكرانيا.

كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية أن عددًا من قدامى المحاربين الأميركيين يعملون على تدريب الجنود الأوكرانيين بالقرب من الخطوط الأمامية للقتال ضد روسيا، وأحيانًا يساعدون في التخطيط لمهام قتالية، على الرغم من تحذيرات وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون).

وأشارت الصحيفة إلى أن هذا الوضع يُعيد للأذهان انزلاق الولايات المتحدة في حرب فيتنام عام 1961، قبل سنوات قليلة من التدخل العسكري الأميركي الكامل، عندما اقتصر الوجود الأميركي على "مجموعة استشارية" عسكرية، وأودت بحياة 58 ألف أميركي.

والفرق الوحيد بين الوضعين هو أنه في فيتنام، كان المدرّبون جنودًا في الخدمة الفعلية تحت سيطرة البنتاغون، أما في أوكرانيا، حيث تجنّبت الولايات المتحدة إرسال أي قوات، فإن المدربين متطوعون مدنيون مدعومون بالتبرعات عبر الإنترنت، ويعملون بمفردهم.

واعتبر بيري بلاكبيرن جونيور، الذي يعمل حاليًا في تدريب القوات الأوكرانية لمحاربة القوات الروسية، في حديث للصحيفة، أن "عدم استخدام المواهب وقت الحاجة الحقيقية، سيكون مضيعة لها".

وقال بلاكبيرن، وهو ضابط متقاعد برتبة مقدم من القوات الخاصة بالجيش، قضى 34 عامًا في الخدمة العسكرية في العراق وأفغانستان وإثيوبيا ومصر والصومال والأردن: "رأيت ما يكفي من الموت وأريد أن أحاول وقف إراقة الدماء. نحن بحاجة إلى إعطاء الناس الوسائل للدفاع عن أنفسهم".

تحذير من تكرار تجربة فيتنام

ويحذّر بعض الخبراء من أن وجود المتطوعين الأميركيين قد يؤدي إلى نوع من الحادث المأساوي الذي يورّط الولايات المتحدة في تصعيد على غرار فيتنام.

وبينما أكدت موسكو أنها ستعامل المقاتلين المتطوعين كمرتزقة ويُمكن إعدامهم إذا أسروا، تحذر واشنطن الأميركيين من المشاركة في الصراع، حيث سحبت 150 مدربًا عسكريًا قبل بدء الحرب، وهي تعتمد الآن على بضع عشرات من الكوماندوز من دول الناتو الأخرى لتنسيق تدفّق الأسلحة إلى أوكرانيا.

لكن المتطوّعين يرفضون فكرة أنهم ربما يؤججون حربًا أكبر. وبدلًا من ذلك، يقولون إنهم يعملون على منع حدوث هذا السيناريو من خلال تدريب المقاتلين الأوكرانيين على مقاومة الروس بشكل أفضل وردع المزيد من العدوان.

وأشارت الصحيفة إلى أن الأميركيين، في كلتا الحالتين، موجودون في أوكرانيا من دون أن يكون عددهم معروف. بينما يتطوّع آخرون ليكونوا أعضاء في فرق إجلاء الضحايا، ومتخصصين في التخلّص من القنابل، وخبراء لوجستيات ومدربين.

ونقلت الصحيفة عن مجموعة متطوّعة تقوم بإجلاء الضحايا الأميركيين قولها إن حوالي 21 أميركيًا أُصيبوا في القتال منذ بدء الحرب، بينما قُتل اثنان، وأُسر اثنان، وفُقد واحد في المعركة.

"لا علاقة للبنتاغون"

ويعمل بلاكبيرن ومجموعة صغيرة من المتطوعين مباشرة مع الجيش الأوكراني، حيث يقومون بتدريس مهارات الرماية، والمناورة، والإسعافات الأولية القتالية، وغيرها من المهارات الأساسية، مع تغيير مواقع معسكرات التدريب باستمرار لتجنب الهجمات الصاروخية الروسية.

يدرّب بلاكبيرن الأوكرانيين على الرماية والمناورة
يدرّب بلاكبيرن الأوكرانيين على الرماية والمناورة- نيويورك تايمز

ويؤكد أفراد المجموعة أنهم يفعلون كل ذلك دون أي تدخل من البنتاغون. وقال بلاكبيرن، حيث عاد مؤخرًا إلى فلوريدا لإعادة الإمداد قبل العودة إلى منطقة الحرب: "ليس لدينا اتصال بالجيش الأميركي. هذا خط لا نريد تجاوزه".

من جهتها، أكدت وزارة الدفاع الأميركية، في بيان، أن "لا علاقة لها بأي من هذه الجماعات"، وأنها توصي "بألا يسافر المواطنون الأميركيون إلى أوكرانيا، أو يغادروا على الفور إذا كان ذلك آمنًا".

وذكرت الصحيفة أن محاولة واشنطن لتجنّب الصراع المباشر تركت فراغًا تامًا، في وقت طالب الجيش الأوكراني بمزيد من التدريب، وهو ما يملؤه المتطوعون.

وفي هذا الإطار، قال أندرو ميلبورن، العقيد المتقاعد للعمليات الخاصة في مشاة البحرية والذي يقود مجموعة من المتطوعين الذين يقدمون التدريب والمشورة: "إننا ننفّذ السياسة الخارجية للولايات المتحدة بطريقة لا يستطيع الجيش القيام بها".

وأضاف، في اتصال هاتفي مع الصحيفة من قرية قريبة من الخطوط الأمامية في شرق أوكرانيا، أن جهوده تدعم أهداف الولايات المتحدة دون أن تتدخل، قائلًا: "يُمكننا القيام بهذا العمل، ويُمكن للولايات المتحدة أن تقول إنها لا علاقة لها بنا، وهذا صحيح تمامًا".

مجموعة "موزارت"

تواصل ميلبورن مع حوالي عشرين من قدامى المحاربين في العمليات الخاصة في أوكرانيا، أطلقوا على أنفسهم اسم مجموعة "موزارت". وسرعان ما أقامت المجموعة معسكرات تدريب بالقرب من خطوط القتال. وقال ميلبورن إن مجموعته درّبت حوالي 2500 جندي أوكراني.

تقدّم المجموعة إرشادات عسكرية أساسية للجنود المتّجهين إلى الجبهة، ودروسًا عرضية حول كيفية استخدام الأسلحة الأميركية، مثل صاروخ جافلين المضاد للدبابات. كما تقدّم بعض الإرشادات والنصائح المتخصّصة لقوات الكوماندوز الأوكرانية.

واعتبر أن موزارت سيكون قناة طبيعية للدعم العسكري الأميركي، لكنه أوضح أنه عندما يحاول الاتصال بالمسؤولين العسكريين الأميركيين في أوروبا الغربية، من خلال الاتصالات الرسمية والقنوات الخلفية، فإنه لا يتلقّى أي رد.

وقال: "في كل مرة نتواصل فيها، يتمّ رفضنا. إنهم خائفون للغاية من حدوث شيء سيء يُتهمون بالمسؤولية عنه".

وأوضح جورج بيب، الرئيس السابق للشؤون الروسية بوكالة المخابرات المركزية الأميركية، أنه من الحكمة أن تكون الولايات المتحدة حذرة.

وقال: "كما هو الحال في فيتنام، فإن الخطر يكمن في أننا ننجر عن غير قصد إلى (صراع) أعمق من خلال خطوة صغيرة واحدة في كل مرة"، مضيفًا أن "الفارق هو أن المخاطر في أوكرانيا أكبر، بحيث سيكون من السهل على الولايات المتحدة وروسيا الدخول في صراع مباشر يمكن أن يتحوّل بسرعة إلى خطورة شديدة".

وأكد أنه "لا يقول إن التصعيد في أوكرانيا تلقائي. لكن الخطر هو عندما نبدأ في تجاوز الخطوط الحمراء قبل أن نعرف حتى أين هي".

وقال الأميركيون الموجودون في الخطوط الأمامية إن روسيا تؤجج صراعًا أوسع، وإن الولايات المتحدة ليس لديها خيار سوى الرد.

من جهتهما، أكد كل من ميلبورن وبلاكبيرن أن الولايات المتحدة يجب أن تردّ بقوة أكبر، وتحتاج إلى إرسال أسلحة أكثر تطورًا ومتوسطة المدى.

تابع القراءة
المصادر:
العربي - ترجمات
Close