تواترت خلال الأسبوع الحالي، الهجمات على الأهداف المدنية في العراق، بينما تستعدّ البلاد لتشكيل حكومة جديدة في أعقاب الانتخابات التي أُجريت العام الماضي.
وبدأت الهجمات، صباح الخميس، عندما ألقى رجال يستقلون دراجات نارية قنابل يدوية على مكتب "الحزب الديمقراطي الكردستاني" في بغداد. وقال مسؤولون إن باب المكتب تحطّم وتحطمت نوافذه لكن الهجوم لم يسفر عن سقوط ضحايا.
كما أفاد مراسل "العربي" بأن انفجارًا بعبوة ناسفة استهدف مقر حزب "تقدم" الذي يتزعمه رئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي في بغداد، مما أدى إلى إصابة حارسين اثنين على الأقل.
كما أشار إلى أن انفجارًا مماثلًا استهدف بعد ساعات مقر تحالف "عزم" في منطقة اليرموك في العاصمة بغداد، وهو حزب يقوده السياسي العراقي خميس الخنجر.
بدورها، أعلنت خلية الإعلام الأمني العراقية، الخميس، إصابة طفلة وامرأة بجروح، إثر سقوط عدد من الصواريخ على المنطقة الخضراء وسط العاصمة بغداد.
تحوّل في الأهداف
ورأت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية أن هذه الهجمات تشكّل تحوّلًا في أهداف الميليشيات، وتُهدّد بتصاعد موجة جديدة من العنف في العراق.
وذكرت الصحيفة أن الميليشيات المدعومة من إيران تقاتل لإعادة تأكيد نفوذها في البلاد بعد تعرضها لانتكاسة في الانتخابات العام الماضي، لصالح التيار الصدري الذي يتزعمه رجل الدين البارز مقتدى الصدر.
وتعهّد الصدر، مرارًا وتكرارًا بتشكيل حكومة أغلبية وطنية، مما يُهدّد باستبعاد الميليشيات المدعومة من طهران في الحكومة.
وقالت الباحثة في "مجموعة الأزمات الدولية" لهيب هيغل: إن هذه الهجمات "طريقة للضغط على الصدر، وتذكيره بأن هناك خطر اندلاع أعمال عنف، في حال لم يتم ضم هذه الميليشيات إلى الحكومة الجديدة".
وأضافت هيغل أن العراق "لم يشهد هذا النوع من الانقسام في البيت الشيعي من قبل".
موجة عنف جديدة
واعتبر سياسيون ومحلّلون عراقيون أن استبعاد المعسكر الإيراني من الحكومة يهدّد بموجة عنف جديدة.
وفي هذا الإطار، قال أحمد يونس، الخبير القانوني في الشؤون الدستورية والمحلل السياسي، لوكالة رويترز، إن "الصدريون ماضون نحو تشكيل حكومة أغلبية (وطنية)، بينما ترى الأطراف الرافضة أن هذا المشروع يهدّد بقاء الأغلبية السياسية للشيعة مستقبلًا".
وأكد أن الميليشيات ستفعل كل ما بوسعها لتجنّب فقدان سيطرتها السياسية.
وقال مسؤول في الحكومة العراقية، طلب ألا ينشر اسمه لوكالة رويترز، إنه يتوقع أن يستخدم أعضاء المعسكر الإيراني التهديد بالعنف للحصول على مناصب في الحكومة، لكنهم لن يصعدوا العنف إلى صراع شامل مع الصدر.
"مقامرة خطيرة"
ومع ذلك، يقول آخرون إن إصرار الصدر على تهميش الأحزاب والميليشيات المتحالفة مع إيران قد يكون "مقامرة خطيرة".
في المقابل، قال إبراهيم محمد، القيادي في "تحالف الفتح" المتحالف مع إيران لوكالة "رويترز": "الاستمرار بهذا المشروع من قبل الصدريين والمتمثل باستبعاد قوى شيعية مؤثرة في تشكيل الحكومة المقبلة وتهميشهم سيؤدي إلى حصول ردود أفعال مختلفة تتمثّل بالمقاطعة السياسية والاحتجاجات الشعبية، ويُمكن أن تصل إلى أعمال عنف مسلح".
وردًا على ذلك، قال سياسي من التيار الصدري، طلب عدم نشر اسمه بناء على أوامر من حزبه لوكالة رويترز: "نحن أقوياء، ولدينا زعيم قوي، وملايين من الأتباع مستعدون للنزول إلى الشوارع والتضحية بأنفسهم".
وإزاء هذه التهديدات، سأل البروفيسور توبي دودج من كلية لندن للاقتصاد: "هل يدرك مقتدى الصدر مدى احتمال زعزعة هذا الاستقرار وهل هو مستعدّ للردّ بعنف؟. إنها لحظة مخيفة".
تأليف الحكومة ساحة تنافر
ويُشكّل تأليف الحكومة العراقية الجديدة وتسمية وزرائها، ساحة من ساحات التنافر بين التيار الصدري والإطار التنسيقي الذي يترأسه هادي العامري زعيم تحالف "الفتح"، والذي يُحاول إقناع الصدر بأن يكونوا شركاء في الحكومة، وهذا يعني الذهاب للحكومة التوافقية التي لا يريدها الصدر.
وأشار الباحث السياسي طالب الأحمد، في حديث إلى "العربي"، إلى أن "التيار الصدري" يرغب بأن يكون مصطفى الكاظمي الرئيس المقبل للحكومة مجددًا.
وأضاف أن خطاب التيار الصدري المطروح يتلاءم مع رغبات العراقيين، لكن المطلوب هو التوصل إلى تسويات لاختيار رئيسي الجمهورية والوزراء.