حمّلت لجنة تحقيق معيّنة من قبل الأمم المتحدة، المنظمة الأممية والنظام السوري وجهات أخرى المسؤولية عن التأخير في وصول المساعدات الطارئة إلى السوريين بعد الزلزال الذي وقع الشهر الماضي.
واعتبر رئيس اللجنة باولو بينيرو أن حكومة النظام السوري والمجتمع الدولي بما فيه الأمم المتحدة أخفقوا في التوصل لاتفاق لوقف الأعمال القتالية، والسماح بعبور المساعدات المنقذة للحياة من خلال أي طريق ممكن.
كل ذلك، وفق بينيرو، جعل السوريين يشعرون بالخذلان تجاه من يفترض بهم تأمين الحماية لهم في أحلك الأوقات.
تراجع في عمليات الاستجابة الإنسانية
هذه الانتقادات أضافت سطرًا جديدًا لجملة من الانتقادات المتزايدة التي تتعرض لها الأمم المتحدة فيما يتعلق بدورها في أعقاب حصول الزلزال، والذي أسفر عن مقتل 6 آلاف شخص في سوريا، معظمهم في الشمال الغربي الذي تسيطر عليه المعارضة قرب الحدود التركية.
تلك المناطق شهدت الشق الأكبر من المعاناة الإنسانية بسبب تأخر وصول المساعدات الإغاثية، رغم تكرار التحذيرات الدولية من تسييس الكارثة.
#مباشر | إحاطة للجنة مكلفة من الأمم المتحدة للتحقيق بشأن #سوريا https://t.co/0zqpqeNHcC
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) March 13, 2023
في غضون ذلك، أعلن منسقو استجابة سوريا أن عدد الشاحنات الأممية المقدمة إلى شمال غربي سوريا عقب الزلزال بلغ 720، وكانت آخر دفعة منها قد وصلت وفق الفريق في الثالث من مارس/ آذار الجاري، أي أن المساعدات متوقفة منذ 10 أيام.
وحذّر الفريق من أن بعض القطاعات في المنطقة تشهد تراجعًا ملحوظًا في عمليات الاستجابة الإنسانية، أبرزها التأخر في حل مشكلة المأوى في المنطقة بشكل كامل مع ارتفاع أعداد النازحين من مراكز الإيواء والتجمعات العشوائية.
تسييس الملف
في هذا السياق، يؤكد نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة فرحان حق أن "المنظمة الأممية واجهت بعض المشاكل عقب الزلزال في شمال غربي سوريا، بسبب قطع الطرقات بالأنقاض والركام".
ويوضح حق، في حديث إلى "العربي" من نيويورك، "أننا خسرنا بسبب الزلزال أشخاصًا كنا نعتمد عليهم في عمليات إيصال المساعدات".
ويقول: "بعد 3 أيام من الزلزال، عندما تمكّنا من إزالة الأنقاض عن الطرقات، بدأت قوافلنا بالوصول وسيطرنا على الوضع".
بعد أسابيع من وقوع #الزلزال.. حجم الدمار بدأ يظهر في شمال غربي #سوريا تقرير: خالد الإدلبي pic.twitter.com/u9Kmvb5fop
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) March 4, 2023
ويضيف: "استخدمنا المعابر الحدودية لإيصال المزيد من المعونات، إضافة إلى اعتمادنا على طرق أخرى للوصول إلى الهدف ذاته".
وإذ يطالب جميع الأطراف "بعدم تسييس القضية لنتمكن من مساعدة الجميع"، يشدد على أنه "يجب تقدير حجم الكارثة، وإمكاناتنا ليست خارقة كما يظنها البعض".
وعن التعامل مع النظام السوري لإيصال المساعدات، يلفت حق إلى أن "الأمم المتحدة تعمل مع سلطات الأمر الواقع بهدف إيصال المساعدات".
وفي ما يخص تتبع المساعدات بعد وصولها إلى أيدي النظام، يقول حق: "نحن نرصد المعونات ونتحقق من أنها تذهب إلى من هم بحاجة إليها".
ويتابع قائلًا: "على حد علمنا، المساعدات وصلت إلى من يحتاج إليها، وسنستمر في تقديم المعونات ونحث الجميع على عدم تسييس هذه العملية".
المعابر الحدودية
من جهته، يوضح وزير المالية والاقتصاد في الحكومة السورية المؤقتة عبد الحكيم المصري أنه "منذ حصول الزلزال، أعلنت حكومتنا وجود عدة معابر حدودية مع تركيا مفتوحة، وبالتالي حجة أن الأنقاض منعت وصول المعونات الأممية غير صحيحة".
ويتساءل المصري، في حديث إلى "العربي" من عفرين: "ما دامت الطرق موجودة في المعابر الحدودية، لماذا يُفرض علينا الحصول على المساعدات من خلال النظام السوري؟".
ويشدد المصري على أن "الأمم المتحدة تدرك تمامًا أن النظام يأخذ أكثر من 65% من المساعدات عن طريق فرق سعر الصرف بين السوق والمصرف المركزي".
ويؤكد المصري على أنه "لا يجب على أي جهة أن تفرض على الشعب السوري أن يقبل المساعدات من النظام الذي هجّره".
محاسبة المسؤولين
بدوره، يوضح مدير الدفاع المدني السوري رائد الصالح أن "فرق الإنقاذ انتشرت في كل المناطق فور وقوع الزلزال، رغم ضعف الإمكانات والإمدادات".
ويشير الصالح، في حديث إلى "العربي" من غازي عنتاب، إلى أن "منظمة الخوذ البيضاء هي الوحيدة التي تستجيب للكوارث في شمال غربي سوريا، إلا أن الأمم المتحدة لم تدعمها طوال السنوات الماضية خوفًا من النظام السوري وروسيا".
وردًا على التحجج بأن الطريق إلى باب الهوى كان مقطوعًا، يقول الصالح: "هذا المسار كان مقطوعًا من أنطاكيا إلى المعبر، وليس من مستودعات الأمم المتحدة، وبالتالي هذا الطريق كان مفتوحًا".
ويشدد على أن "بعض المسؤولين في الأمم المتحدة لم يقوموا بواجباتهم تجاه الشعب السوري وتجب محاسبتهم على التصرفات المسيئة بحق المنظمة والشعب السوري".