مع تزايد الحديث عن إمكان استبداله، قرر قادة الحزب الديمقراطي في الكونغرس الأميركي تأجيل إعلان ترشيح الرئيس جو بايدن لانتخابات الرئاسة لمدة أسبوع.
وتدفع أسماء ثقيلة بين الديمقراطيين بالضغوط على بايدن للتنحي عن جولة الانتخابات القادمة، فيما يصر الرجل على أنه يملك من القدرات ما يكفي لإدارة البلاد، واضعًا ظرفه الصحي عائقًا وحيدًا أمام استمراره في السباق الرئاسي نحو البيت الأبيض.
بدوره، أعلن البيت الأبيض إلغاء خطاب لبايدن كان مرتقبًا في لاس فيغاس بسبب إصابته بفيروس كورونا، مؤكدًا أن الرئيس يعاني من أعراض خفيفة، لتعلن حملته أنه بخير ويجري الاتصالات، مشددة على أنها لا تعمل على أي سيناريوهات لا يكون بايدن جزءًا منها.
ويظهر هنا الرئيس الأسبق باراك أوباما الذي أسرَّ لمقربين منه أن فرص فوز بايدن بالسباق الرئاسي قد تضاءلت إلى حد كبير.
وفي الأثناء تتصاعد ضغوطات على بايدن مع العد التنازلي للانتخابات الرئاسية، فالمانحون الرئيسيون أوقفوا تبرعاتهم وفق شبكة "إي بي سي" الأميركية.
من جهتها قالت "سي إن إن"، إن الرئيس الأميركي يسأل مستشاريه إن كان بإمكان نائبته كاميلا هاريس الفوز بالانتخابات أمام دونالد ترمب، لينقل موقع "أكسيوس" منذ قليل عن أعضاء ديمقراطيين اعتقادهم أنَّ الرئيس بايدن قد يتخذ قرارًا بالتنحي عن السباق الانتخابي أمام ترمب في نهاية الأسبوع المقبل.
ماذا وراء مطالبات بايدن بالتنحي؟
وفي هذا الإطار، اعتبرت الباحثة السياسية شيري جاكبوس، أن الحديث عن تنحي بايدن هو من تنظيم الإعلام، وأن من كان يطالبه بالتنحي هم من جعلوا المشكلة أسوأ، معتبرة أن الرئيس الأميركي هو الأفضل كرئيس، ولديه تاريخ جيد.
وفي حديث للتلفزيون العربي من ميريلاند، أضافت جاكبوس أن الاستفتاءات أظهرت أن الناخبين لم يكترثوا لما حصل في المناظرة الأخيرة، موضحة أن هناك بعض الاستفتاءات التي أظهرت أن بايدن حصل على نتائج أفضل بعد المناظرة مع الرئيس السابق دونالد ترمب.
وفيما أشارت إلى أن الحديث عن تنحي بايدن الذي نظمه الإعلام وصل إلى الجهات المانحة، لفتت جاكبوس إلى أن الديمقراطيين ارتكبوا خطأ في وضع بايدن في هذا الظرف، مضيفة أن عليه أن يستعد ويتحضر وأن يبقى كما هو.
وبشأن دفع أسماء ثقيلة بين الديمقراطيين بالضغوط على بايدن للتنحي، قالت جاكبوس: "سبب هذا الأمر هو استجابتهم لضغط الجهات المانحة، كما أن هناك أعضاء في الكونغرس يصغون أيضًا لهذه الجهات"، موضحة أن الأمر مرتبط فقط بالتمويل.
ولفتت إلى أن الحزب الديمقراطي يؤذي نفسه وحظوظه، مشيرة إلى أن رئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي إحدى كوادر هذا الحزب، تستجيب فقط لما تريده الجهات المناحة، ولا تنظر كغيرها إلى ما يريده الناخبون الذين صوتوا لجو بايدن في الانتخابات التمهيدية.
وتحدثت جاكوبس عن الإعلام الذي يركز على بايدن وعلى سنه المتقدم ولا يتحدث عن سن منافسه ترمب، معتبرة أن هناك شيئًا غريبًا يحصل في الإعلام.
وتابعت أن هناك بعض الأشخاص في الحزب يريدون تنحي بايدن، على الرغم من أن ناخبين في الانتخابات التمهيدية صوتوا له كمرشح، موضحة أن هذا يظهر أن هناك أشخاصًا في الحزب الديمقراطي يؤذون الحزب، ويقومون بهذا الأمر لأجندات مختلفة.
ورأت جاكبوس أن الوقت قد تأخر للبحث عن بديل لبايدن، وأن الأشخاص الذين يتكلمون عن هذا الموضوع، يظهر أن هناك أجندات مختلفة موجودة، معربة عن اعتقادها أن الناخبين راضون عن الموضوع.
انقسام داخل الحزب الديمقراطي
من جهته، رأى المدير التنفيذي للمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في واشنطن خليل جهشان أن هناك انقسامًا داخل الحزب الديمقراطي الذي هو في حالة تخبط وفوضى.
وفي حديث للتلفزيون العربي من واشنطن، أضاف جهشان أن الحزب الديمقراطي ما زال متمسكًا بمرشح الرئاسة بايدن، حتى يتم استدراجه إلى اتخاذ القرار الصعب الذي يجب عليه أن يتخذه، مشيرًا إلى أن المشكلة تكمن في أن بايدن مازال متمسكًا في المقعد، ويحاول أن يؤجل أكثر وأكثر.
وتابع جهشان أن هذا الأمر يضعف الحزب الديمقراطي، كما أنه يضعف من فرص فوزه في الانتخابات الرئاسية القادمة.
وفيما أشار إلى تصريح أوباما الذي كان شريكًا سابقًا للرئيس الأميركي، أوضح جهشان أن هذا الأمر يعني أن هناك شبه إجماع بين القيادة على أعلى المستويات أن على بايدن اتخاذ القرار الصعب بأن صحته لن تسمح له في الانتصار على ترمب، لافتًا في الوقت نفسه إلى أن بايدن لا يستطيع أن يعارض هذا الزخم، كما أنه لا يستطيع الاستمرار في إستراتيجية التأجيل ثم التمويه قبل الإجابة عن هذا التحدي.
وتابع أن مشكلة الحزب الديمقراطي هي تراكمية بدأت في فشل المناظرة في أداء الرئيس بايدن، إضافة إلى أن الحزب لم ينجح، كما لم ينجح بايدن شخصيًا في الإجابة التي كانت غير مقنعة عن سؤال "لماذا هذا الأداء السيئ؟"، ومن ثم تبنوا إستراتيجية بايدن في التأجيل والمماطلة بدلًا من اتخاذ قرار سريع.
والتحدي الجديد الذي يواجه الحزب الديمقراطي، حسب جهشان هو من صنع أيدي أعضاء الحزب لأنهم فقدوا زمام المبادرة، فجاءتهم محاولة اغتيال ترمب، بالإضافة إلى التأجيل المتنامي في اتخاذ القرار الصعب، فضلًا عن الجدول الزمني السريع للحملة الانتخابية، موضحًا أن كل هذا أفقد الحزب الديمقراطي زمام المبادرة ويظهر الآن في حالة تخبط كامل.
ورأى جهشان أن الانقسام داخل الحزب الديمقراطي سيكون العامل الحاسم الذي سيؤثر على إكمال بايدن للسباق من عدمه، بسبب فشل الحزب في التعامل مع قضية سن جو بايدن، مشيرًا إلى أن هذه القضية أصبحت قضية أمن قومي، وأن جزءًا من هذه المسؤولية تعود إلى عدم نجاح الكادر الحزبي في التعامل معها، وعدم نجاح الرئيس نفسه في التعامل مع هذه القضية.
وبينما أشار إلى أن وسائل الإعلام لعبت دورًا في تكبير هذا الموضوع، قال جهشان: "كان على الحزب الديمقراطي أن يكون جاهزًا أكثر لمثل هذه الحملة عبر الشرح وطرح برنامج سياسي أفضل، وإيجاد طريقة لإيصال هذا البرنامج إلى الناخب الأميركي".
من سيكون مرشح الحزب الديمقراطي إذا تنحى بايدن؟
مدير مركز دراسات الخليج في واشنطن جورجيو كافييرو بدوره، أكد أن هناك أسئلة تطرح الآن خاصة مع الانقسامات الموجودة داخل الحزب لدى الناخبين الديمقراطيين التقليديين على غرار: "من سوف يكون المرشح إذا تنحى بايدن"، متحدثًا عن "بعض التحولات التي تؤشر إلى انفتاح على فكرة التنحي أكثر من السابق".
وفيما لفت إلى أن هناك انقسامًا في الحزب الديمقراطي، أوضح كافييرو أنه "إذا أراد الحزب الفوز في نوفمبر/ تشرين الثاني، فعليه أن يتحلى بالشجاعة واتخاذ القرارات الصارمة".
وفي حديث للتلفزيون العربي من واشنطن، أعرب كافييرو عن اعتقاده أن المخاوف من بقاء بايدن كمرشح هي مبررة، وأن عددًا من المسؤولين في الحزب الديمقراطي والناخبين الديمقراطيين في البلاد يخافون من إمكانية فوز دونالد ترمب بولاية ثانية، كما أن هناك أشخاصًا يطالبون بتنحي بايدن ويقومون بهذا الأمر فقط لأنهم يريدون مرشحًا ديمقراطيًا لديه حظوظًا في الفوز في وجه دونالد ترمب.
وأشار إلى أن هناك نظريات مختلفة مفادها أن بايدن لن يؤدي أداء جيدًا في وجه ترمب، مقارنة بمرشحين ديمقراطيين آخرين تم اقتراح أسمائهم.
وأوضح كافييرو أن عملية إيجاد مرشح آخر قد تكون عملية صعبة ومعقدة، وحتى الحزب الديمقراطي الذي يريد الاتحاد الآن لن يكون من السهل له للقيام بهذه العملية.