أثرت حرب أوكرانيا على اقتصاد منطقة اليورو ما أدى إلى تباطؤ الناتج في حين بقي التضخم عند مستويات قياسية، وفق ما أظهرت بيانات رسمية، اليوم الجمعة، ما يعرّض تعافي أوروبا من مرحلة الوباء إلى الخطر.
وأشارت وكالة الإحصاء التابعة للاتحاد الأوروبي إلى أن النمو في الدول الـ19 التي تستخدم عملة اليورو بلغ 0,2% بين يناير/ كانون الثاني ومارس/ آذار مقارنة بـ0,3% في الفصل الأخير من العام 2021.
وبالنسبة للاتحاد الأوروبي بالمجمل، فقد نما إجمالي الناتج الداخلي بنسبة 0,4% في الربع الأول، بعدما سجل 0,5% في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام 2021.
ومن بين كبرى الاقتصادات، سجلت النمسا نموًا بنسبة 2,5% في الأشهر الثلاثة الأولى من 2022 مقارنة بالفصل السابق بينما أعلنت إسبانيا وألمانيا نموًا بلغ 0,3% و0,2% على التوالي في الفترة ذاتها. ولم تسجل فرنسا أي نمو بينما تراجع النمو في إيطاليا بنسبة 0,2%.
انكماش الناتج الداخلي
وتعني الزيادة الضئيلة في النمو في منطقة اليورو "أن المنطقة ستتجنّب ركودًا تقنيًا في النصف الأول من العام على أقل تقدير"، بحسب كبير خبراء اقتصاد أوروبا لدى "كابيتال إيكونوميكس" أندرو كينينغهام.
وأضاف "لكن ازدياد التضخم وتداعيات الحرب الأوكرانية تعني أن إجمالي الناتج الداخلي سينكمش على الأرجح في الفصل المقبل".
ومقارنة مع ما كان عليه الحال قبل عام، ما زال مستوى النمو في أوروبا مرتفعًا، بعد الانهيار الكبير لإجمالي الناتج الداخلي جرّاء فيروس كورونا الذي أنهك الاقتصاد العالمي.
ويعني ذلك أن معدل النمو من عام لآخر ارتفع بـ 5% بالنسبة لمنطقة اليورو و5,2% بالنسبة للاتحاد الأوروبي بالمجمل، مقارنة مع الفصل الأول من 2021.
صدمة ارتفاع الأسعار
وتبقى أسعار المواد الاستهلاكية تشكّل الصدمة الأكبر، إذ يشل الاقتصاد ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية وخصوصًا في قطاع الطاقة بسبب حرب في أوكرانيا.
وارتفعت أسعار المستهلك في منطقة اليورو بنسبة قياسية بلغت 7,5% في أبريل/ نيسان، بزيادة عن 7,4% في الشهر السابق، بحسب "يوروستات".
وتعد هذه الأرقام الأعلى التي يسجلها مكتب الإحصاءات الأوروبي منذ بدأ إصدار بيانات هذا المؤشر في يناير 1997.
ويحطم التضخم معدلًا قياسيًا جديدًا في كل شهر منذ نوفمبر/ تشرين الثاني، رغم أن الزيادة في أبريل كانت أكثر اعتدالًا من الأشهر السابقة.
وفي أبريل، سجل أعلى معدل زيادة لأسعار الطاقة، التي ارتفعت بنسبة 38%. وكانت هذه الزيادة أبطأ قليلًا مقارنة بمارس عندما وصلت إلى 44 في المئة.
تراجع تدريجي للتضخم
ويعتقد البنك المركزي الأوروبي أن التضخم سيتراجع تدريجيًا مقارنة بالمستويات الحالية المرتفعة للغاية، لكنه سيبقى أعلى بكثير من هدف 2% لبقية العام 2022 على أقل تقدير.
وواجه البنك المركزي الأوروبي ضغوطًا لزيادة المعدلات ووقف حزم تحفيز الاقتصاد التي يقول معارضوها إنها تؤجج التضخم، لكن رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد أوضحت إن إدخال تغيير مفاجئ لن يحدث فرقًا كبيرًا.
وقالت لشبكة "سي بي إس" هذا الأسبوع: "إذا رفعت معدلات الفائدة اليوم، لن يؤدي ذلك إلى خفض أسعار الطاقة".
لكن خبير الاقتصاد لدى "آي إن جي" بيرت كوليين لفت إلى أن بيانات الجمعة التي تكشف أن النمو متواصل وإن كان ضعيفًا، تعني أن البنك المركزي الأوروبي "سيتحرك على الأرجح الآن وليس لاحقًا" في مسألة رفع معدلات الفائدة.
وقال: "بينما ما زال الاقتصاد ضعيفًا.. لا نتوقع أن ينتظر البنك المركزي الأوروبي أكثر من ذلك بكثير".
واتفق المحللون على أنه نظرًا إلى ضبابية الوضع بالنسبة لحرب أوكرانيا، ما زالت التوقعات المرتبطة بالاقتصاد الأوروبي مدى الأشهر المقبلة غير واضحة إلى حد كبير.