أعلنت كييف أمس الأحد استعادة الجيش الأوكراني ثلاث قرى في منطقة دونيتسك، محققًا بذلك أول مكاسب له ضدّ القوات الروسية في هذا الجزء من جبهة القتال، وهي أول مناطق مأهولة تعلن أوكرانيا تحريرها منذ شن هجوم مضاد قبل أيام.
وفي تسجيل مصور لم يتم التحقق منه نشره "اللواء 68" الأوكراني، رفع جنود العلم الأوكراني على بناية تضررت من قصف سابق، وقال اللواء إن القرية هي بلاغوداتني في منطقة دونيتسك، فيما علق متحدث باسم أحد قطاعات الجيش على التلفزيون بالقول: "نرى أول نتائج لتحركات الهجوم المضاد".
وأضاف المتحدث العسكري أن القرية تقع على أطراف منطقتي دونيتسك وزابوريجيا، على بعد كيلومترات قليلة جنوب قرية فيليكا نوفوسيلكا التي تسيطر عليها كييف.
من جهتها، قالت هانا ماليار نائبة وزير الدفاع الأوكراني، في بيان، إن قوات كييف استعادت أيضًا السيطرة على ماكاريفكا، وهي قرية مجاورة للسابقة، وتقدمت لمسافة تتراوح بين 300 و1500 متر في اتجاهين على الجبهة الجنوبية.
كما نشرت وحدة دفاع أوكرانية لقطات لم يتم التأكد من صحتها على "تيليغرام" لجنودها، وهم يرفعون العلم في نسكوتشني، وهي القرية الأقرب للمواقع الأوكرانية في المنطقة.
وأضافت ماليار: "لم يتم فقدان السيطرة على أيه مواقع في الاتجاهات التي تتخذ فيها قواتنا موقفًا دفاعيًا".
القوات الأوكرانية تعلن تحرير بلدة "بلاهودانتي" في #دونيتسك، و #روسيا تؤكد تصديها لثلاث هجمات في منطقة #زابوريجيا#العربي_اليوم #أوكرانيا تقرير: تقرير براء لمحمد pic.twitter.com/yXiBYj6HJO
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) June 12, 2023
"خسائر كييف"
وأعطى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، يوم السبت، أقوى إشارة حتى الآن على أن كييف شنت هجومًا مضادًا طال انتظاره لاستعادة السيطرة على أراض في الشرق، والجنوب من يد روسيا، مؤكدًا أن "هجومًا مضادًا وعمليات دفاعية" جارية بالفعل.
من جهته، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يوم الجمعة، إن الهجوم العسكري الأوكراني جار منذ فترة، لكنه أخفق في اختراق خطوط الدفاع الروسية وتكبد خسائر فادحة.
وفي حديث إلى "العربي"، أكد ألكسندر كوزنتسوف، مدير معهد "توقع وإدارة النزاع" من موسكو، إن القوات الأوكرانية تكبدت خسائر فادحة، منها "ثلاث دبابات ليوبارد، ودبابات فرنسية كثيرة، كذلك مدرعات عدة".
وفرض مسؤولون من كييف فترة صمت صارمة بشأن العمليات، وحثوا الأوكرانيين على عدم الإفصاح بأي معلومات من شأنها أن تعرض العملية للخطر.
دعم الغرب والناتو
وأظهر التسجيل المصور من بلاهوداتني القوات الأوكرانية داخل بناية متضررة بشدة، بينما يمكن سماع صوت المدفعية من بعيد.
وقال جندي لم يتم الإعلان عن هويته في التسجيل المصور على فيسبوك: "نطرد العدو من أراضي بلادنا. هذا أكثر الأحاسيس دفئًا على الإطلاق. أوكرانيا ستتنتصر، أوكرانيا فوق كل شيء".
وقالت روسيا مرتين على الأقل خلال الأيام القليلة الماضية إنها صدت هجمات أوكرانية بالقرب من قرية فيليكا نوفوسيلكا.
"نجري هجوماً مضاداً ضد القوات الروسية".. إعلان جديد من الرئيس الأوكراني ببدء الهجوم المضاد، تزامناً مع قمة مرتقبة للناتو في #ليتوانيا @AnaAlarabytv pic.twitter.com/LItX6pSTdX
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) June 11, 2023
وتأتي تلك التطورات بالتوازي مع تحذّير نائب رئيس مجلس الأمن الروسي ديمتري ميدفيديف بضرب دول أوروبية إن اصطفت إلى جانب أوكرانيا في الحرب ضدّ روسيا.
وأعاد كوزنتسوف في حديثه إلى "العربي"، التذكير بأن حلف شمال الأطلسي (الناتو) يشارك بصورة أساسية في النزاع، وذلك وفقًا لمصادر غربية لا روسية.
وقال إنّ الضربات يتم التخطيط لها من قبل قوات بريطانية، إضافة إلى وجود كتائب كاملة تم تدريبها هناك، ووصول كميات كبيرة من الأسلحة التي قدمتها دول غربية والولايات المتحدة لكييف، حسب كوزنتسوف.
"معركة التحصينات"
ويعتبر الجنوب الشرقي المحتل أولوية محتملة لقوات كييف، إذ ربما تسعى إلى تهديد الجسر البري لروسيا إلى شبه جزيرة القرم التي ضمتها وهو ما من شأنه أن يقسم القوات الروسية لنصفين.
وتقع ماكاريفكا على بعد نحو 90 كيلومترًا إلى الشمال الغربي من مدينة ماريوبول، التي تطل على بحر آزوف على الطرف الجنوبي من الجسر البري. والتي سيطرت روسيا عليها العام الماضي، بعد أن حاصرتها وقصفتها لعدة أسابيع.
وشيد الجيش الروسي تحصينات ضخمة في المناطق التي احتلها، للاستعداد لصد الهجوم الأوكراني المضاد، الذي تشنه كييف بآلاف القوات المدربة والمسلحة من الغرب.
تقدم نحو باخموت
وقالت ماليار في تصريحاتها أيضًا إن القوات الأوكرانية تواصل العمليات الهجومية في الشرق قرب مدينة باخموت المدمرة، وتقدمت لمسافة 250 مترًا قرب خزان بيرخيفكا.
وكانت موسكو قد أكدت سيطرتها على باخموت الشهر الماضي، بعد أكثر معارك هذه الحرب طولًا ودموية منذ بدايتها في فبراير/ شباط 2022.
كوزنتسوف رأى في حديثه أن أي محاولات أوكرانية لاستعادة باخموت، "لن تكون ناجحة"، معتبرًا أن "كييف تعيش حالة يأس من إمكانية العودة إلى المدينة".