تجدّدت الاشتباكات العنيفة اليوم السبت بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بالأسلحة الثقيلة والخفيفة في العاصمة الخرطوم.
واندلع القتال بين طرفي الصراع المستمر منذ منتصف أبريل/ نيسان الماضي، في مدينتي أم درمان غربي الخرطوم، وبحري شمالي العاصمة، باستخدام الأسلحة الثقيلة والخفيفة.
الجيش السوداني يصد هجومًا لقوات الدعم السريع
كما حلّق الطيران العسكري وسمع دوي المدافع وتصاعد ألسنة الدخان واللهب في سماء العاصمة.
وقالت مصادر عسكرية: إن قوات الاحتياطي المركزي صدت هجومًا واسعا نفذته "الدعم السريع" على مقرها جنوبي الخرطوم من 3 محاور بأكثر من 60 عربة مقاتلة.
وأشارت المصادر إلى أن قوات الاحتياطي المركزي أوقعت قتلى وجرحى في صفوف "الدعم السريع" يجري العمل على حصرهم.
وترعى السعودية والولايات المتحدة منذ 6 مايو/ أيار الماضي، محادثات بين الجيش وقوات الدعم السريع، أسفرت في 11 من الشهر ذاته عن أول اتفاق في جدة بين الجانبين للالتزام بحماية المدنيين، وإعلان أكثر من هدنة وقع خلالها خروقات وتبادل للاتهامات بين الجانبين، ما دفع الرياض وواشنطن لتعليق المفاوضات.
ويتبادل الطرفان السودانيان اتهامات ببدء القتال أولًا وارتكاب خروقات خلال سلسلة هدنات لم تفلح في وضع نهاية للاشتباكات التي خلَّفت مئات القتلى وآلاف الجرحى بين المدنيين، إضافة إلى موجة جديدة من النزوح واللجوء في إحدى أفقر دول العالم.
دعوة أممية لوقف أعمال القتل بالجنينة
في غضون ذلك، دعت الأمم المتحدة إلى "تحرك فوري"، اليوم السبت، لوضع حد لعمليات القتل التي تستهدف أشخاصًا فارين من الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور، على أيدي ميليشيات عربية تؤازرها قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي".
وكتب مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان في بيان: "نشعر بقلق بالغ من استمرار عمليات القتل العشوائي هذه وندعو إلى اتخاذ إجراءات فورية لوضع حد لها".
وتابع البيان: "يجب ضمان ممر آمن للأشخاص الفارين من الجنينة والسماح للوكالات الإنسانية بالوصول إلى المنطقة لاستعادة جثث القتلى".
منظمة الصحة العالمية تؤكد توقف ثلثي مرافق الرعاية الصحية عن العمل في #السودان بسبب تواصل الاشتباكات 👇 تقرير: بهية مارديني pic.twitter.com/tRLHd5ScF6
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) June 22, 2023
وتلقت المفوضية العليا هذه المعلومات من خلال مقابلات أجريت مع لاجئين فروا من الجنينة والمنطقة المحيطة بها إلى تشاد المجاورة.
وتفيد "هذه المعلومات المتطابقة" أن رجال قبيلة المساليت مستهدفون بشكل خاص في عمليات القتل.
جرائم قتل
وقالت المفوضية العليا: إن "من بين 16 شخصًا تمكنا من مقابلتهم حتى الآن، قال 14 شخصًا إنهم شهدوا عمليات إعدام بإجراءات موجزة واستهداف مجموعات من المدنيين على الطريق بين الجنينة والحدود - سواء بإطلاق النار مباشرة على أشخاص أمروا بالاستلقاء على الأرض أو إطلاق النار على مجموعة من الناس".
وتتعلق الشهادات بجرائم قتل وقعت يومي 15 و16 من الشهر الجاري، وكذلك الأسبوع الماضي.
وأفاد تقرير للأمم المتحدة في وقت سابق من هذا الأسبوع بأن 1100 شخص قُتلوا في مدينة الجنينة وحدها.
ولفتت المفوضية بالقول: "نفهم أن أعمال القتل وأعمال العنف الأخرى مستمرة ويصاحبها خطاب كراهية مستمر ضد مجتمع المساليت، بما في ذلك دعوات إلى قتلهم وطردهم من السودان".
وطلبت المفوضية السامية لحقوق الإنسان من قادة قوات الدعم السريع إلى "الإدانة الفورية والصريحة لقتل الأشخاص الفارين من الجنينة ووقف أعمال العنف الأخرى وخطاب الكراهية ضدهم على أساس انتمائهم العرقي".
كما طالبت المفوضية بمحاسبة المسؤولين عن أعمال القتل وأعمال العنف الأخرى وقالت إن الجنينة صارت غير صالحة للعيش بعد تدمير مرافق البنية التحتية الأساسية في حين ما زال إيصال المساعدات الإنسانية متعذرًا
وحثت المفوضية إلى المبادرة "على الفور لإنشاء ممر إنساني بين تشاد والجنينة، وممر آمن للمدنيين إلى خارج المناطق المتضررة من المعارك".
ودعت كذلك المفوضية السامية لحقوق الإنسان إلى المبادرة "على الفور لإنشاء ممر إنساني بين تشاد والجنينة، وممر آمن للمدنيين إلى خارج المناطق المتضررة من المعارك".
وكان المجتمع الدولي تعهّد خلال اجتماع عقد في جنيف، الإثنين الماضي بتقديم 1،5 مليار دولار من المساعدات، وهو نصف ما تحتاجه المنظمات الإنسانية وفقًا لتقديراتها الميدانية.
وبينما تواصل وساطات إقليمية ودولية محاولات التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، شرّدت الحرب المستعرة أكثر من 2,5 مليون سوداني، بين نازح ولاجئ، ولاسيّما في دارفور، بحسب ما قالت الأمم المتّحدة.
ويعتمد 25 مليون شخص، أي أكثر من نصف سكّان السودان، على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة في بلد يغرق في الدمار والعنف بسرعة "غير مسبوقة"، وفق تعبير الأمم المتّحدة.