أعلن المكتب الإعلامي الحكومي بقطاع غزة اليوم الأربعاء، توقّف الخدمة الصحية في محافظتَي غزة والشمال بالكامل، وذلك بعد خروج مستشفى كمال عدوان عن الخدمة، وحصار مستشفى العودة لليوم الرابع على التوالي، ما يُنذر بكارثة إنسانية وشيكة تُهدّد 700 ألف إنسان.
وأشار المكتب في بيان، إلى توقّف خدمات الرعاية الأولية وخدمات الأمومة والطفولة وتطعيم الأطفال بسبب استمرار التوغّل البري في شمال القطاع لليوم الثاني عشر على التوالي.
وطالب بضرورة وأهمية تقديم دعم عاجل من مستشفيات ميدانية، ووفود طبية، وأدوية، ووقود إلى محافظتَي غزة وشمال غزة لضمان توفير الحد الأدنى والمعقول من الخدمة الطبية والرعاية الصحية قدر المستطاع.
ودعا المجتمع الدولي والمنظمات الدولية والأممية إلى "ضرورة حماية المنظومة الصحية وكوادرها وتمكينها من مواصلة أعمالها، بدلًا من استهدافها وقتلها ومطاردتها واعتقالها من قبل الاحتلال".
وانهار نظام الرعاية الصحية في غزة، منذ أن بدأت إسرائيل حربها على القطاع في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حيث عمد جيش الاحتلال إلى استهداف مستشفيات غزة والمنظومة الصحية، وأخرج العديد منها عن الخدمة، ما يُعرّض حياة المرضى والجرحى للخطر.
محاصرة مستشفى العودة
ولليوم الرابع على التوالي، يُواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي محاصرة مستشفى العودة في تل الزعتر ببلدة جباليا شمالي قطاع غزة.
وأفاد مراسل "العربي" بأن جيش الاحتلال عمل على إفراغ المستشفى من الطواقم الطبية ودعاهم إلى التوجه نحو غربي غزة.
ويُعاني المرضى والعاملون في المستشفى من ظروف سيئة للغاية، بينما يمنع جيش الاحتلال سيارات الإسعاف من نقل الجرحى إليه. كما لا يستطيع أحد الدخول أو الخروج من المستشفى، إذ يتمّ إطلاق النار على كل من يتحرك.
وفيما يتمّ تجميع المرضى المذعورين بعيدًا عن النوافذ بينما يدوي صوت القنابل، أشار القائم بأعمال مدير المستشفى الدكتور محمد صالحة في حديث لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، إلى أنّ المياه النظيفة نفدت من المستشفى بينما أوشك الوقود على النفاد.
وقال صالحة: "لا يُمكن لأحد الاقتراب من النوافذ. ولا يستطيع الأشخاص داخل المستشفى المغادرة، ولا تستطيع المساعدة الخارجية الوصول إليهم، كما لا تستطيع سيارات الإسعاف الاستجابة لنداءات إحضار المصابين".
وأضاف صالحة أنّ نحو 150 شخصًا بما في ذلك الأطباء والمرضى المصابين والرضع محاصرون داخل المستشفى منذ يوم الأحد، وسط هجوم إسرائيلي متجدد في الشمال.
ومع عدم تمكّن أحد من الدخول أو الخروج من المستشفى، تجمّع الأطباء والمرضى في الغرف والممرات الداخلية في محاولة لحماية أنفسهم من إطلاق النار والقصف الذي يصيب الجدران الخارجية.
وقال صالحة إنّ 4 أطفال رضّع كانوا من بين المُحاصرين في المستشفى، اثنان منهم ولدا بعملية قيصرية في 18 مايو، واثنان آخران من أبناء الممرضات في المستشفى.
وفي نداء من أجل حماية بقية المرضى والموظفين، قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس أمس الثلاثاء، إنّ فريق الطوارئ الطبي الذي نشرته المنظمة في المستشفى، اضطر إلى الانتقال إلى مكان آخر في 13 مايو/ أيار الحالي بسبب "الأعمال العدائية المكثفة".
ورفض جيش الإحتلال التعليق للصحيفة على عملياته العسكرية حول مستشفى العودة.
ومستشفى العودة هو أحد آخر المستشفيات العاملة في شمال غزة. وسبق أن حاصره جيش الاحتلال لمدة 18 يومًا في ديسمبر/ كانون الثاني الماضي، قبل أن يقتحمه ما أسفر عن استشهاد العديد من الفلسطينيين واحتجاز آخرين لاستجوابهم.
وكان مدير المستشفى الدكتور أحمد مهنا أحد المعتقلين، ولا يزال مكان وجوده مجهولًا، وفقًا لمنظمة "أكشن إيد" غير الحكومية التي تدعم المستشفى. ومنذ ذلك الحين، يقود الدكتور محمد صالحة طاقم المستشفى.
إخلاء مستشفى كمال عدوان
وفي شأن متّصل، أعلن مسؤولون في منظمة الصحة العالمية أنّ صواريخ إسرائيلية أصابت قسم الطوارئ في مستشفى كمال عدوان في شمال غزة أمس الثلاثاء، ما دفع أفراد الطاقم الطبي المذعورين إلى نقل المرضى على أسرّة المستشفى إلى الشارع المليء بالحطام بالخارج.
وعلى غرار مستشفى العودة، داهمت القوات الإسرائيلية مستشفى كمال عدوان في ديسمبر الماضي، وأصبح منذ ذلك الحين مرفقًا بالغ الأهمية لعلاج الأطفال الذين يُعانون من سوء التغذية في الشمال.
وأظهرت مقاطع مصوّرة نشرتها وكالة "رويترز" الناس وهم يُخلون المنطقة المحيطة بمستشفى كمال عدوان أمس الثلاثاء، وكان بعضهم يرتدي معاطف طبية بيضاء والبعض الآخر يُنقل على نقالات.
وأوضح مدير المستشفى الدكتور حسام أبو صفية للوكالة، أنّه بعد قصف مدخل قسم الطوارئ، توالت الصواريخ مما منع المسعفين من الوصول إلى الضحايا، قائلًا: الوضع كارثي".
وتُعتبر الظروف المزرية في مستشفى العودة جزءًا من نمط تكرّر في جميع أنحاء قطاع غزة على مدى أكثر من 7 أشهر من الحرب.
وحاصرت قوات الاحتلال وداهمت مستشفى تلو الآخر، بزعم أنّ مقاتلي المقاومة يستخدمونها. وكرّر جنود الاحتلال مداهمة بعض المستشفيات للمرة الثانية بحجة عودتهم.
وفي ديسمبر الماضي، اعتقلت قوات الاحتلال رئيس قسم جراحة العظام السابق في مستشفى الشفاء الدكتور عدنان أحمد البرش خلال عمله في مستشفى العودة.
وفي مايو/ أيار الحالي، أعلن مسؤولون فلسطينيون وجماعات حقوقية أنّ البرش استشهد في الحجز الإسرائيلي.