السبت 16 نوفمبر / November 2024

العنف الأسري في العالم العربي.. أرقام "صادمة" ومعالجات "غائبة"

العنف الأسري في العالم العربي.. أرقام "صادمة" ومعالجات "غائبة"

شارك القصة

نافذة خاصة ضمن "صباح جديد" حول تزايد ظاهرة العنف الأسري في العالم العربي رغم حملات التوعية (الصورة: تويتر)
ما يزيد من خطورة العنف الأسري في العالم العربي أنّ القوانين التي تجرّمه لا تزال إما غائبة أو غير فعّالة، علمًا أنّ امرأة من كل ثلاث نساء تتعرض للعنف.

تتفشّى ظاهرة العنف الأسري في العالم العربي بشكل واسع، حيث لا يكاد يمرّ يوم واحد إلا ويحمل معه جريمة جديدة بحق نساء عربيّات، يرتكبها في الغالب أقرب المقرّبين منهنّ، أو من يفترض بهم حمايتهنّ.

ففي شهر يونيو/ حزيران وحده، سُجّلت العديد من الجرائم بحق النساء، تتقاطع في ما بينها على وصفها بـ"المروّعة"، لعلّ أبرزها تلك التي استهدفت الطالبة الجامعية المصرية نيرة أشرف التي طعنها أحد زملائها حتى الموت، في وضح النهار وفي شارع يعجّ بالمارة.

وفي سيناريو مشابه إلى حدّ بعيد، قتِلت الطالبة الجامعية الأردنية إيمان إرشيد بعد أن أطلق شاب النار عليها في مبنى الجامعة التي تنتسب إليها. ولم ينقضِ يونيو إلا بعد الكشف عن مقتل الإعلامية المصرية شيماء جمال، في جريمة حامت الشبهات فيها حول زوجها.

ولأنّ هذه الجرائم تميّزت عن غيرها بحصولها على التغطية الإعلامية الوافرة، وهو ما لا تحظى به جرائم أخرى توثّقها الجمعيات المعنيّة، فإنّ علامات استفهام تُطرَح بالجملة عن واقع العنف الأسري في العالم العربي، ومدى وجود قوانين "رادعة" من شأنها وضع حدّ لهذه الظاهرة.

خطورة كبيرة على حياة الفرد والمجتمع

يشير مصطلح العنف الأسري إلى تلك التصرفات المسيئة والصادرة من قبل أحد الشريكين أو كليهما في العلاقة الزوجية أو الأسرية.

يشكّل العنف الأسري خطورة كبيرة على حياة الفرد والمجتمع، فهو من جهة يصيب الخلية الأولى في المجتمع بالخلل، ممّا يعيقها عن أداء وظائفها الاجتماعية والتربوية الأساسية في أحسن الأحوال. وغالبًا ما تكون المرأة الطرف الأضعف في العنف الأسري والأكثر ضررًا.

ففي مصر مثلاً، تناولت دراسة صادرة عن المركز القومي للبحوث، أشكال العنف الذي يطال المرأة، وصنّفته ضمن ثلاثة عناصر وهي العنف الاجتماعي والعنف المؤسّسي والعنف الأسري. ووجدت الدراسة أنّ العنف الأسري هو أكثر أشكال الممارسات العنيفة في المجتمع المصري، سواء كانت أمًا أو زوجة أو ابنة. ويتجلى هذا العنف في أشكال مختلفة كالضرب وسوء المعاملة والسخرية والتهديد المستمرّ بالطلاق.

ما تزال القوانين التي تجرّم العنف الأسري في العالم العربي إما غائبة أو غير فعّالة في الدول العربية - غيتي
ما تزال القوانين التي تجرّم العنف الأسري في العالم العربي إما غائبة أو غير فعّالة في الدول العربية - غيتي

العنف الأسري في العالم العربي.. هل من رادع؟

تفيد الإحصاءات بأنّ امرأة على الأقل من كل ثلاث نساء في العالم العربي تتعرّض للعنف الأسري، حيث تشير الأمم المتحدة إلى أنّ 37 في المئة من النساء العربيات على الأقلّ اختبرن "شكلًا من أشكال العنف" خلال حياتهنّ، مع وجود مؤشرات على أنّ النسبة الحقيقية أعلى من ذلك.

ولعلّ ما يزيد من خطورة العنف الأسري في العالم العربي أنّ القوانين التي تجرّمه ما تزال إما غائبة أو غير فعّالة في الدول العربية. ففي ظلّ الثقافة السائدة في هذه المجتمعات، يظلّ العنف الأسري بشتى أنواعه أمرًا عائليًا بحتًا، ولا يتمّ التبليغ عن معظم حالاته. وفي حال تمّ ذلك، غالبًا ما يفلت الجاني من العقاب.

وفي هذا السياق، تعتبر الناشطة في مجال حقوق الإنسان وعضو المجموعة الاستشارية النسوية لممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق بشرى العبيدي أنّ أنواع العنف الممارسة ضدّ المرأة كثيرة جدًا، ولا يمكن حصرها بتصنيف محدّد، لكن أهمّها يبقى العنف الجسدي والعنف الجنسي، والعنف النفسي.

وفيما تشير في حديث إلى "العربي"، من بغداد، إلى وجود أشكال أخرى، من بينها العنف السياسي، من حيث تحجيم مشاركتها السياسية، تشدّد على أنّ الفكر الذكوري المسيطر على المجتمعات العربية هي التي تمنع تطوير التشريعات، بما يحصّن نساء العالم العربي، ويضع حدًا لهذه الجرائم.

المجتمعات العربية "متسامحة" مع قتل النساء

من جهتها، تعتبر الإعلامية والناشطة الحقوقية ناهد أبو طعيمة أنّ المجتمعات العربية "متسامحة" مع قتل النساء، مشدّدة على أنّ النظام الأبوي القبلي لا يزال مسيطرًا في الدول العربية، حيث يتحكّم الرجال بنساء ويمنعونهنّ من حقهنّ البديهيّ بالاختيار.

وتلفت أبو طعيمة في حديث إلى "العربي"، من رام الله، إلى أنّ ردات الفعل على جرائم العنف الأسري تكاد تكون أخطر من القتل الوحشي المتعمّد، حيث تقتصر على الإدانة والاستنكار، من دون اعتبار هذه القضايا "جوهرية" وتستوجب المتابعة الفورية.

وفي سياق تعدادها للعوامل التي تزيد من خنق النساء، تتحدّث أبو طعيمة عن جزء من الخطاب الديني الذي تصفه بـ"المتطرف"، والذي يذهب إلى "تبرير" قتل النساء بحجّة اللباس أو غير ذلك، معتبرة أنّ مثل هذا الخطاب "يحرّض" على كراهية النساء، علمًا أنّ الشابة الأردنية التي قتلت أخيرًا، كانت محجّبة أصلًا.

 
تابع القراءة
المصادر:
العربي
تغطية خاصة