أثار هدم قصر "أندراوس" التاريخي خلف معبد الأقصر جنوبي مصر جدلًا بين الأثريّين والمهتمّين بالتراث.
وأعادت عملية الهدم النقاش حول قضية حماية الآثار والمباني التراثية والمواقع التاريخية.
وبدأت الضجة عبر مواقع التواصل الاجتماعي التي أعرب روادها عن رفضهم لهدم القصر، لا سيما أنّه يشكّل جزءًا من الذاكرة القومية لمحافظة الأقصر.
"بيت الأمّة" في الأقصر
ويعود تاريخ القصر إلى أكثر من 120 عامًا احتلّ خلالها مكانة هامة وأطلِق عليه لقب "بيت الأمّة" في الأقصر. وهو كان مملوكًا لتوفيق باشا، وهو أحد المشاركين في الحركة الوطنية المصرية.
من جانبه، قال رئيس الجهاز القومي للتنسيق الحضاري إنّ القصر لم يكن مسجَّلًا بالجهاز، لأنّه مبنى آيل للسقوط نتيجة عمليات التنقيب غير الشرعية عن الآثار أسفل المبنى، ولذلك صدر قرار بإزالته.
في المقابل، اعترض معماريون على القرار، مشيرين إلى أنّ أيّ مبنى يمكن ترميمه.
حزين والله اصحى على خبر ازالة قصر اندراوس التاريخى الواقع فى حرم معبد الاقصر على كورنيش النيل و الجمال دا كله يتهدم !!😔😰 📷By: Me pic.twitter.com/U4kzg8aDVO
— مؤمن المنشاوى "حفيد الشيخ محمد صديق المنشاوى" (@ELMenshawy1920) August 23, 2021
ليس الأول من نوعه
ولا تُعَدّ هذه المرّة الأولى التي يتمّ التعدّي فيها على المناطق التاريخية والتراثية في مصر، إذ ثار جدل واسع منذ فترة، بعد انتشار صور لعمليات هدم لمقابر يُعتقَد أنّها تراثية في منطقة صحراء المماليك من أجل إنشاء محور مروري.
ومع تزايد الجدل حول القضية، صدر بيان رسمي نفى الأخبار المتداولة بشأن عمليات الهدم، مؤكّدًا أنّ المقابر التي تمّ هدمها ما هي إلا مبانٍ غير مسجّلة في عداد الآثار الإسلامية أو القبطية.
لماذا كان يجب الاحتفاظ بقصر "أندراوس" التاريخي؟
وينطلق أستاذ التخطيط العمراني في جامعة حمد بن خليفة علي عبد الرؤوف من "سردية تاريخية" لقصرين لهما علاقة بعائلة أندراوس العريقة الوطنية التي كانت لها بصمة كبيرة جدًا في صعيد مصر، ليتحدّث عن سلبيات هدم القصر.
ويقول عبد الرؤوف، في حديث إلى "العربي"، من الدوحة: إنّه "سنة 2009 عندما كانت مدينة الأقصر لها ما يسمى المجلس الأعلى وكان يرأسه لواء رفع شعار أنه سيحوّل مدينة الأقصر إلى متحف عالمي، قرّر هدم القصرين، وأثناء زيارة لرئيس الوزراء أحمد نظيف في هذا الوقت أقنعه بذلك".
ويضيف: "بالفعل بدأ هدم القصر الأول، ثم عندما عاد نظيف إلى القاهرة فوجئ بأن هناك حركة لرفض هذه العملية".
ويشير إلى أنّه "في سنة 2020 فجأة تبين للحكومة في مصر أنّ هناك أعمال تنقيب تحت هذا القصر وقبض على أحد أحفاد هذه العائلة". ويلفت إلى أنّه "في سنة 2021 يقال لنا إنّ هذا القصر يعيق المشهد البانورامي لمعبد الأقصر وفي إطار إعادة الوجه الحضاري لمدينة الأقصر يجب هدمه".
واستنادًا إلى هذا السياق، يؤكد أستاذ التخطيط العمراني أنّ "هذا القصر كان يجب أن نحتفظ به وهناك بالنسبة لنا كمعماريين وعمرانيين عشرات الأدوات للحفاظ على هذا المكان"، لافتًا إلى أنّه "في بلاد كثيرة يتمّ الحفاظ على أشلاء من المبنى وليس كل المبنى لقيمته التاريخية والإنسانية والتراثية".