الإثنين 18 نوفمبر / November 2024

الدرة وإيلان وعمران ثم ريان.. لماذا يثير الأطفال الرأي العام العالمي؟

الدرة وإيلان وعمران ثم ريان.. لماذا يثير الأطفال الرأي العام العالمي؟

شارك القصة

"العربي" يسأل عن أسباب التغطية الإعلامية المكثفة لقصة الطفل ريان (الصورة: غيتي)
لم تكن قصة الطفل المغربي ريان حادثة نادرة، ولا الأولى من نوعها، بل تأتي ضمن سلسلة من أحداث إنسانية تتعلق بأطفال وتصدّرت العناوين واستأثرت باهتمام الإعلام.

لقيت قضية الطفل المغربي ريان أورام تغطية عربية وعالمية واسعة، وأثار نبأ وفاته حزنًا كبيرًا في نفوس من تابعوا عملية إنقاذه لحظة بلحظة. 

غير أن قصة الطفل المغربي لم تكن حادثة نادرة، ولا الأولى من نوعها في التغطية الإعلامية، بل تأتي ضمن سلسلة من أحداث إنسانية متعلقة بمعاناة أطفال تصدّرت العناوين واستأثرت باهتمام الإعلام.

ومن القصص التي شغلت سابقًا الرأي العام المحلي والعالمي ولاقت اهتمامًا وتعاطفًا واسعين، قصة إيلان الكردي، الطفل السوري الذي لم يتجاوز الثالثة من العمر ومات غرقًا. 

وصدمت صورة إيلان العالم، بعدما وجد جثته شرطي تركي على الشاطئ، الذي دفعته إليه أمواج بحر هائج قلبت قاربًا كان على متنه رفقة والديه. وقد أعطى الصغير بعدًا آخر لمعاناة اللاجئين في كل مكان.

بدوره، ظهر الطفل السوري عمران دقنيش في 18 أغسطس/ آب 2016 عبر وسائل الإعلام المختلفة، بوجه ملطخ بالدماء والتراب، وعلامات ذهول ترتسم على محياه.

جاء ذلك على إثر تعرض منزل أسرة عمران في حلب للقصف منتصف تلك الليلة، ما أدى إلى انهياره فوقهم.

وتم إسعاف الطفل ووضعه داخل سيارة إسعاف غير أنه بقي صامتًا، لا يتحدث ولا يصرخ ولا يبكي، ولم تنزل من عينيه دمعة واحدة. 

ولاقت صورته انتشارًا واسعًا في العالم وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، وأطلقت عليه صحيفة "نيويورك تايمز" لقب "الطفل الذي أصبح رمزًا للمعاناة في حلب".

أما في يونيو/ حزيران 2018، فقد احتُجزت مجموعة من 12 فتى يتبعون لفريق كرة قدم في كهف في تايلند، عقب هطول أمطار غزيرة غمرت الكهف جزئيًا أثناء وجودهم.

وأُبلغ عن الفتية ومدربهم باعتبارهم مفقودين بعد اختفائهم بساعات قليلة. وجرت عمليات البحث على الفور، إلا أن جهود تحديد موقعهم أُعيقت بسبب ارتفاع منسوب المياه، التي منعت الوصول إلى حجرة الكهف الداخلية. وقد عنى ذلك عدم إمكانية التواصل معهم لأكثر من أسبوع.

وشارك في عملية الإنقاذ حينها أكثر من 1000 شخص؛ بعضهم من البحرية التايلندية وفرق متطوعة ومساعدة ومتخصصة من عدة بلدان، وسط تغطية إعلامية مكثفة.

إلى ذلك، وبخلاف هذه الحالات، استأثرت العديد من الصور والأحداث باهتمام عالمي بالغ على غرار الشهيد محمد الدرة، الذي توفي بين يدَي أبيه في غزة برصاص الاحتلال الإسرائيلي فأصبح على الأثر أيقونة، وكذلك الفتاة الفيتنامية ضحية النابالم وعمال المنجم التشيليين وآخرين.

لمَ حظيت قصة ريان بكل هذا الاهتمام؟

يذكر الإعلامي والأكاديمي محمد أنيس المحتسب، بأن اختيار الأخبار عملية انتقائية وليست عشوائية، فهي تعتمد على ما تحمله القصة من عناصر تقويمية.

ويقول لـ "العربي" من عمان: "إذا ما شرحنا قصة الطفل ريان، نجد أن فيها عناصر تقويمية تجعل منها قصة مهمة جدًا تستأثر باهتمام محرّري الأخبار ووسائط التواصل الاجتماعي، لأنها تحمل قيمة إنسانية".

وفيما يلفت إلى أن الاهتمامات الإنسانية عنصر مهم من العناصر التقويمية، يسأل: "كيف إذا كان بطل هذا الحدث طفلًا؟، مؤكدًا أن الأخير عادة ما يحمل صفة الضعف.

ويردف بأن الضعف أكان طفلًا أم زوجة أم شعبًا مقهورًا؛ قضية تستأثر باهتمام الجماهير وتكون حتمًا محط اهتمام وسائل الإعلام الجماهيرية".

المحتسب الذي يتوقف عند "موقع" قصة ريان، يقول إنها في بئر مهجور وعميق ومظلم وطويل.

ويضيف أن "مدة الإقامة فيه وصراع الطفل من أجل البقاء حيًا، وكذلك صراع رجل الإنقاذ المغربي مع الطبيعة وصعوبة الوصول إلى قلب البئر، أمور جعلت من القصة ـ إلى جانب الطفولة والاهتمامات الإنسانية ـ موضع اهتمام واستئثار من قبل وسائل الإعلام المغربية أولًا، لتتحول بعد ذلك إلى قضية رأي عام داخليًا، ثم عالميًا.

وفي السياق نفسه، يشير إلى المنافسة الشديدة بين وسائل الإعلام للوصول إلى السبق الصحافي؛ من منها سيستطيع نقل خبر إنقاذ الطفل قبل غيره.  

تابع القراءة
المصادر:
العربي
Close