Skip to main content

الأمن الغذائي في خطر.. "النينيو" تُهدّد محاصيل الأرز

الأحد 16 يوليو 2023

تؤدي ظاهرة النينيو التي حصلت في وقت أبكر من المعتاد إلى إعاقة إنتاج الأرز في جميع أنحاء آسيا، مما يهدّد الأمن الغذائي العالمي، بينما لا يزال العالم يعاني من آثار الحرب الروسية على أوكرانيا.

وظاهرة النينيو هي ظاهرة الاحترار الطبيعي والمؤقت والعرضي لجزء من المحيط الهادئ الذي يغير أنماط الطقس العالمي، ويؤدي تغيّر المناخ إلى جعلها أقوى.

وفي يونيو/ حزيران الماضي، أعلنت الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي أنّ هذه الظاهرة حصلت قبل شهر أو شهرين من موعدها المعتاد، وهذا يمنحها الوقت لتزداد.

ويقول العلماء: إنّ هناك فرصة واحدة من كل أربعة، كي تتوسّع إلى مستويات فائقة.

وهذه الأخبار تُعتبر سيئة لمزارعي الأرز، لا سيما في آسيا حيث تتمّ زراعة 90% من أرز العالم وطعامه، نظرًا لأنّ ظاهرة النينيو القوية عادة ما تعني هطول أمطار أقلّ للمحاصيل العطشى.

"جرس إنذار" و"عدم يقين"

وفي الماضي، أدت ظاهرة "النينيو" إلى طقس شديد القسوة، يتراوح من الجفاف إلى الفيضانات.

وقال عبد الله مأمون، محلل الأبحاث في المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية (IFPRI)، لوكالة أسوشييتد برس: إنّ هناك بالفعل "جرس إنذار"، في إشارة إلى ارتفاع أسعار الأرز بسبب النقص في الإنتاج.

وكان متوسط ​​سعر الأرز الأبيض المكسور بنسبة 5% في يونيو في تايلاند، أعلى بنحو 16% من متوسط ​​العام الماضي.

وانخفضت المخزونات العالمية منذ العام الماضي، بسبب الفيضانات المدمّرة في باكستان، والتي هي مصدر رئيسي للأرز.

انخفضت المخزونات العالمية منذ العام الماضي، بسبب الفيضانات المدمّرة في باكستان- اسوشييتد برس

وهذا العام، قد تُضخّم ظاهرة "النينيو" مشاكل أخرى للبلدان المنتجة للأرز، مثل انخفاض توافر الأسمدة بسبب الحرب على أوكرانيا، وقيود بعض البلدان على تصدير الأرز.

وحذّر تقرير حديث صادر عن شركة الأبحاث "BMI" من هذه المشاكل في ميانمار، وكمبوديا، ونيبال بشكل خاص.

وقال مأمون: "هناك حالة من عدم اليقين في الأفق".

"نقص الغذاء"

وفي الآونة الأخيرة، وصل متوسط ​​درجات الحرارة العالمية إلى مستويات قياسية. وكانت الأمطار الموسمية فوق الهند أخفّ من المعتاد بحلول نهاية يونيو.

والإثنين، تحدّث الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو عن موسم جفاف طويل. وفي الفلبين، تدير السلطات المياه بعناية لحماية المناطق المعرضة للخطر.

كما تستعدّ بعض البلدان لنقص الغذاء. وكانت إندونيسيا من بين الأكثر تضررًا من قرار الهند تقييد صادرات الأرز العام الماضي، بعد هطول أمطار أقلّ مما كان متوقعًا. وأدت موجة حرارة تاريخية إلى احتراق القمح، مما أثار مخاوف من ارتفاع أسعار المواد الغذائية المحلية.

والشهر الماضي، قالت الهند إنّها ستُرسل أكثر من مليون طن متري من الأرز إلى إندونيسيا، والسنغال، وغامبيا لمساعدتها على تلبية "احتياجات الأمن الغذائي".

تقييد صادرات الأسمدة

وتُعتبر الأسمدة متغيرًا مهمًا آخر. والعام الماضي، قيّدت الصين وهي منتج رئيسي للأسمدة، الصادرات لإبقاء الأسعار المحلية تحت السيطرة، بعد أن كانت الأسمدة من بين الصادرات التي تأثّرت بالعقوبات المفروضة على بيلاروسيا، حليفة روسيا بسبب انتهاكات حقوق الإنسان.

ولا تستهدف العقوبات المفروضة على روسيا بسبب غزوها لأوكرانيا الأسمدة على وجه التحديد، إلا أنّ الحرب عطّلت شحنات الأسمدة الكيماوية الرئيسية الثلاثة: البوتاس، والفوسفور، والنيتروجين.

وبينما وجدت بنغلاديش مورّدين في كندا لتعويض فقدان شحنات البوتاس من بيلاروسيا، لا تزال العديد من البلدان تسعى جاهدة للعثور على مصادر جديدة.

ألحقت الفيضانات في شمال الهند الضرر بالمحاصيل الصغيرة التي كانت قد زُرعت للتو-اسوشييتد برس

وكان المزارعون مثل أبو بكر الصديق، الذي يزرع 1.2 هكتارًا في شمال بنغلاديش يمتلكون ما يكفي من الأسمدة للحفاظ على ثبات محاصيله العام الماضي. لكنّ قلة هطول الأمطار اضطره إلى الاعتماد بشكل أكبر على المضخّات الكهربائية خلال حصاده الشتوي، في وقت يعاني فيه من انقطاع الكهرباء بسبب النقص في الديزل والفحم بسبب الحرب.

وقال الصديق، لوكالة أسوشييتد برس: إنّ هذه الخطوات رفعت التكاليف.

"تعفّن التربة"

ورغم أنّ ظاهرة "النينيو" تختلف، إلا أنّ بو دامن مسؤول الموارد الطبيعية في منظمة الأغذية والزراعة في تايلاند، قال للوكالة نفسها: إنّ الاتجاهات التاريخية تُشير إلى أنّ ندرة هطول الأمطار في جنوب وجنوب شرق آسيا ستؤدي إلى تعفّن التربة، ممّا يتسبّب في آثار متتالية في السنوات المقبلة.

وأضاف دامن أنّ بعض الدول، مثل إندونيسيا، قد تكون أكثر عرضة للخطر في المراحل الأولى من هذه الظاهرة.

وأوضح كوسنان وهو مزارع في شرق جاوة بإندونيسيا لوكالة أسوشييتد برس أنّ مزارعي الأرز في المنطقة قاموا بالزراعة في وقت مبكر ليكون الأرز جاهزًا للحصاد ولا يحتاج إلى الكثير من المياه في حال حدوث ظاهرة النينيو.

ويأمل كوسنان في أن تُساعد العائدات المرتفعة العام الماضي في تعويض أي خسائر هذا العام.

إدارة المياه

من جهته، شدّد الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو على الحاجة إلى إدارة المياه بشكل جيد في الأسابيع المقبلة، محذرًا من أنّ عوامل مختلفة بما في ذلك قيود التصدير ونقص الأسمدة يمكن أن تتحد مع ظاهرة النينو "لجعل الأمر مدمرًا بشكل خاص".

ويبدي بالديف سينغ، وهو مزارع يبلغ من العمر 52 عامًا في ولاية البنجاب شمال الهند، قلقه، إذ أنّه عادة ما يزرع الأرز من أواخر يونيو حتى منتصف يوليو/ تموز، لكنه يحتاج بعد ذلك إلى الأمطار الموسمية لإغراق الحقول.

لكنّ أوائل الشهر الحالي، تساقطت الأمطار بنسبة أقلّ من عشر المنسوب المعتاد. ثمّ اجتاحت الفيضانات شمال الهند، وألحقت الضرر بالمحاصيل الصغيرة التي كانت قد زُرعت للتو.

شجّعت الحكومة مزارعي البنجاب على زراعة الأرز جنبًا إلى جنب مع محاصيل القمح التقليدية منذ الستينيات لتحسين الأمن الغذائي في الهند، على الرغم من أن المزارعين لا يأكلون الأرز عادةً.

وأدى ري حقول الأرز إلى استنزاف طبقات المياه الجوفية في المنطقة. لكنّ المزارعين يواصلون زرعها، معتمدين على أن الحكومة ستشري المحاصيل بأسعار ثابتة.

ومع ندرة الأمطار، قد يحتاج سينغ إلى حفر الآبار. في العام الماضي حفر 60 مترًا للعثور على الماء.

وقال: "الأرز كان سبب إحباطنا. لا أعرف ماذا سيحدث في المستقبل".

المصادر:
العربي، أسوشييتد برس
شارك القصة