الثلاثاء 17 Sep / September 2024

الهجمات الصاروخية تدفع متعاقدين أميركيين لمغادرة حقل غاز شمالي العراق

الهجمات الصاروخية تدفع متعاقدين أميركيين لمغادرة حقل غاز شمالي العراق

شارك القصة

تقرير يتناول الأزمة السياسية وتداعياتها الأمنية في العراق (الصورة: غيتي)
على خلفية ثلاث هجمات صاروخية آخرها في يونيو الفائت، تم تعليق مشروع توسعة حقل خور مور في نهاية يونيو/ حزيران.

دفعت هجمات صاروخية متكررة على حقل للغاز شمالي العراق المتعاقدين الأميركيين الذين يعملون في مشروع توسعة الحقل إلى حزم حقائبهم والرحيل، مما وجه ضربة لآمال المنطقة الكردية في زيادة إيراداتها وتقديم بديل صغير للغاز الروسي.

وفي ظل استقرار هش، يتكرر إطلاق الصواريخ في مناطق مختلفة وتدور اشتباكات كالتي وقعت يوم أمس واليوم في العاصمة بغداد على خلفية أزمة سياسية متفاقمة قبل أن يعود الهدوء بعد الظهر.

فقد عُلق مشروع توسعة حقل خور مور في نهاية يونيو/ حزيران بعد ثلاث هجمات صاروخية آخرها في يولية الفائت. وتدير هذا المشروع شركة "بيرل كونسورتيوم" التي تمتلك شركة دانة غاز أبوظبي ووحدة نفط الهلال التابعة لها الأغلبية فيها.

شركة "إكستران" غادرت حقل خور مور

وقالت مصادر في الصناعة ومن الحكومة الكردية إن عمالًا من شركة "إكستران" في تكساس عادوا الشهر الماضي لاستئناف العمل لكن صاروخين آخرين أصابا الموقع في 25 يوليو/ تموز، مما أجبر الشركة على المغادرة مرة أخرى دون تحديد موعد للعودة.

ويعد خور مور واحدًا من أكبر حقول الغاز في العراق، وتهدف الخطة الرامية لتوسعته إلى مضاعفة الإنتاج في منطقة في أمس الحاجة إلى مزيد من الغاز لتوليد الكهرباء ووضع حد للانقطاع شبه اليومي للتيار الكهربائي.

ورغم عدم وقوع أضرار جسيمة جراء الهجمات وعدم تعطل العمليات الحالية، لكن تم تعليق مشروع التوسعة إلى أن تنعم المنطقة بالأمن. 

ويتم تمويل المشروع جزئيًا من خلال اتفاقية بقيمة 250 مليون دولار مع شركة تمويل التنمية الدولية الأميركية.

وشركة "إكستران" هي الثالثة التي تعلق أعمالها منذ أن بدأت الهجمات في استهداف الحقل في 21 يونيو/ حزيران بعد أن أوقفت شركتا "هافاتك" و"بيلتك"، التركيتان العمل بالفعل.

أعباء تواجه الحكومة الكردية

وكانت الحكومة الكردية قد وقّعت في العام الماضي، عقدًا مع شركة "كار" المحلية للطاقة لبناء خط أنابيب من خور مور عبر العاصمة الإقليمية أربيل إلى مدينة دهوك بالقرب من الحدود التركية، وذلك بالتوازي مع خط أنابيب قائم بالفعل.

وقد تكلف التأخيرات حكومة إقليم كردستان المثقلة بالديون غرامة كبيرة وستعطل الخطط الكردية الرامية إلى تصدير الغاز.

وقال المصدر الحكومي لوكالة "رويترز" إنه إذا لم تكن البنية التحتية جاهزة بحلول مايو/ أيار 2023، وهو الموعد المحدد للاستلام أو الدفع، فسوف يتعين على الحكومة الكردية دفع 40 مليون دولار لشركة دانة غاز شهريًا إلى أن تصبح جاهزة.

وقال علي الصفار مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في وكالة الطاقة الدولية "الأكثر من ذلك هو الضرر الذي يلحق بالسمعة لأن التهديدات الأمنية المتزايدة تضيف بعدًا آخر من المخاطر التي يمكن أن تؤثر على تكلفة رأس المال والتأمين".

وتمتلك دانة غاز الحق في استغلال اثنين من أكبر حقول الغاز في العراق وهما خور مور وجمجمال اللذان ينتجان حوالي 450 مليون قدم مكعب من الغاز يوميًا. وتخطط الشركة لمضاعفة الإنتاج إلى ما يصل إلى مليار قدم مكعب يوميًا في السنوات القليلة المقبلة، وهو ما يكفي لتغطية الاحتياجات المحلية.

ويمكن أن يرتفع الإنتاج إلى 1.5 مليار قدم مكعب يوميًا، مع وجود 16 تريليون قدم مكعب من الاحتياطيات المؤكدة، مما يتيح كمية كبيرة للصادرات.

وتوفر "دانة غاز" حوالي 80% من المواد الخام للغاز في المنطقة، وفقا لمصدر في الصناعة.

ما علاقة إيران؟

ومع ذلك، فإن خطة المنطقة لتصدير الغاز قد تهدد مكانة إيران كمورد رئيس للغاز إلى العراق وتركيا في وقت ما زال اقتصادها يعاني من العقوبات الدولية.

وقال مسؤولون إن الحرس الثوري الإيراني أطلق في مارس/ آذار عشرات الصواريخ البالستية على أربيل في هجوم بدا أنه يستهدف خطط المنطقة لتزويد تركيا وأوروبا بالغاز.

وفي حين لم تعلن أي جماعة مسؤوليتها عن الهجمات الخمس على خور مور منذ يونيو/ حزيران، قال مسؤولون أكراد ودبلوماسيون ومصادر بالصناعة وخبراء في الطاقة "إنهم يعتقدون أن فصائل تدعمها إيران هي المسؤولة عن الهجمات".

لكن اثنين من الدبلوماسيين المقيمين في العراق قالا إنهما يعتقدان أن التنافس داخل الاتحاد الوطني الكردستاني، وهو الحزب الذي يسيطر على الأرض التي يقع فيها الحقل، أدى إلى انتقام طرف ما لاستبعاده من مشروع التوسعة.

لكن مسؤولًا في الاتحاد الوطني الكردستاني، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، نفى هذه الرواية للأحداث.

فراغ أمني

يقع حقل خور مور قرب منطقة عازلة بين الجيش العراقي والقوات الكردية ومجموعات مسلحة، وانطلقت منها أولى الهجمات الصاروخية.

وبسبب عدم الاتفاق على السيطرة على الأراضي، فإن ثمة مناطق لا يستطيع الجيش العراقي ولا القوات الكردية دخولها، مما يترك فراغًا أمنيًا يتيح للجماعات المسلحة حرية العمل. لكن الهجومين الأخيرين بصواريخ أكبر حجمًا انطلقا من مناطق أقرب إلى مدينة كركوك الخاضعة لسيطرة الحكومة الاتحادية.

وقال مسؤول كردي إن "خور مور يحتوي على الكثير من الإمكانات ويمكنه أن يساعد الأكراد. نتعرض للهجوم من جميع الجهات. المستقبل غير واضح تمامًا".

تحديات تواجه قطاع النفط

وتأتي الانتكاسة التي تعرضت لها الخطط المتعلقة بالغاز في وقت يعاني فيه قطاع النفط، شريان الحياة المالي للمنطقة، من مشاكل أيضًا.

وبدأت احتياطيات النفط في النضوب بأكثر من ضعف المتوسط العالمي، وأدى حكم المحكمة الاتحادية العليا في فبراير/ شباط، الذي اعتبر الأسس القانونية لقطاع النفط والغاز في إقليم كردستان غير دستورية، إلى إجبار بعض شركات النفط الأجنبية على المغادرة.

وقالت مصادر في الصناعة ومن الحكومة: "إن إكستران أوقفت العمل لأسباب أمنية وليس بسبب الحكم". 

ومن شأن أي تأخير إضافي في الاستثمار في القطاع أن يكون له تأثير كبير على حكومة إقليم كردستان، التي تواجه أزمة اقتصادية في منطقة تواجه بالفعل صعوبات نتيجة حالة عدم الاستقرار بالعراق.

وتبلغ ديون حكومة إقليم كردستان حاليًا حوالي 38 مليار دولار، وفقًا لما أعلنه مسؤول حكومي. وقال النائب كروان غازناي العضو في لجنة النفط والغاز بالمنطقة إن صادرات النفط تمثل 85% من ميزانية إقليم كردستان العراق.

وأجج التأخير في دفع رواتب القطاع العام وضعف الخدمات العامة والفساد إلى احتجاجات، اتسمت بالعنف في كثير من الأحيان، على مدى العامين الماضيين ضد الأحزاب السياسية التي تدير المنطقة.

كما تعد الصعوبات الاقتصادية المنتشرة بين الشباب الأكراد أحد العوامل الرئيسة التي تسببت بأزمة المهاجرين على الحدود بين روسيا البيضاء والاتحاد الأوروبي والتي بدأت عام 2021.

تابع القراءة
المصادر:
وكالات
Close