يعتبر العراق من أكثر المناطق تلوثًا بالألغام والمخلفات الحربية على مدى أربعة عقود من حروب ونزاعات، مما يهدد أرواح العديد من المدنيين في البلد ويتسبب بوقوع أعداد كبيرة من الخسائر بين قتلى وجرحى خصوصًا في مناطق مدينة البصرة.
ووفق مختصين بإزالة الألغام، فإن أكثر من 1.6 مليار متر مربعٍ في محافظة البصرة تلوثت بالألغام والمخلفات الحربية، في حين تنعدم القوانين المتعلقة بالألغام، كما تعيق بعض التضاريس استخدام الآليات المخصصة لإزالتها.
في هذا السياق، يناشد مدير منظمة البصرة لإزالة الألغام أزهر عبد الحسين حمود المعنين، لتخصيص الأموال اللازمة والقوانين التي تسهل عمل الفرق والشركات العاملة في هذا المجال.
ويضيف: "ليس من الممكن أن تأتي منظمة وتقدم عملًا بالبصرة بمنحة، في المقابل يأخذون منها ضريبة جمرك على أي مادة تستوردها بغرض إنساني".
ضحايا أبرياء
ولا تكمن خطورة الألغام في جهل أماكن زراعتها فقط، لكن أيضا في وجود مساكن قربها وضعف الجهود الحكومية لرفعها وهو ما يسبب وقوع حوادث وانفجارات قاتلة، تحصد أرواح الأبرياء.
فلم يكن المواطن العراقي رائد نعمة التميمي يعلم أن طفلته على موعدٍ مع إصابةٍ بالغة نتيجة انفجار لغمٍ أرضي عليها، أدى إلى فقدانها للبصر، وبترٍ في ساقها وأصابع يديها، وحروقٍ في وجهها.
ويقطن رائد في بيت يقع قريبًا من الحدود العراقية الإيرانية، في منطقةٍ كانت مسرحًا للعمليات العسكرية في الحرب العراقية الإيرانية.
ويروي التميمي أنه في ذلك اليوم سمع دوي انفجار، فسارع لمعرفة ما يحدث ظنًا منه أن اللغم أصاب أحد أطفال جيرانه، ليصدم عند وصوله برؤية ابنته مضرجة بالدماء أمام عينه.
تلوث مساحات كبيرة
هذا وتسجل عشرات الإصابات بانفجار الألغام على المواطنين والمواشي سنويًا في قضاء شطّ العرب، بسبب تجريف التربة والعبث بحقول الألغام وتوغّل الأهالي للسكن في تلك المنطقة.
ويشرح حيدر طعمة العبادي قائم مقام قضاء شط العرب، أن أغلب الحوادث المسجلة في المنطقة تحدث بسبب الرعي أو "الحركة غير المحسوبة"، وعودة بعض الأهالي إلى مناطقهم التي شهدت معارك كبيرة.
ويردف: "مع الأسف نسجل بين الحين والآخر ضحايا وإصابات جديدة".
أما الشركات العاملة في إزالة الألغام والمقذوفات غير المنفجرة، فترى أن المشكلة الأساسية التي تؤخّر رفع الألغام في المنطقة هي المساحة الكبيرة التي تمتد على طول الحدود الشرقية، من البصرة حتى محافظة ديالى شمالًا.