مع تداعيات التغيّر المناخي المدمّرة على كوكب الأرض والمخاوف من ظهور مشاكل غير متوقّعة، يبحث العلماء عن فرص للحياة في الكواكب الموجودة في نظامنا الشمسي، من بينها احتمالات العيش على المريخ.
فقد أصبحت فكرة استعمار الكوكب الأحمر أكثر من مجرد خيال علمي، رغم أن العديد من الباحثين لا يدعمونها، ولا سيما أنّها بالتأكيد لا تخلو من التحديات، التي تدفع الكثيرين إلى التشكيك بإمكانية تحقّقها.
والحقيقة هي أن العيش على المريخ سيكون مختلفًا تمامًا عن العيش على الأرض؛ ومع ذلك، يمكن أن تكون هناك أوجه تشابه لا يتوقّعها الكثير منا على الإطلاق.
ورصد موقع "ليست فيرس" (listverse.com) 10 من أبرز أوجه التشابه بين العيش على الأرض والمريخ.
الغلاف الجوي
يتشابه كوكبا الأرض والمريخ بوجود غلاف جوي لكل منهما. فالمريخ يمتلك بالفعل غلافًا جويًا حقيقيًا، وهو رقيق بنحو مئة مرة مقارنة بالغلاف الجوي للأرض.
ويتكوّن الغلاف الجوي للمريخ من 95% من ثاني أكسيد الكربون، و0.13% من الأوكسجين. وإذا كنّا لا نستطيع التنفّس بشكل طبيعي على المريخ، إلا أنّه إذا تمكنّا من تحويل هذه الكمية الهائلة من ثاني أكسيد الكربون إلى أكسجين باستخدام النباتات، فقد يتحسّن الأمر.
جداول زمنية مماثلة
يتألف اليوم على الأرض من 24 ساعة، حيث اعتاد البشر وجميع الحيوانات على هذه الدورة المتباعدة بشكل متساوٍ بين النهار والليل. وتم تصميم جداول نومنا لتلائم ذلك، كما أنّ ثقافاتنا مبنية عليها.
أما بالنسبة إلى المريخ، فإنّ مدة اليوم مماثلة لتلك على الأرض بزيادة 40 دقيقة فقط، بحيث لا تُشكّل اضطرابًا كبيرًا.
لكنّ الشيء الرئيس الذي سيكون مختلفًا تمامًا، هو المدة التي تستغرقها السنة. ونظرًا لأن المريخ ليس قريبًا من الشمس مثل الأرض، فإن السنة المريخية تدوم 687 يومًا، أي حوالي ضعف السنة على الأرض (365 يومًا). وبالتالي، ستكون الفصول أطول بمرتين.
الإشعاع المؤين (ionizing radiation)
على عكس الأرض، لا يملك المريخ غلافًا مغناطيسيًا لحمايته من الإشعاع، وهو السبب الذي يجعلنا نواجه صعوبة في الاستقرار على الكوكب الأحمر.
وفي ظل غياب الحماية من الإشعاع، بالإضافة إلى التوهّجات الشمسية المرعبة والأشعة الكونية، يمكن أن تصل كمية الإشعاع إلى معدلات عالية ما يزيد من خطر الإصابة بالسرطان.
سطح أصغر مثل مساحة الأرض
المريخ أصغر حجمًا بكثير من الأرض، ما يؤدي إلى مخاوف محتملة بشأن عدم وجود مساحة كافية للمستعمرات الكبيرة.
ويصبح هذا الأمر أكثر إثارة للقلق إذا تحوّلت الخطة في النهاية إلى انتقال البشرية كلها إلى المريخ.
وبما أنّ معظم كوكبنا مغطى بالمحيطات، فإن مساحة الأرض تتساوى تقريبًا مع مساحة المريخ.
وبما أنّ المريخ كوكب صحراوي أيضًا، هناك حاجة إلى استخدام المياه لاستصلاح أراضيه.
ومع ذلك، فإن محيطاتنا الضخمة التي تحتوي على المياه المالحة، ليست مفيدة لذلك.
حياة سابقة
إنّ العلماء غير متأكدين تمامًا من أنّ المريخ لم يكن يومًا قابلًا للحياة. ولا يوجد حيونات أو نباتات على المريخ، لكنّه يضمّ كائنات حيّة دقيقة مثل البكتيريا.
واكتشف العلماء علامات واضحة على وجود غاز الميثان على الكوكب، وهو غاز يمكن أن تُنتجه الحياة البدائية.
وتمّ جمع العينات لإجراء مزيد من التحقيق، ولكن من المحتمل ألا يتمّ تحليلها لعقد آخر أو نحو ذلك.
درجات حرارة متفاوتة
المريخ هو كوكب بارد نظرًا لبعده عن الشمس وغلافه الجوي الرقيق جدًا بحيث لا يُمكن إيصال حرارة الشمس بشكل جيد.
لكنّه في الوقت نفسه، وبوصفه كوكبًا صحراويًا، يُحاكي الصحارى الموجودة على الأرض ببعض الأشكال الرئيسية.
وتختلف درجات الحرارة بشكل كبير على السطح، فهي باردة جدًا طوال معظم العام، ولا سيما في الليل، حيث يمكن أن تصل درجات الحرارة إلى أقلّ من الصفر.
وفي الواقع، فإن متوسط درجة الحرارة على المريخ هي -65 درجة مئوية. ومع ذلك، وخلال الصيف وبالقرب من خط الاستواء، يمكن أن تصل درجات الحرارة إلى 20 درجة مئوية، أي أكثر من صالحة للعيش والحفاظ على الماء السائل.
وإذا تمكّنا بطريقة ما من إيجاد غلاف جوي، فسيكون الكوكب أكثر قابلية للحياة.
الجاذبية
الجاذبية على سطح المريخ أقلّ بـ38% فقط مما هي موجودة على الأرض، أي أنك تزن 38% فقط من وزنك الحالي.
وقد يبدو العيش في جاذبية منخفضة ممتعًا للوهلة الأولى، لكنه يبدو أكثر صعوبة، حتى مع مراعاة أشياء مثل الرياح العاتية.
ويصبح الأمر أكثر إثارة للقلق فقط، عندما تدرس تأثيره على أجسادنا، والعقبات التي قد تشكّلها.
تطوّر جسم الإنسان لتحمّل قوة الجاذبية الأرضية. فبعد ثمانية أيام فقط خلال رحلات أبولو الفضائية، كان رواد الفضاء ضعفاء للغاية.
كما يؤدي انخفاض الجاذبية إلى صعوبة عمل نظام القلب والأوعية الدموية بشكل صحيح، مما يزيد من خطر الإصابة بالنوبات القلبية.
وبالإضافة إلى ذلك، قد تجعل عملية الولادة صعبة أو مستحيلة، نظرًا لحقيقة أنّها آلية تطوّرت لتُلائم جاذبية الأرض.
ومع ذلك، قد تكون الجاذبية على المريخ قوية بما يكفي للتحايل على هذه المشاكل.
مياه مجمّدة أو مالحة
يحتوي المريخ على مياه، لكنّها للأسف مجمّدة ومالحة للغاية. وتمامًا مثل محيطاتنا، فإن المياه المالحة ليست مفيدة.
ومع ذلك، على كوكب آخر ليس بالضبط الأكثر ملاءمة للحياة، قد تكون المياه منقذة.
وهناك قدر متزايد من الأدلة على أنّ المريخ كان يحتوي على مياه سائلة ومالحة تتدفّق بالقرب من خط الاستواء منذ 400 ألف عام.
وهناك شيء واحد مؤكد، وهو أن الثلج الذي يمكن إذابته واستخراج الملح منه، هو أفضل بكثير بالنسبة لنا من عدم وجود ماء على الإطلاق.
النباتات قادرة على النمو
تُمثّل زراعة النباتات على كوكب المريخ تحديًا، وهي أيضًا مهمة ضرورية لبقائنا على المدى الطويل هناك.
لكن اتضح أنه قد لا يكون بالصعوبة التي يبدو عليها في البداية، حيث تمّ بالفعل اختيار أول نبتة نزرعها هناك.
يبدو أن البرسيم، وهو نبات ينمو على كوكبنا في الوقت الحالي، قادر على النمو في تربة بركانية تُشبه إلى حد كبير التربة على كوكب المريخ.
وهذا النبات ليس صالحًا للأكل، ولكنّه قد يكون مفتاحًا لإنتاج سماد مستدام يسمح للنباتات الأخرى بالنمو، بالإضافة إلى تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى أكسجين.
التغلّب على الاختلافات
ربما تكون النقطة الأكثر أهمية حقًا هي حقيقة أن العيش على المريخ قد يكون أكثر واقعية مما ندرك.
وأنتجت مركبة "برسيفرينس" التابعة لوكالة الفضاء الأميركية "ناسا" الأكسجين على سطح المريخ من تلقاء نفسها.
وكان الأمر مكلفًا، واستغرق الكثير من الطاقة للقيام بذلك، لكن المحاولة الأولى الناجحة، دفعت العلماء إلى القول إنّ الماء يمكن أن يكون التالي.
وهناك خطط لإعادة تشكيل الكوكب الأحمر، مما يجعله شبيهًا بالأرض وقابل للعيش.