مع تصاعد التهديدات باجتياح محافظة رفح جنوبي قطاع غزة، تتوالى المواقف بالتسريبات في وسائل الإعلام الإسرائيلية الرسمية، وكذلك التحذيرات الخارجية من نتائجها الكارثية على المدنيين.
فرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يزعم أن جيشه سيؤمن ممرًا آمنًا للمدنيين قبل الهجوم المرتقب على رفح، قائلًا إن إسرائيل عليها أن تدخل المحافظة وإلا ستخسر الحرب.
بدورها، تنقل هيئة البث عن رئيس الأركان هارتسي هاليفي قوله إنه أبلغ الوزراء أن الجيش صدق على خطة للعملية العسكرية، بينما تنقل عنه القناة 12 انتقاده خلال جلسة الحكومة محاولة تصوير الجيش على أنه لا يريد شن العملية.
تحذيرات مصرية من عملية رفح
في المقابل، يرفض الجانب المصري العملية محذرًا من عواقب وصفها بالوخيمة في ظل ما تكتنفه من مخاطر ستفاقم الكارثة الإنسانية.
وكانت تقارير إسرائيلية أشارت إلى أن القاهرة هدّدت تل أبيب بتعليق العمل بمعاهدة السلام الثنائية في حال اجتياح رفح.
من جهتها، أكدت حركة حماس أن أي هجوم بري للجيش الإسرائيلي على مدينة رفح يعني "نسف مفاوضات صفقة تبادل الأسرى". وقالت: "إن نتنياهو يحاول التهرب من استحقاقات الصفقة بارتكاب إبادة جماعية وكارثة إنسانية جديدة".
ومساء، أكد الرئيس الأميركي جو بايدن في اتصال مع نتنياهو أن "العملية العسكرية في رفح يجب ألا تمضي قدمًا دون خطة لضمان سلامة مليون شخص يلوذون بها" بحسب البيت الأبيض.
تطمينات إسرائيلية لمصر
وفي هذا الإطار، يشير الباحث في الشأن الإسرائيلي أنطوان شلحت إلى أن تقارير أفادت بأن نتنياهو أبلغ بايدن إصراره على المضي قدمًا في العملية العسكرية في رفح، وجدّد التأكيد أن عدم اجتياح المحافظة سيؤدي إلى عدم تحقيق نصر في الحرب على غزة.
ويلفت في حديث إلى "العربي" من عكا إلى تسريبات إعلامية إسرائيلية تحدثت عن محادثات مكثفة جرت بين المؤسسة الأمنية الإسرائيلية والمؤسسة الأمنية المصرية، نقلت تل أبيب خلالها تطمينات إلى القاهرة بأنها لن تجتاح رفح إلّا بعد انتقال المدنيين عبر ممر آمن إلى منطقة محصورة في شمال قطاع غزة.
ويرى شلحت أن قرار الحكومة الإسرائيلية بشأن اجتياح رفح سيظهر بعيد اجتماع الكابنيت.
"عدوان يهدّد أمن مصر"
وحول خيارات حماس، يعتبر الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم المدهون أن لا معنى لاستمرار المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي إذا ما استمر في عدوانه، ويرى أن العدوان الإسرائيلي على رفح يختلف بشكل حقيقي حيث يوجد أكثر من مليون ونصف مليون فلسطيني، مشيرًا إلى أن هذا العدوان يهدّد أمن المنطقة بشكل عام وأمن مصر بشكل خاص.
وأوضح المدهون في حديث إلى "العربي" من اسطنبول أن هناك مخاطر لتهجير آلاف الفلسطينيين إلى سيناء.
واعتبر أن ما تملكه المقاومة الفلسطينية هو الاستمرار في المقاومة والثبات والإرادة والنصر، لافتًا إلى أن الجيش الإسرائيلي لم يستطع أن يحقق نصرًا أو أيا من أهدافه، وهو يعتقد أنه قد يحققها في رفح.
ويرى المدهون أن السبب الأساسي لاجتياح رفح هو إبقاء نتنياهو على رأس السلطة. ويقول: "أعتقد أن كلمة السر في اجتياح رفح هي للجانب المصري".
مخطط تهجير
من جانبه، يرى المستشار في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية عمرو الشوبكي أن التصعيد الإسرائيلي وصل إلى رفح على الحدود مع مصر، معتبرًا أن المستهدف من العدوان على المحافظة الجنوبية هم المدنيون، حيث ستُرتكب مجازر تضاف إلى تلك التي ارتكبها الاحتلال طيلة الأشهر الماضية.
ولفت في حديث إلى "العربي" من القاهرة إلى أن العدوان قد يدفع ببعض الفلسطينيين إلى العبور إلى مصر وبالتالي العودة مرة أخرى إلى مخطط التهجير.
وقال الشوبكي: "إن مسألة وقف العدوان لن تكون قضية مصرية فقط"، معتبرًا أن الموقف الرسمي المصري والعربي يؤكد على ضرورة حماية المدنيين.
وأكد أن الطرف الوحيد القادر على الضغط على إسرائيل لوقف عدوانها على رفح هو الولايات المتحدة، التي لم تصل بعد إلى الدعوة إلى وقف إطلاق النار.