أصبح دونالد ترمب، الخميس، أول رئيس أميركي سابق يدان جنائيًا، ورغم ذلك سيتمكن الملياردير الجمهوري من مواصلة حملته الانتخابية للعودة إلى البيت الأبيض ضد الرئيس الحالي جو بايدن.
فدستور الولايات المتّحدة لا يمنع المحكومين وأصحاب التهم من تولّي الرئاسة، وعليه يستأنف ترمب حملته الانتخابية بحرية مطلقة بانتظار النطق بالحكم المقرر في يوليو/ تموز المقبل، حيث أطلق القاضي سراحه من دون كفالة.
وحدّد رئيس المحكمة القاضي خوان ميرشان صباح الخميس الواقع في 11 يوليو/ تموز موعدًا للنطق بالعقوبة بحقّ ترمب، الذي أدانته هيئة محلّفين في نيويورك أمس بكلّ التّهم الـ 34 الموجّهة إليه في قضية دفع أموال خلافًا للقانون لشراء صمت ممثّلة أفلام إباحية.
كيف حكم على ترمب؟
في التفاصيل، وخلال مؤتمر صحافي رحّب فيه بحكم الإدانة الذي أصدرته هيئة المحلفين، أوضح المدّعي العام ألفين براع أنّ "هيئة المحلّفين قالت كلمتها" حين وجدت المتّهم مذنبًا بكل التّهم الـ 34 الموجّهة إليه.
وأضاف أنّ "الصوت الوحيد الذي يهمّ هو صوت هيئة المحلّفين، وهيئة المحلّفين قالت كلمتها"، مشيرًا إلى أنّ أعضاء الهيئة الـ12 أصدروا بالإجماع قرارهم بإدانة المدّعى عليه "بـ34 تهمة تتعلّق بتزوير محاسبي مشدّد لإخفاء مؤامرة هدفها إفساد انتخابات 2016".
ويواجه ترمب نظريًا عقوبة السجن، إذ يُعاقب القانون في ولاية نيويورك على تزوير المستندات المحاسبية بالسجن لمدة أقصاها أربع سنوات.
لكنّ هذه العقوبة يمكن تخفيفها في حال لم يكن المدان من أصحاب السوابق الجنائية وهو ما ينطبق على المرشح الرئاسي الأميركي، فيمكن للقاضي أن يحكم عليه بالسجن مع وقف التنفيذ، أو بالقيام بأعمال لخدمة المجتمع، بالإضافة إلى غرامة مالية.
ماذا يمكن لترمب فعله الآن؟
وأمام المرشح الجمهوري البالغ 77 عامًا مهلة شهر واحد لإخطار القضاء بنيته استئناف الحُكم، ومن ثم أشهر عدّة للقيام بذلك رسميًا.
في هذا الصدد، كان وكيل الدفاع الأساسي عن ترمب في هذه القضية قد أكد بعد ساعات من صدور الإدانة أنّ فريق الدفاع سيستأنف "في أقرب وقت ممكن" الحكم، موضحًا أنّه "في نيويورك، تقضي الإجراءات بأن يتمّ النطق بالعقوبة أولًا، ومن ثم نستأنف".
ومن المرجّح أن يؤدّي استئناف الحُكم إلى تجميد مفاعيل كلّ العقوبات المتأتية عنه، ولا سيّما إذا كانت إحدى هذه العقوبات هي السجن مع النفاذ.
ما تأثير إدانة ترمب على الانتخابات؟
في المقابل، لا تبطل إدانة ترمب هذه ترشّحه للانتخابات الرئاسية، لا بل سيكون بإمكانه أن يخوض الانتخابات حتى وإن صدرت بحقه عقوبة سجنية ودخل السجن فعلًا وفق ما نقلت وكالة الأنباء الفرنسية.
وفور صدور الحكم سارع ترمب إلى التنديد بمحاكمة "مزيّفة"، معتبرًا الحكم الصادر بحقّه "عارًا" لأنّه "رجل بريء"، ومؤكّدًا بنبرة ملؤها التحدّي أنّ "الحُكم الحقيقي" سيُصدره الناخبون يوم الانتخابات الرئاسية في 5 نوفمبر/ تشرين الثاني.
وإذا فاز ترمب في الانتخابات الرئاسية فإنّ إدانته هذه لن تحول دون تولّيه مهام منصبه في يناير/ كانون الثاني 2025، لكن لن يتمكّن رغم ذلك بحال عودته إلى البيت الأبيض من أن يعفو عن نفسه أو أن يُصدر أمرًا بكفّ الملاحقات في هذه القضية، ذلك أنّ القضاء المسؤول عنها تابع لولاية نيويورك وليس للدولة الفدرالية.
وحول هذه التطورات يؤكد خالد صفوري رئيس مؤسسة المصلحة الوطنية بواشنطن لـ"العربي" أن المشهد السياسي اليوم في الولايات المتحدة تسيطر عليه تراكمات وتوترات عمرها أكثر من 30 سنة من العداء.
ويشرح صفوري أن هذا العداء يزداد في كل سنة، وأنه من المعلوم أن ترمب انتخب عام 2016 بكل عنصريته و"بذائته" على حد قوله، نتيجة ردة فعل كبيرة من البيض الذين شعروا أنهم يخسرون هذه البلد التي بناها البيض الأوروبيين عندما تسلم الرئيس أوباما الحكم.
ويردف من واشنطن: "ازداد الاحتقان في نفسية بعض الأميركيين.. ونحن نرى الآن قمة العداء التي وصلت إليه هذه البلاد.. فعلى سبيل المثال تعهد وزير العدل في ولاية تكساس بالقتال بكل الوسائل ضد ولاية نيويورك والقضاء فيها.. وعليه نشاهد خطوط الحرب الأهلية مرة أخرى في أميركا وأنا لا أبالغ".
