تبعث معدلات فائدة شاهقة ومؤشرات مالية وسياحية على التفاؤل، لكن ذلك لم يعن شيئًا للعملة التركية. ووجدت الليرة نفسها عند أدنى مستوى تاريخي تجاه نظيرتها الأميركية متجاهلة الضعف الذي يبدو عليه الدولار مع قرب شروع واشنطن في صياغة سياسات نقدية أقل تشددًا.
وفي بلد تصل فيه نسبة الفائدة إلى 50%، لا تزال الليرة تسلك مسارًا هبوطيًا أفقدها هذا العام زهاء 12% من قيمتها. واقع قد يسعد العاملين في قطاعي التصدير والسياحة، لكنه ليس كذلك بالنسبة لذوي الدخل الثابت الذين يشعرون يوميًا بوطأة تآكل القيمة الشرائية لعملتهم.
والبنك المركزي الذي يكتنز احتياطات من النقد الأجنبي تصل إلى 145 مليار دولار، أقدم على تثبيت سعر الفائدة عند ذروتها، إذ لا يرى هاجسًا أمامه سوى التضخم الذي يبلغ 62%، ويريد الهبوط به من عليائه إلى مستوى 38% بحلول ديسمبر المقبل وهي سياسة قد تعيد إلى الليرة بعض قدرها.
مخاوف من خفض أسعار الفائدة
و34 ليرة مقابل الدولار الواحد هي قيمة العملة راهنًا وهو واقع زاد قيمة الصادرات في النصف الأول من العام الحالي بـ2%، وصولًا إلى 125 مليار دولار.
كما ازداد تعداد السياح الأجانب 8% في الأشهر السبعة الأولى من العام، وصولًا إلى أكثر من 28 مليونًا، يمكن لأغلبهم الاستفادة من قوة عملة بلادهم أمام نظيرتها التركية في أثناء تجوالهم في أسواق اسطنبول التقليدية.
والبلد الذي يعاني من فاتورة ورادات الطاقة الباهظة، ومن تداعيات الحرب الروسية في أوكرانيا، ومن تبعات العدوان الإسرائيلي على غزة، تتأثر عملته كذلك بما تفرزه الانتخابات المحلية من نتائج. لا بل وأيضًا بهوية من يسكن البيت الأبيض. لذا فإن المواطن التركي مطالب بترقب كل هذه المعطيات إن أراد معرفة الطريق الذي ستسلكه الليرة.
وفي هذا السياق، قال مراسل التلفزيون العربي في اسطنبول عدنان جان إن قيمة الليرة التركية تواصل تدهورها أمام الدولار الأميركي. وهناك عدة أسباب أبرزها المخاوف من أن يقدم البنك المركزي التركي على خفض أسعار الفائدة خلال المرحلة القادمة، لا سيما مع التصريحات الرسمية لنائب الرئيس التركي جودت يلماز بأن معدلات التضخم قد تنخفض خلال الشهر المقبل.
وبالتالي هناك مخاوف من المستثمرين الأجانب وتحديدًا أولئك الذين ضخوا أموالهم في البنوك التركية والتي وصلت إلى 50%. وهؤلاء يتخوفون من خطوة البنك المركزي وبدأوا في سحب أموالهم الساخنة التي كانت قد دخلت تركيا خلال الفترة الماضية، وفق محللين.
كما أن هؤلاء، وفقًا لمراسلنا، لم يطمئنوا من تصريحات محافظ البنك المركزي بأنه سيُبقي أسعار الفائدة على حالها عند 50%.