رفضت ناميبيا دعم ألمانيا لموقف إسرائيل في محكمة العدل الدولية، التي تواجه فيها تهمة الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة الذي يواجه عدوانًا منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وقالت ناميبيا وإن ليس بطريقة مباشرة لألمانيا: "إن لم تستح فافعل ما شئت"، بسبب موقف برلين الداعم لإسرائيل، خاصة بعد أن أعلنت ألمانيا أنها تساند الاحتلال في الدعوة المرفوعة أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي من قبل دولة جنوب إفريقيا.
ورفضت ناميبيا الدولة الإفريقية دعم الموقف الألماني الذي يؤيد إسرائيل، وقالت: إن هذا الدعم يمثل "تأييدًا لأفعال إسرائيل الاستعمارية التي تعد إبادة للمدنيين في غزة".
لماذا موقف ناميبيا مهم جدًا؟
تعد الإبادة الجماعية لهيريرو وناما أول إبادة جماعية في القرن العشرين شنتها القيصرية الألمانية بين عامي 1904 و1908،بحق شعوب أوفاهيرو وناما وبوشمن في جنوب غرب إفريقيا الألمانية، وهي ناميبيا حاليًا.
ففي يناير/ كانون الثاني عام 1904، تمرد شعبا هيريرو وناما على الحكم الاستعماري الألماني، وكان لوثار فون تروثا قائد الإدارة العسكرية الألمانية في ذلك الحين قد أصدر أمرًا بإبادة هاتين المجموعتين، وهو ما أدى إلى إجبارهم على النزوح إلى الصحراء، وكان كل من يحاول العودة إلى أرضه يتعرض للقتل أو الاحتجاز في معسكرات خاصة.
فمات إثر الإبادة الجماعية ما بين 24100 ألفًا من الهيرورو، و10 آلاف من ناما وعدد غير معروف من البوشمن.
بعدها، اعترفت ألمانيا رسميًا بأن قواتها ارتكبت جرائم إبادة جماعية في ناميبيا إبان الحقبة التي استعمرت فيها ألمانيا هذه الدولة الإفريقية.
ووافقت الحكومة الألمانية على دفع تعويضات مالية لقاء ذلك، وأكد وزير الخارجية الألماني هيكو ماس أن أعمال القتل تلك إبادة جماعية.
وهذا ما أشارت إليه ناميبيا عندما أصدرت موقفًا حازمًا، قالت فيه إن ألمانيا لم تتعلم الدروس من تاريخها الغارق في الإبادات الجماعية، فأظهرت دعمها لدولة ترتكب الإبادة الجماعية متجاهلة بذلك مقتل 23 ألف شخص حتى الآن في فلسطين.
صدمة من دعم ألمانيا لإسرائيل
وتوافق موقف ناميبيا تجاه ألمانيا مع مواقف لمواطنين ألمان يرفضون أن تقف دولتهم وحكومتهم إلى جانب إسرائيل في استكمالها للإبادة الجماعية التي ترتكبها تجاه أهل غزة.
وتحدثت فتاة ألمانية باكية عن صدمتها من دعم بلادها لإسرائيل في محكمة العدل الدولية، مشيرة إلى أن في حكومة بلادها مجموعة ممن وصفتهم بالنازيين الجدد الذين لم يتعلموا من الماضي والتاريخ.
وقالت الفتاة في مقطع مصور: إن "الإبادة الجماعية ترتكب أمامكم، وترون قنابل تنهال كالمطر وتسمعون أصوات الطائرات المسيرة، وهي أصوات تعلو أكثر فأكثر وتقترب من الناس".
وأضافت: "ترون صور الموتى وصور الجثث التي تتعفن تأتينا من الشمال، ليس هناك مستشفيات تعمل، وهناك أعداد كبيرة جدًا من الموتى معظمهم من النساء والأطفال، ولكن يا إلهي أنتم لا ترون ذلك في ألمانيا أنتم فقط متعاطفون مع رواية إسرائيل".
وتفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع موقف ناميبيا، إذ قالت سيناي هادي: "أنا حزينة لأنني لأول مرة أسمع عن معاناة أهل ناميبيا وإجرام ألمانيا بها، شعوبنا الإفريقية عانت من شرور المستعمر إلى درجة لا يمكن التسامح معها".
من جانبها، كتبت ولاء الصادق: "رغم أنه من المحزن أن تصبح المواقف القوية من القادة الأفارقة نادرة نحتفي بها، إلا أن الوقوف في وجه ألمانيا وتعرية موقفها غير الأخلاقي وغير العادل فعلًا يستحق التحية والتقدير".
أما عطية إبراهيم الذي عبّر عن امتنانه لدولة ناميبيا، قال: "أنا أيضًا سعيد جدًا بهذا الموقف الإفريقي الداعم لمبادرة دولة إفريقية أخرى الذي يعري نفاق الغرب وسقوطه الأخلاقي. وتحيا إفريقيا".