الأربعاء 2 أكتوبر / October 2024

من حلم الطيران إلى لعب كرة القدم.. هذه محطات رحلة الجوهرة السوداء بيليه

من حلم الطيران إلى لعب كرة القدم.. هذه محطات رحلة الجوهرة السوداء بيليه

شارك القصة

تقرير لـ"أنا العربي" يوجز أبرز تفاصيل رحلة لاعب القرن بيليه من اللعب بأحذية ممزقة إلى تربّعه على عرش كرة القدم (الصورة: رويترز)
منذ عقود طويلة يُعد بيليه أعظم اللاعبين في تاريخ كرة القدم، ويوصف بالعبقري الذي جعل اللعبة أكثر سحرًا ومتعة، وتحوّل إلى بطل قومي في نظر شعبه.

غيّب الموت أسطورة كرة القدم بيليه بعد معاناة مع المرض، دون أن يأتي على بريق جوهرة البرازيل الذي عُرف بألقاب كثيرة، منها الملك.

فمنذ عقود طويلة يُعد الرجل أعظم اللاعبين في تاريخ كرة القدم، ويوصف بالعبقري الذي جعل اللعبة أكثر سحرًا ومتعة، وتحوّل إلى بطل قومي في نظر شعبه.

طيار قبل تغير المسار

وُلد بيليه في مدينة تريس كاراكوس في البرازيل في 23 أكتوبر/ تشرين الأول عام 1940. 

عند مولده، حمل اسم إدسون أرانتيس دو ناسيمينتو، وأطلق عليه والداه الاسم تيمنًا بتوماس إديسون، العبقري الأميركي الذي اخترع المصباح الكهربائي. 

وبينما عُرف في العائلة بلقب "ديكو" كان لأصدقائه في المدرسة رأي آخر، حيث منحوه اسم "بيليه" لأنه كان يُخطئ في لفظ اسم حارس المرمى السابق لنادي فاسكو دا غاما المحلي "بيلي"، وكان ينطقه بيليه.

كان والده لاعبًا غير محترف ويمتلك بعض مهارات ابنه، لكنه لم يكن بنفس حظه. فقد سجّل وفق تقارير 5 أهداف بالرأس في مباراة واحدة، وهو إنجاز لم يتمكن بيليه نفسه من تكراره بالطريقة نفسها. 

مع ذلك، لم تكن كرة القدم ضمن مخططات بيليه في الصغر، إذ كان يحلم بأن يُصبح طيارًا قبل أن يُغير موقف واحد مسار حياته كاملًا.

كان ذلك في عام 1950، حين رأى بيليه ابن التاسعة والده يبكي بجانب المذياع، بسبب خسارة منتخب السيليساو في نهائي كأس العالم لصالح الأوروغواي.

قال عن تلك الحادثة إنه أُصيب "بالذهول"، لافتًا إلى أنها كانت المرة الأولى التي يشاهد فيها والده يبكي. ويروي أنه وعده بالفوز يومًا بكأس العالم من أجله.

على الإثر، شكل الطفل الذي اعتاد لعب الكرة بجوارب محشوة بالورق، لأنه لم يكن قادرًا على شراء كرة قدم، فريقًا مع رفاقه في الحي. 

يومها أطلقوا على الفريق اسم "فاقدي الأحذية"، ولجأوا إلى جمع الفول السوداني "المتساقط من العربات المتجولة" لبيعه عند مداخل دور السينما وخيام السيرك، من أجل تأمين الأموال لشراء القمصان.

"أعظم لاعب كرة قدم في العالم"

لاحقًا، جذبت مهارة بيليه عددًا من الأندية المحلية على رأسها نادي "باورو" الرياضي، الذي عرض عليه الانضمام إلى فريق الناشئين. 

كان المدرب حينها اللاعب السابق فالديمار دي بريتو، الذي اكتشفه وقدّمه لنادي سانتوس وأخبرهم أنه سيكون "أعظم لاعب كرة قدم في العالم".

عندما التحق بالنادي عام 1956 كان عمره لا يتجاوز 15 عامًا، وسرعان ما أصبح أساسيًا في الفريق حاملًا الرقم 10. 

وبينما سجّل 4 أهداف في أول مباراة له في الدوري في العام ذاته، لم ينتظر طويلًا ليفي بعهده لوالده بإهدائه ورفاقه، البرازيل الكأس الذهبية الأولى في تاريخها في مونديال عام 1958. وعُد أصغر فائز بكأس العالم على الإطلاق بعمر 17 عامًا.

توّج البرازيليون أبطالًا للعالم للمرة الثالثة في تاريخهم بقيادة بيليه عام 1970 - رويترز
توّج البرازيليون أبطالًا للعالم للمرة الثالثة في تاريخهم بقيادة بيليه عام 1970 - رويترز

عقب ذلك، عاد بيليه إلى فريقه سانتوس بعزيمة محارب. وفي حين كانت أندية مختلفة تتهافت لضمّه إلى صفوفها مثل الإنتر ميلان ويوفنتوس ومانشستر يونايتد وريال مدريد، أعلنت الحكومة البرازيلية أنه "كنز وطني" لمنع انتقاله إلى خارج البلاد.

وبين عامي 1961 و1965، قاد بيليه سانتوس إلى الفوز بالبطولة البرازيلية 5 مرات متتالية. وساعد الفريق في الفوز بـ25 لقبًا على مدى سنوات.

وعام 1961، سجل هدفًا في شباك نادي فلومينيزي يُعدّ أحد أعظم الأهداف في تاريخ كرة القدم، وصفّقت على إثره جماهير الفريقين للأسطورة لنحو دقيقتين. كما صُمّم لوح تذكاري احتفاء بالهدف.

إلى ذلك، يُسجل ضمن إنجازاته أنه ساهم بإيقاف نزيف حرب تسببت في مقتل أكثر من مليون شخص خلال الحرب الأهلية النيجيرية بين عامي 1967 و1970.

حينها توصلت الحكومة النيجيرية إلى هدنة مع القوات الانفصالية دامت 48 ساعة في عام 1969، وذلك لمتابعة مباراة جمعت بيليه وناديه سانتوس مع النسور النيجيرية في نيجيريا.

وفي العام ذاته، سجل بيليه هدفًا يحمل الرقم 1000 في مسيرته الكروية، ويُحتفل به في مدينة سانتوس البرازيلية سنويًا في 19 نوفمبر/ تشرين الثاني، الذي بات يُعرف بـ "يوم بيليه".

مسيرة استثنائية على الصعيد الدولي

إلى ذلك، حقق بيليه دوليًا مسيرة استثنائية في تاريخ كأس العالم. فعاد عام 1962 عاقدًا العزم على الحفاظ على اللقب، وهو ما تحقق، رغم أنه أُصيب بتمزق عضلي خلال المباراة الثانية أجبره على الجلوس في دكة البدلاء بقية المنافسة.

أما عام 1966، فقد شكلت الهزيمة المريرة في المونديال والخروج من الدور الأول صدمة بالنسبة له.

وفيما بدا أنه يستعّد للترجّل بعيدًا عن عرشه مفكرًا في الاعتزال على المستوى الدولي، إلا أنه تراجع عن قراره لتعزيز صفوف منتخب بلاده في مونديال عام 1970 في المكسيك. فتوّج البرازيليون أبطالًا للعالم للمرة الثالثة في تاريخهم بقيادته.

وفاز هو أيضًا بالكرة الذهبية في البطولة، وأنهى مسيرته في تاريخ كأس العالم بـ 12 هدفًا في 14 مباراة. كما اختير في العام ذاته باعتباره أشهر شخص على الكوكب.

وبانضمامه إلى نادي نيويورك كوزموس الأميركي عام 1975، ساهم في زيادة شعبية كرة القدم في أميركا، وأصبح نيويورك كوزموس أشهر النوادي الأميركية في العالم بفضله. 

كانت تلك آخر محطاته لاعبًا، قبل أن يعلن اعتزاله اللعب نهائيًا عام 1977، بعدما سجل 1281 هدفًا في 1363 مباراة لعبها، من ضمنها 77 هدفًا مع منتخب بلاده، وهو رقم قياسي ظل محافظًا عليه لسنوات قبل أن يُعادله نيمار في كأس العالم في قطر.

إلى ذلك، عُد الأسطورة ثاني شخص يُسجّل في أربع نسخ من كأس العالم، بعد لاعب ألمانيا الغربية أوفه زيلر، الذي سبقه إلى ذلك قبل 3 دقائق فقط. وكرر هذا الإنجاز لاحقًا، اللاعب الألماني ميروسلاف كلوزه، والبرتغالي كريستيانو رونالدو.

ويعتبر بيليه اللاعب الأكثر تسجيلًا للأهداف في عام واحد مع فريقه سانتوس. وبلغ عدد أهدافه الإجمالية مع الفريق 643 هدفًا في 656 مباراة رسمية. كما سجّل 5 أهداف في مباراة واحدة، بما لا يقل عن 6 مناسبات، كما سجّل 92 ثلاثية.

تابع القراءة
المصادر:
العربي
Close