السبت 6 يوليو / يوليو 2024

إنشاء رابط جغرافي مع ترانسنيستريا.. هل ستتقدم روسيا نحو مولدوفا؟

إنشاء رابط جغرافي مع ترانسنيستريا.. هل ستتقدم روسيا نحو مولدوفا؟

Changed

تقرير يرصد انتشار الجيش الروسي على الحدود الشرقية (الصورة: غيتي)
أثارت الحرب في أوكرانيا المجاورة، ووجود القوات الروسية في ترانسنيستريا، قلق سكان مولدوفا من أن روسيا قد تهاجمهم في وقت لاحق.

بعد شهرين من الهجوم الروسي على أوكرانيا، كشف القائم بأعمال قائد المنطقة العسكرية المركزية في روسيا رستم مينيكايف أن طموح موسكو لا يقف عند تحرير شرق أوكرانيا، بل قد يتعدّاه إلى إنشاء ممر في الجنوب، للوصول إلى منطقة ترانسنيستريا"، الجمهورية الانفصالية في شرق مولدوفا.

وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، أن هذه التصريحات أثارت نقاشًا عالميًا حول هذه المنطقة الانفصالية، التي تشكل تحديًا لمولدوفا التي استدعت السفير الروسي الجمعة، للتعبير عن "القلق العميق" بشأن تصريحات القائد العسكري الروسي.

وقالت وزارة الخارجية المولدوفية للصحيفة "إن هذه التصريحات لا أساس لها، وتتعارض مع موقف روسيا الداعم لسيادة جمهورية مولدوفا وسلامتها الإقليمية داخل حدودها المعترف بها دوليًا".

وأشارت للصحيفة إلى أنه "من غير المرجّح أن يكون الجيش الروسي، المتورط في معركة للسيطرة على شرق أوكرانيا، قادرًا على اتخاذ مثل هذا المسار باتجاه ترانسنيستريا. وعلى الرغم من أن موسكو تدعم ترانسنيستريا التي تستضيف القوات الروسية، فإن هذا لا يعني أن سكانها يريدون المشاركة في الحرب".

ما هي ترانسنيستريا؟

وكانت مولدوفا، التي يبلغ عدد سكانها 2.6 مليون نسمة، الدولة الواقعة بين أوكرانيا ورومانيا، جزءًا من رومانيا خلال عهد الاتحاد السوفيتي. وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي، أعلنت مولدوفا استقلالها، لينشب في أوائل التسعينيات أول صراع أهلي مع الانفصاليين في ترانسنيستريا، الذين أرادوا الحفاظ على العلاقات السوفيتية.

وترانسنيستريا هي منطقة انفصالية، تقع على طول حدود مولدوفا مع أوكرانيا، ويبلغ عدد سكانها حوالي 500 ألف نسمة، ولا تعترف باستقلالها أي دولة حتى روسيا. لكنها تعمل باعتبارها دولة منفصلة، إذ تعترف سلطات مولدوفا بأنها لا تسيطر عليها.

وتتمركز قوات روسية في هذه المنطقة بصفتها "قوات حفظ سلام"، يقدر عددهم بـ 1500 جندي.

ويسخر سكان مولدوفا من قطعة الأرض باعتبارها منطقة منعزلة عالقة في الحقبة السوفيتية، حيث لا تزال تحتفظ بتماثيل لينين، وتهيمن على تعاملاتها المالية شركة احتكارية.

وتصنّف منظمة "فريدوم هاوس" ترانسنيستريا على أنها "ليست حرة"، إذ يوجد هيمنة سياسية على المصالح الاقتصادية، ناهيك عن قمع المعارضة.

لماذا تهتم روسيا بترانسنيستريا؟

وقال أنطون بارباشين، المحلل السياسي في ريدل، وهي مجلة على الإنترنت للشؤون الروسية، إن فكرة سعي روسيا لإنشاء رابط جغرافي مع ترانسنيستريا كانت "محط اهتمام موسكو منذ التسعينيات على الأقل".

ولطالما سعت روسيا إلى الحفاظ على جيوب نفوذ في أوروبا الشرقية. وتواصل موسكو دعم ترانسنيستريا الموالية لروسيا بالغاز الطبيعي، مما يضمن استمرار الجمهورية الانفصالية.

عندما بدأت مولدوفا طلبها للحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي في أوائل مارس/ آذار الماضي، قال قادة ترانسنيستريا إنه لا نية لديهم لفعل الشيء نفسه، وطالبوا مرة أخرى بإنشاء "دولتين مستقلتين".

لكن بارباشين قال إن المنطقة "ليس لها قيمة إستراتيجية كبيرة" بالنسبة لموسكو، مضيفًا أن إرسال قوات روسية إلى هناك من شأنه أن "يخلق مشاكل كبيرة" لموسكو، ومن المرجح أن يؤدي إلى عقوبات دولية إضافية، ويدمر علاقة موسكو مع مولدوفا، التي تعتبر محايدة دستوريًا، والتي قالت إنها لن تنضم إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو".

ومع ذلك، فإن الحرب في أوكرانيا المجاورة، ووجود القوات الروسية في جزء من مولدوفا، أثارت قلق سكان مولدوفا من أن روسيا قد تهاجمهم بعد ذلك. كما زعمت الحكومة الأوكرانية أن القوات الروسية المتمركزة في ترانسنيستريا يمكن استخدامها لمهاجمة أوكرانيا.

هل ستتقدم روسيا نحو مولدافيا؟

وكانت روسيا أعادت توجيه جهودها العسكرية للسيطرة على منطقة دونباس في شرق أوكرانيا، بعد فشل محاولات الاستيلاء على العاصمة الأوكرانية كييف، ومناطق أوسع في أوكرانيا. كما تكبد الجيش الروسي خسائر فادحة خلال هجومه الذي استمر شهرين، مع انتكاسات كبيرة في ساحة المعركة فاجأت العديد من المراقبين وكشفت نقاط ضعف الجيش الروسي.

وقال مايكل كوفمان، الخبير بالشؤون العسكرية الروسية بمركز التحليلات البحرية (CNA)، وهي منظمة بحث وتحليل غير ربحية في أرلينغتون بولاية فيرجينيا، إن "الجيش الروسي ليس لديه القدرة على هذا النوع من الهجوم. من المحتمل جدًا أن قواته ستكون منهكة بعد الهجوم في دونباس".

من جهته، قال وزير خارجية مولدوفا نيكو بوبيسكو، في حدث استضافه صندوق مارشال الألماني في واشنطن هذا الأسبوع، إن الوضع في ترانسنيستريا "هادئ إلى حد ما"، وإن مولدوفا لم تشهد أي نشاط عسكري غير عادي هناك.

بدوره، قال ميهاي بوبسوي، عضو البرلمان المولدوفي، إن السلطات لم تر أي معلومات استخبارية تشير إلى أن القوات الروسية يمكن أن تتحرك باتجاه ترانسنيستريا.

أما بارباشين فقال إن "القتال في دونباس هو المنطقة الرئيسة التي يجب مراقبتها في الوقت الحالي، ولا تملك روسيا بالتأكيد القدرة على القيام بذلك بدون تعبئة واسعة النطاق".

ومع ذلك، قال بوبسوي إن السياسيين في مولدوفا وإقليمهم يأخذون التهديد على محمل الجد. وتكهّن بأن موسكو تعتزم على الأقل إخافة مولدوفا ودول أخرى في المنطقة.

وأضاف: "لا يسعك إلا أن تأخذ هذه الأنواع من التهديدات على محمل الجد، وقد أخذناها على محمل الجد منذ بداية هذه الحرب الوحشية".

ويوم الجمعة، أصدرت الحكومة المولدوفية بيانًا دحض تأكيدات القائد الروسي بأن المتحدثين بالروسية في ترانسنيستريا يواجهون الاضطهاد.

وأوضحت الصحيفة أنه حتى لو سارت القوات الروسية نحو ترانسنيستريا، فقد لا يتم الترحيب بهم بأذرع مفتوحة. وعلى الرغم من أن سكان الجمهورية الانفصالية يعتمدون على دعم موسكو، إلا أن البعض يحمل جوازات سفر مولدوفية، ومعظم صادرات ترانسنيستريا تذهب إلى الاتحاد الأوروبي.

لم تقدم سلطات ترانسنيستريا أي دعم علني أو إدانة للهجوم الروسي على أوكرانيا. وقال وزير الخارجية فيتالي إغناتيف إن ترانسنيستريا لها علاقات عميقة مع جارتها، ويحمل حوالي 100 ألف ساكن الجنسية الأوكرانية. وأضاف: "نحن ندافع حصريًا عن سلام وأمن جميع الأشخاص الذين يعيشون في ترانسنيستريا".

وأضاف أن الجمهورية الانفصالية استقبلت أكثر من 27 ألف لاجئ أوكراني.

وكتب المحلل كيث هارينغتون في مدونة: "على ما يبدو أن ترانسنيستريا تمنع دعم روسيا في الحرب، وبدلًا من ذلك تستخدم استضافتها للاجئين الأوكرانيين وسيلة لكسب الشرعية الدولية".

بدوره، قال بوبيسكو للصحافيين في واشنطن إن "قراءتنا للوضع، وما نحصل عليه من المنطقة، هو أن هناك قلة قليلة من الناس في تلك المنطقة يريدون استبدال وضعهم الحالي ليصبح جزءًا من منطقة حرب"، مضيفًا: "لا يمكننا التنبؤ بالكيفية التي ستتطوّر بها الأشياء. ولا يمكننا التكهن وقد بدأنا استعداداتنا من نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وما زلنا في حالة تأهب شديد لمجموعة كاملة من التهديدات".

المصادر:
العربي - ترجمات

شارك القصة

تابع القراءة
Close